الطاهر ساتي

إلى متى …« نمد القرعة » ..؟


[ALIGN=JUSTIFY][ALIGN=CENTER]إلى متى …« نمد القرعة » ..؟[/ALIGN] ** كما أن تجار السلاح يزعجهم السلام ، فان الرخاء أيضا يزعج تجار المنظمات ..هكذا دنيا الناس يا صديقي القارئ ..حيث تدور تروس عجلاتها كما تشتهي مصالح التجار .. ويخطئ من يظن بأن حروب الدنيا وكوارثها تحدثها الصدف فقط أو سوء تقدير الساسة فحسب .. لا ، هى ليست كذلك .. وراء كل حرب شركة أو شركات سلاح يجب أن تصنع وتبيع وتربح ، وكذلك وراء كل نازح أو نازحة منظمة يجب أن يعيش العاملون عليها ثم المصانع التى تنتج وتبيع لها وتربح منها .. وهكذا العالم ، يديره التجار ، تجار سلاح ، تجار غذاء ، تجار كساء ، تجار دين ، تجار وطن ، تجار دواء و..و… وما الساسة ، فى كل زمان ومكان ، إلا أفندية تحت أمر تلك الشركات والمنظمات والجهات ذات المصالح الكبرى والأيدى ..« اللاحقة » ..!!
** قل : ان كل حروبات الدنيا توقفت وحل محلها السلام ، وقل :ان كل نازح في الكون عاد إلى دياره منتجا .. بكم تقدر أعداد الذين يتضررون من عالم كهذا ..؟.. أي ، كم الذين تخسر مصالحهم حين يتحول عالمنا هذا إلي « مدينة فاضلة » .. ؟..هذا الكم ، ولو كان قليلا ، هو الذي يحكم العالم ..فدع عنك الرئيس ، الملك ، الأمير وغيره الذي يترآى لك بانه يصنع الحدث ، دع عنك كل هؤلاء ، وحدق فقط فى ذاك الكم الرافض للمدينة الفاضلة و الذي يزعجه سلام العالم ويرهبه رخاء البشرية ، ستكتشف بكل يسر أنهم « أس البلاء » و « أصل المحن » …!!
** رقم جاء على لسان اوكامبو فى مؤتمره الصحفي بعد إعلان القضاة قرارهم .. قال نصا : يجب أن يتوقف الموت فى دارفور ، هناك 5 آلاف يموتون شهريا ، يجب أن نتحرك لإيقاف هذه الكارثة .. هكذا تحدث نصا ، موثق لمن لم يتابع جيدا .. نعم يجب أن يتوقف الموت فى دارفور وكل مكان فى السودان والعالم ، لا خلاف فى ذلك ، ونعم يجب أن يتحرك الكل ، محليا واقليميا وعالميا ، لإيقاف تلك الكارثة وكل كوارث الدنيا والعالمين ، لا خلاف في ذلك أيضا ، ولكن هل صدقا يموت خمسة آلاف مواطن شهريا فى دارفور ..؟.. أي إنسان عاقل يقدر الكثافة السكانية لدارفور والسودان يجب أن يقف عند هذا الرقم « 5 آلاف شهريا » .. خمسة آلاف شهريا يعنى ستين الف سنويا .. وعليه ، وفق إحصاء أوكامبو كل أهل دارفور وأقاليم السودان فى أعداد الموتى منذ بداية الأزمة ، ما عدا سكان مجلس الوزراء و حكومة الجنوب والبرلمان والولاة ومجالسهم التشريعية ..هكذا الحال فى السودان أو أوكامبو يكذب على العالم ..وعلى القارئ أن يختار إن كان سيادته مرحوما أو ..« المدعى العام كذابا » ..!!
** المهم .. القانوني يجب أن يكون دقيقا فى حديثه ، ودقيقا فى البحث عن المعلومة ، حتى لايبدو ساذجا وهو يتفوه بتلك الأرقام أمام فضائيات الدنيا والعالمين ، ناسيا أن للناس عقولا وأن العالم قرية ، والذي لايصدق فى الإحصاء الضحايا كيف يصدق فى التحري ..؟..سؤال مشروع ولا ينفى أن هناك ضحايا فى دارفور ولكن يجب على القانونى أن يكون ملما بال « كم » ولا يطلق أي كم كأي سياسي ، فالساسة طبعا لا يتوانون فى إطلاق الأرقام حسب مايقتضي الحال السياسي ، أما القانونى فلا .. وهنا لأي أحد حق السؤال : من أين جاء المدعي العام بهذا الإحصاء « 5 آلاف شهريا » ..؟..الإجابة بكل وضوح : جاء بها من دفاتر المنظمات العاملة فى مجال العون الإنسانى .. هذه المنظمات ليست كلها إنسانية ، بل فيها التجارية أيضا التى تتكسب باسم النازح .. تأمل هذه الإحصائية الرسمية للمنظمات العاملة فى بلد عدد النازحين من جراء أزمة دارفور يقدر بمليون نازح حسب إحصاء الحكومة ومليونى نازح حسب احصاء المنظمات ، وأيا كان الإحصاء ، تأمل عدد المنظمات .. «218 منظمة غربية ،،، 48 منظمة عربية ،،، 2600 منظمة سودانية » .. إحداها بعد طردها قالت : المتضررون من طردى « 800.000 نازح » .. أى ، بالحساب البسيط ، نصف النازحين تضرروا بطرد منظمة واحدة من جملة « 2850 منظمة » .. أو هكذا رقمها ، لا يختلف كثيرا عن « رقم المدعى العام » ..دع كل هذا ، واليك المختصر ..!!
** بالمختصر ..فى إطار المعالجة الشاملة لأزمة دارفور والتى منها إحلال السلام وإعادة النازحين الى ديارهم ، يجب تقوية المنظمات الوطنية بحيث تحل – حاليا ومستقبلا – محل كل المنظمات الأجنبية ، وليست فقط محل تلك الـ « 13 » .. فالبلاد التى تسرح فيها المنظمات الأجنبية وتمرح فيها القوات الأجنبية لا تنهض أبدا ولا تكتفي ذاتيا مدى الحياة ، تظل كسولة وقابعة فى جحر الضعفاء ، تترقب سفن الإغاثة و« مكرمة المانحين » ..من هذه الزاوية فقط أنظر لقضية المنظمات الأجنبية المثارة حاليا ، من زاوية : الى متى تصبح اليد السودانية هى « السفلى » ..؟؟..والى متى يقف هذا الوطن مادا للآخرين « قرعته » ..؟؟.. متى نعيش بسلام و« نقسم اللقمة بيناتنا » ..؟.. أو هكذا يجب أن يكون السؤال شاملا ، ليجد حلا شاملا .. هذا إن كنتم ، شعبا وحكومة ومعارضة ، ترغبون فى إمتلاك نواصي ..« العزة والكرامة » ..!!
إليكم – الصحافة الاحد 08/03/2009 .العدد 5637 [/ALIGN]