الصادق الرزيقي

عقدة علاقتنا مع مصر ..


> يا ترى هل تجد الإجابات السياسية الحكيمة والمتعقلة والمتوازنة الصريحة، للسيد رئيس الجمهورية في حواراته الصحافية والإعلامية على الأسئلة المتعلقة بقضية حلايب والعلاقة مع مصر، وآخرها حديثه لصحيفة (الشرق الأوسط) في عددها الصادر أمس السبت 29 أكتوبر 2016، هل ستجد أذناً صاغية وتعاملاً متعقِّلاً من جارتنا في شمال الوادي؟ .. > فالسيد الرئيس كان واضحاً بما يكفي ليفهم الجميع مواقف السودان المبدئية والحاسمة خاصة في ما يتعلق بقضية حلايب التي وصفها بأنها عقدة تنتظر حلاً، وهذه العقدة مستمرة منذ فبراير 1958 حتى اليوم، ويجدد فيها السودان مواقفه وشكواه أمام المنظمات الدولية، بينما تسعى مصر إلى تكريس واقع احتلال حلايب (بتمصيرها).. > وفي ذات الاتجاه كانت إجابات البشير حول مياه النيل وسد النهضة واتفاقية مياه النيل وحصة السودان وفائضها الذي يذهب لمصر، تكشف حقائق يجب أن تتعامل معها القاهرة بجدية. فما يُقال في الاجتماعات قطعا ًأكثر بكثير من الذي قاله السيد الرئيس للصحيفة الأوسع انتشاراً في العالم العربي، وليت الرأي العام المصري ووسائل الإعلام المصري التي تهاجم السودان بسبب وبدون سبب، تنتبه وبقوة للواقع حولها وتتناول وتتعاطى مع قضايا الخلافات السودانية المصرية بروح جادة ومسؤولية مشتركة وفق التقديرات التي ذكرها البشير وفصَّل فيها وأهمها ما يتعلق بالوضع في الوطن العربي ومحاولات ابتلاع دولة وتمزيقها وتفتيتها . > وهنا لابد من الإشارة الى نقطة مهمة، فلو تعامل السودان بردة فعل مع القاهرة وهو يستطيع ذلك، سواء في ملفات مياه النيل أو التعامل بالمثل في احتضان وإيواء الجماعات المعارضة كما تفعل مصر مع السودان دون أدنى تقدير أو احترام لمواقف السودان الداعمة للأمن القومي المصري، فما الذي كان سيحدث؟!! > ففي الوقت الذي ظل السودان يحمي ظهر مصر ويتعامل بحزم وحسم مع أي مهدد لها أو خطر يترصدها، تفعل القاهرة العكس تماماً. فكل فصائل المعارضة السودانية والحركات المتمردة التي تحمل السلاح وتقاتل في دارفور والمنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق) ، لديها وجود ومكاتب رسمية وأنشطة معلنة تهدد الاستقرار والسلام في السودان، ويمارس المعارضون السودانيون بكل حرية نشاطهم المعادي للحكم في السودان، ولم تنفع او تجدي فتيلاً اللقاءات الرسمية للجهات المعنية في البلدين لطي هذا الملف. > ويستشف من وراء السطور في حديث السيد رئيس الجمهورية، أن الخطى متباعدة في بعض الملفات، وتكاد تكون رؤية السودان للقضايا العربية أو مسألة مياه النيل أو الموضوعات المتعلقة بالملف الأمني وإيواء المعارضين السودانيين، مغايرة تماما ًللرؤية المصرية، وليت إخوتنا المصريين تعاملوا مع ملفات مهمة مثل سد النهضة بالطريقة العلمية الدقيقة التي طرق عليها البشير وشرحها شرحاً مقنعاً لكل ذي بصر وبصيرة حول فوائد سد النهضة ومضاره وكيفية التعامل مع الخلاف حول المتبقيات من ملفه وأهما كيفية ملء البحيرة وإدارة وتشغيل السد والاستفادة الجماعية لدولتي الممر والمصب ودولة المنبع من تدفقات مياه النيل الأزرق . > وليت الإخوة في مصر وجدوا فرصاً للتفكير العميق في أوضاع المنطقة، فليس من مصلحة القاهرة في مثل هذه الظروف توسيع دائرة خلافاتها الإقليمية، ولن تربح شيئا ًإذا ضعفت علاقتها مع السودان أو دول حوض النيل باستمرار النهج الحالي في إدارة علاقتها مع الخرطوم وجوارها الإفريقي، عربياً هناك حالة من فقدان التوازن والتيه ضربت كل أركان النظام السياسي العربي وكرَّست لانقسامات وخلافات ستكون مدمرة للجسد العربي من محيطه الى خليجه وتضاءلت فرص اللقاء والاستفادة من أي تضامن واتحاد عربي كما كان في السابق . > ما يهمنا في حديث السيد الرئيس نحن كسودانيين، هي المبررات التي عددها وبرر بها كيفية التعامل السوداني مع قضية حلايب وعدم اللجوء للتصعيد، فلو فهم الإخوة في مصر هذا الحديث ووضعوه في مكانه الصحيح، لعرفوا الى أي حد كان السودان حريصاً على مصر، فلو أراد تعقيد الأمور وتصعيدها وخلق مشكلة تستقطب أطرافاً دولية طامعة ومتحفزة وتحشر أنوفاً كثيرة .. لفعل، لكنه آثر التعامل الكريم والحكيم في حق من حقوقه وجزء أصيل من ترابه. فكما غنت أم كلثوم (للصبر حدود) ..فلصبر السودانيين حدود ولن تكون قضية حلايب في يوم من الأيام مرهونة ومؤجلة بسبب الأوضاع العربية وما تتعرض له المنطقة من استهداف، فهذا حق لن يضيع ..

الانتباهة


تعليق واحد