مقالات متنوعة

رومانسية بلال


* من أكبر مشكلات وكوارث السودان، وجود مسؤولين لا علاقة بينهم وبين المسؤولية، ينسون خلفياتهم التاريخية ، فاقدين لأبسط قواعد الإتيكيت السياسي، يسعون لإحداث فرقعات إعلامية لإثبات وجودهم، ولكنهم في الواقع يذكَرون الناس بفشلهم الكبير، ومؤكدين علي المقولة الراسخة :(الأواني الفارغة عادة ما تحدث ضجيجا).
* أحمد بلال عثمان، وزير الإعلام والناطق الرسمي بإسم الحكومة يتبرع بتصريحات يقدم فيها خدمات للنظام وإن أراد التراجع إلى الوراء لايتركه في حين أن الشعارات التي يرفعها حزبه عكس ذلك.
* فقد قطع سيادته (لا فض فوه) مشكورا مأجورا بأن الحكومة لن تسمح قط بإقامة نشاط سياسي وندوات للأحزاب في الساحات والأماكن العامة تدعو للتظاهر وإسقاط النظام، واصفاً من يدعون لقصر نشاط جهاز الأمن والمخابرات على جمع المعلومات فقط بأنهم أصحاب تفكير رومانسي وقاصر.
* بلال الذي تنحدر أصوله السياسية من الحزب الإتحادي الديمقراطي الختمي، نسي أن خلفيته حزبية، وبهذه الخلفية الحزبية هو موجود الآن، أي انه لم يتواجد ضمن تشكيلة حكومة (تكنوقراط).

* ونسي أن وجوده في هذه الحكومة مؤقت وليس دائم، وأن الحكومة نفسها مؤقتة وليست دائمة وحتي النظام نفسه.
* الدكتور المبجل نسي أو تناسي أنه يهاجم الأحزاب التي جاء منها وسيعود إليها(إن رغب طبعاً)، وإن طاب له المقام مع الحزب الحاكم فليهنأ بالإقامة، ولم يضع في حساباته أنه مع أول تغيير في الحكومة الجديدة ستتم الإطاحة به، وهو الحديث المتداول بقوة حاليا.
* والسؤال الذي يلح بقوة ، كيف يتحدث وزير بهذا الأسلوب الإستعلائي الديكتاتوري وهو الذي يفترض أنه لسان الحكومة الناطق، ولكن عندما تشخص أبصارنا وتشتعل عقولنا بحثاً عن الحكومة التي يمثلها ويتحدث بإسمها أحمد بلال عثمان، تستحضرنا مقولة(وافق شنَ طبقة)، ومؤكد أننا سنجد له العذر بعد أن تسرب الهلع إلى نفسه من الهبَة المتوقعة من الشعب والتي ستقتلعه حتماً لتجعله وزيراً (من الأمس) ليعود مواطناً عادياً يحمل قفة الملاح وهو يلعن أبو خاش الحكومة التي حررت الأسعار وأعلنت الفوضى، وجعلت السماسرة يتاجرون في مصائر المواطنين (كما يحدث حالياً).
* ربما فشل بلال في إدارة ملف الإعلام جعله يصر إصراراً غريباً على فرض وجوده علي الساحة الإعلامية ولو على حساب المواطن، وهو الحديث البائس الفاقد للكياسة واللياقة السياسية.

* من الممكن أن يمنع بلال وحكومته الأحزاب من ممارسة نشاطها السياسي في الساحات والميادين، ولكنهما بالتأكيد لن يمنع المواطنين من رفض السياسات الفاشلة التي قصمت ظهرهم وستجبرهم للخروج للساحات والميادين العامة رغم التهديدات القمعية.
* التفكير القاصر والرومانسية التي تحدث عنها الوزير الختمي هي ملك خاص وحكر للحكومة والمواطن غير معني بها بأي حال، فالتفكير القاصر هو إصرار وزير على قمع المواطنين وإسكات أصواتهم، وتحجيم دور الأحزاب ناسياً أو غير مدرك أن العالم أصبح عبارة عن غرفة صغيرة تتحكم فيها معاهدات ومواثيق صادقت عليها حكومته، وهي ذاتها المعاهدات التي ستجبره وحكومته على تقديم الكثير من التنازلات التي ستأتي في صالح المواطن.
* الرومانسية التي يعيشها بلال هي ثقته المفرطة في نفسه وفي ثباته على كرسي الوزارة، وثبات حكومته في ذات وضعها الحالي وعدم استجابتها لصوت العقل والمنطق بإتخاذ قرارات إيجابية لإعادة صياغة سودان جديد خالٍ من الفساد والفاسدين والأرزقية والمنتفعين.
* الشعب عندما يود الخروج للساحات والميادين لن ينتظر أخذ الإذن من (الألفة) بلال أو حكومته، هذا ما لزم توضيحه للوزير المنفعل.

بلا حدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة