محمود الدنعو

بابا الفاتيكان في جنوب السودان


والأزمة في جنوب السودان ترواح مكانها منذ نحو عامين، وقد أعيت من يدوايها بأدواء السياسة وحيلها كافة، كما أن الحرب التي لا تضع أوزارها إلا لتشتعل من جديد لن توفر حلا على الإطلاق بل تزيد الدولة الوليدة خرابا ودمار جديدين، وسط حالة انسداد آفاق الحلول السياسية لجأ البعض إلى التماس الحلول الروحية، عسى أن تنفع عظات رجال الدين في تليين المواقف السياسية وشروطها التعسفية على طاولات التفاوض وساحات المعارك، وبالتالي وقف إطلاق النار لمعالجة الوضع الإنساني المتردي جراء الحرب الأهلية في جنوب السودان.
وبما أن أسقف جوبا عبر عن الحالة الراهنة في جنوب السودان بقوله إن والوضع خرج عن السيطرة، سقطنا في فخ العصبية القبلية والكراهية العرقية، ونحن عاجزون عن الخروج منه، إلا أن الأمل يبقى في استعادة صوت العقل مجدداً بين الفرقاء في جنوب السودان حتى دون الحاجة إلى تدخل المجتمع الدولي الذي لا يهتم كثيرا بالتداعيات الإنسانية لهذه الأزمة فيما يبدو، وحتى أن تدخل صب بأجندته الخاصة زيتاً على نار الحرب لتشتعل أكثر.
في السياق، استقبل البابا فرنسيس بابا الفاتيكان نهاية الأسبوع الزعماء الروحيين المسيحيين في جنوب السودان الذين طالبوا بـ (تدخل المجتمع الدولي) في بلادهم. وقال أسقف جوبا للكاثوليك باولينو لوكودو لورو لصحيفة (أوسيرفاتوري رومانو): “نحن هنا بصفتنا ممثلين عن كنيسة مسيحية موحدة، لنتوسل تدخلاً من المجتمع الدولي حتى يتسنى وضع حد لهذه المأساة”.
إذن يتطلع اتباع الديانة المسيحية إلى زيارة البابا إلى جوبا عسى أن يزورها السلام والاستقرار ويضعون آمالاً كبيرة في هذه الزيارة ولاسيما الرئيس سلفاكير من الكاثوليك الملتزمين، ولن يرفض طلب البابا في وقف القتال من أجل الحالة الإنسانية في جنوب السودان، ويستشهدون بزيارة التاريخية لجمهورية أفريقيا الوسطي نهاية العام 2015 وكانت الأولى التي يزور بها البابا دولة لا تزال الحرب تشتعل فيها، حيث كان القتال يستعر بين المسيحيين والمسلمين عقب الانقلاب السياسي الذي أطاح بنظام الرئيس فرانسوا بوزيزيه في مطلع العام 2013، وزيارة البابا التي لم تتجاوز الـ26 ساعة كان لها أثر كبير في تهدئة أوار الفتنة بين المسلمين والمسيحيين خصوصا عندما قام بمخاطرة أمنية وزار مسجدا يقع تحت حصار الميليشيات المسيحية المسلحة في العاصمة بانغي، لتقديم رسالة سلام ومصالحة.
في الحرب يتوسل الناس إلى السلام بالسبل كافة ومع انسداد أفق الحلول السياسية السلمية للأزمة لماذا لا يلجأ الناس إلى العلاج الروحي عسى ولعل!