تحقيقات وتقارير

سخرية السياسيين.. تحطيم معنويات الخصوم


تداولت مواقع التواصل الاجتماعي، أمس الأول التعليق الساخر الذي أطلقه القيادي البارز بالمؤتمر الوطني د. أمين حسن عمر، عندما سألته مذيعة الشروق الزميلة المتميزة لينا يعقوب عن ترتيباتهم لاستقبال رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي.. لم يبحث أمين كعادته في بسط إجابة ساخرة على مائدة اللقاء فقال: يعني نغني ليه طلع البدر علينا.
ولعل أمين أحد أبرز السياسيين الذين يجيدون إطلاق التصريحات الساخرة، خاصة في وجه الخصوم السياسيين. ومواقف سياسية كثيرة تشكلت على عبارات ساخرة

نوع جديد
التصريحات الساخرة ضرب من ضروب تعاطي السياسيين مع المشهد السياسي، وهم يحاولون بذلك الحاق أكبر قدر من الخسائر النفسية، ودك معنويات غرمائهم السياسيين، ونلحظ ذلك خاصة بين طرفي أحزاب الحكومة والمعارضة.. لكن الملاحظ في السنوات الأخيرة تنامي الظاهرة بشكل ملحوظ والتي قوبلت بانتقادات من بعض كتاب الرأي في الصحافة ومواقع التواصل.
لكن د. أمين ساخر حتى لو كان الأمر لا علاقة له بالحركة الشعبية، بل وإن كان على الصعيد الشخصي، وقد سبق أن أجريت معه (دردشة) رمضانية وسألته عن هندامه وعدم ترتيبه لتصفيفة شعره، وأكد أن حاله (كدة عاجبو)، رغم احتجاجات زوجته واصفاً نفسه بـ (الزول الفقري).

نافع الأبرز
لكن القيادي بالوطني، مساعد الرئيس السابق د. نافع علي نافع يكاد يكون (فقري)، أكثر من د. أمين، في نظر المعارضة.. ويحتل المرتبة الأولى في السخرية من الآخر وبشكل لافت أي أن تصريحات الرجل عندما كان في كامل سطوته، كانت تتصدر عناوين الصحف وهو أكثر السياسيين إثراء للمشهد السياسي بالتندر من مخالفيه الرأي.. كما أنه بارع في اختيار الكلمات التي تصيب المعارضة في مقتل.. ولعل نافع هو من رسخ للعبارة ذائعة الصيت (لحس الكوع) .. وكثيراً ماكان يوصف المعارضة بأنها مجرد ترلة مصاحبة للحركة الشعبية، ويوصفها بـ (الواهمة) خاصة عندما تتحدث عن إسقاط النظام، وسبق أن قال في ندوة بشرق النيل: (لو الحكومة نامت نوم أهل الكهف المعارضة ما بتقدر تعمل حاجة، وحتى لو أعطوها عمر سيدنا نوح سنجدهم مختلفين ولن يتفقوا).

وكان القيادي بالشعبي أبوبكر عبد الرازق قد وصف حديث نافع في تصريح سابق له لهذه الصحيفة، بالقول (الطبع يغلب التطبع) وقال إن غالبية التصريحات المستفزة له تجاه المعارضة هي من أفكاره التي تكونت جذوتها على طول مسيرته السياسية غير أنه على صعيد التغيير السياسي الذي سخر نافع من حدوثه، يرى أبوبكر أن الصورة الطبيعية للتغيير متى ما تكتمل لوحتها إن تحركت المعارضة أم لم تتحرك سيحدث التغيير، لأن الأيام دول.
وكان الصادق المهدي قد قال عنه بإنه (بدق في الرُّكب).
بينما الوطني يباهي بتصريحات نافع المستفزة في حق المعارضة، كونه يشتت تفكيرها ويشل حركتها.
المهدي.. البليغ
لكن رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي، لا يقل سخرية من نافع، وتعتبر التصريحات الساخرة واحدة من الأسلحة التي يجيد المهدي استخدامها ببراعة فائقة، خاصة وأنه مُجدد للكلمات والتعابير نسبة لما يتمتع به من خبرة، في استصحاب الأمثال الشعبية والكلام الدارجي وتخصص المهدي في هذا الجانب في المؤتمر الوطني، وابن عمه غريمه السياسي مبارك الفاضل، وسبق أن وصف الأخير بـ (الفاشل سياسياً).

وقد طلبت منه الحكومة المشاركة في السلطة، ولكنه رفض هذه العجلة
ووصفها بأنهم دايرين يمشِّطوها بي قَمُلها.. ومد المهدي لسانه للوطني، وحث أنصاره إبان الانتخابات وقال لهم ( أكلوا توركم وأدو زولكم).. ولكن سخرية المهدي وصلت قمتها في تعليقه على شعار الإنقاذ (ناكل مما نزرع ونلبس مما نزرع) حيث قال: (هذا الشعار أكله الدودو.. وأصبحنا نضحك مما نسمع).

الترابي.. سخرية خاصة
ويعد الزعيم الإسلامي الراحل د. حسن الترابي من السياسيين الساخرين، رغم تواضعه الجم وبساطته، لكن سخرية الترابي من نوع مختلف، فضحكته في حد ذاتها ساخرة، وكذلك ابتسامته، ويجيد توظيفها، وفي كثير من الأحايين لا تعرف إن كان الترابي يسخر منك بابتسامته المعهودة، أم لها معانٍ أخرى.. ويذكر أن الشيوعيين، سبق إن كتبوا في صحيفتهم متسائلين لماذا يضحك الترابي.

نقد ونورالدائم
سكرتير الحزب الشيوعي الراحل محمد ابراهيم نقد، يعد واحداً من السياسيين الذين يحسبون ألف حساب لتصريحتهم وتعليقاتهم، إلا أن للرجل أيضاً العديد من التعليقات التي تندرج في خانة السخرية.. إبان فترة الحكومة الحزبية الأخيرة، كان نقد عضواً بالبرلمان ووقف د. عمر نور الدائم وكان حينها وزيراً للزراعة، يتحدث أمام البرلمان عن إنجازات وزارته، فقاطعه نقد وقال بسخرية (أوع تحسب الخريف كمان من إنجازات وزارتك)، فانفجر البرلمان بالضحك.. والراحل عمر نورالدائم نفسه عرف بردوده الساخرة، ولعل أبرز وأشهر تلك الردود حينما سأل أحد أعضاء البرلمان عن سقوط الكرمك، فرد عليه بلغة ساخره قائلاً (يعني شنو لو سقطت الكرمك ما برلين سقطت!!)

لاعبون جدد:
من اللاعبين الجدد الذين ولجوا ملعب السخرية السياسية، قيادات حركة الإصلاح الآن وفي مقدمتهم رئيس الحزب د. غازي صلاح الدين، وأمينه السياسي د. أسامة على توفيق، وإن كان الأخير عرف بالسخرية منذ كان طالباً بكلية الطب بالجامعات المصرية، حيث سبق أن انتقد في ركن نقاش أحد المنتمين لحزب البعث وقال له : (أسكت أولاد علي توفيق في الجامعة أكثر من عضويتكم).. حيث كان أربعة من أشقاء وشقيقات أسامة طلاباً بالجامعة.
ومهما يكن من أمر فإن العلاقات الاجتماعية في السودان تقارب بين السياسيين بشكل كبير، وتردم (حفرة) السخرية التي حفروها.. وإن كانت كثير من التصريحات الساخرة في محلها، مثل سخرية المهدي من انجازات الإنقاذ، (يكسروا الأوضة ويبنوا راكوبة)، ولك أن تنظر لما يقوم به معتمد الخرطوم أحمد ابو شنب ووزير البنى التحتية بالخرطوم حبيب الله بابكر.

الخرطوم :أسامة عبد الماجد
صحيفة آخر لحظة