تحقيقات وتقارير

رئيسُه حلّ ضيفاً على منصة الحديث الأسبوعي البرلمان… معارك تشريعية منتظرة


يبدو أن وزارة الإعلام خمّنت أنه لابد من إعطاء المجلس الوطني شرعيته المُفترضة، ولذلك حزمت أوراقها وذهبت نواحي قبة البرلمان، وهناك أفردت الوزارة المنصة التي ظلت تنصبها يوم الأربعاء من كل أسبوع، في مبانيها تحت لافتة الحديث الاسبوعي، ليتحدث من خلالها التنفيذيون عن منجزاتهم وللإجابة على أسئلة الإعلاميين.

وجرياً على هذا، ربما رأت الوزارة أنه لا يستقيم منطقاً في ظل الديمقراطيات الراسخة أن يتم استدعاء رئيس البرلمان البروفيسور إبراهيم أحمد عمر، ليقدم كتابه إلى الناس في منصة الجهاز التنفيذي، ولذلك ذهبت هي إليه، دون أن تدري أن مثل تلك التصرفات وإن اقتربت مع المنطق الديمقراطي الراسخ، إلا أنها لن تجلب المسحة الديمقراطية لبرلمان يُوصف – عند كثيرين – بأنه بوق حكومي بامتياز، وأنه يتماهى مع الجهاز التنفيذي لدرجة أن بعض نوابه لا يتوّرعون عن الذهاب إلى الوزراء في مكاتبهم لمساءلتهم، بدلاً من استدعائهم بما يحفظ هيبة البرلمان.

ما ماسورة

الصورة الرابضة في ذهن كثير من الإعلاميين هي أن البرلمان يبدو وديعاً أمام سطوة الجهاز الحكومي التنفيذي والحزبي، وهو ما تمظهر قبل ذلك في تصفيق النواب لقرار رفع الدعم، وتجلى في تراجعهم عن مناهضة قرار زيارة أسعار الغاز التي قررها وزير المالية، بعدما جاءهم توجيه رئاسي يدعوهم إلى مساندة رفع الدعم عن الغاز.

وربما هذا ما جعل أحد الزملاء يصف البرلمان بأنه لا يقوم بواجبه على النحو الأكمل، وأنه ضعيف وفاشل، وهو التوصيف الذي لم يُعجب رئيس المجلس الوطني البروفيسر إبراهيم أحمد عمر الذي رفض وصف البرلمان بـ(الماسورة)، موجها انتقادات لوسائل الإعلام في عدم التماس الدقة فيما تنشر من معلومات حول المجلس الوطني، وقبل أن يطالبها بالتحقق من ما يتم نشره. ومضى يقول: إن من يستخف بالمجلس الوطني كأنما يطعن في صدر الدولة. لافتًا إلى ضرورة السعي لخلق التوازن المطلوب ما بين حديث النواب لوسائل الإعلام وما ينقله الصحفيون، مؤكدًا أن الدورة التشريعية القومية الماضية والتي استهلت أعمالها منذ يونيو لعام 2015 كانت درجة الرقابة فيها كبيرة خاصة فيما يعنى بقضية معاش الناس.

صلاحيات منقوصة

ويبدو أن عمر تأثر بمناخ منبر الحديث الإسبوعي لوزارة الإعلام الذي انتقل لقبة البرلمان، فقد تعمد الإشارة إلى أن برلمانه ليس بمقدوره رفد وزير وأنه يكتفي بمراقبة أداء الجهاز التنفيذي وإبداء الملاحظات على عمل الوزراء والتنفيذيين، لافتاً إلى أنهم يملكون التوصية بالإعفاء. وهي إشارة منقوصة، ذلك أن البرلمان يمكنه أن يجعل الوزير – أي وزير – خارج دست الجهاز التنفيذي لمجرد أن يرفض النواب الموافقة على تقريره. بل إن البرلمان بمقدوره أن يُسقط الحكومة كلها، ويجعلها فاقدة للشرعية، إذا رفض الموازنة التي تقدم بها وزير المالية، وذلك بنصوص التشريعات المنظمة لعمل البرلمان.

المهم أن البروفيسور إبراهيم أحمد عمر أكد أن الهيئة التشريعية شرعت في العمل بخصوص التعديلات الدستورية المرتقبة لتحديد اختصاصات رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وفق ما نصت عليه توصيات الحوار الوطني. وهو أمر ينظر إليه كثير من المراقبين بأنه إعادة لفصول مكرورة تحول فيها البرلمان إلى ترزي يفصل القوانين على مقاس الجهاز التنفيذي، ولعل ما يدعم هذه الفرضية هي أن رئيس البرلمان قال إن شراكة الهيئة التشريعية مع الجهاز التنفيذي تكمن في مراقبة السياسات التي تُرسم حيث ليس بمقدور الجهاز التنفيذي الإقدام على وضعها”، كاشفاً عن صدور قرار من الهيئة بشأن الاطلاع على كافة اللوائح الخاصة بتنظيم عمل مؤسسات الدولة من قبل المستشار القانوني للبرلمان. وشدد على أن المجلس الوطني يعمل وفق لوائح وقوانين ليس باستطاعته تجاوزها والعمل من دونها، مستدلاً في ذلك بمناقشة خطاب الرئيس البشير أمام الهيئة وإبداء مجموعة من الملاحظات عليه.

قادمون جدد

وفي الوقت الذي تضج فيه الأوساط المجتمعية والطبية باستهجان شديد لقرار الحكومة بتحرير أسعار الدواء، وفي الوقت الذي جزم فيه خبراء بأن سعر الأدوية سيرتفع بنسبة مائة في المائة، لا ينحاز رئيس البرلمان إلى الأصوات الداعية لمناهضة القرار، بالصورة المطلوبة، ذلك أنه لم يجزم باستدعاء المسؤولين في الجهاز التنفيذي لمساءلتهم عن القرار، وترك الباب موارباً لاستفسار وزير الصحة الاتحادي عقب اطلاع لجنة الصحة بالبرلمان على الحيثيات الكاملة. وأضاف: “إن الرقابة على مؤسسات الدولة موجودة والمحاسبة كذلك، ومن يرِد التأكد من صحة ما نقول فعليه اللجوء الى لجان البرلمان المختلفة”.

وأشار البرفيسور إبراهيم أحمد عمر إلي أن الهيئة التشريعية من المتوقع أن تشهد انضمام نواب جدد بناء على ما نصت عليه وثيقة الحوار عن طريق التعيين، بيد أنه عاد وقال: “هذا الأمر لن يضر بالعملية الإصلاحية بالدولة طالماً أن هناك اتفاقاً سياسياً”. وقلل في الوقت نفسه من تجديد العقوبات الأمريكية علي السودان، وقال إن المسألة روتينية حيث قطع السودان ما يقارب 90% من الحوار مع الأدارة الأمريكية ونتوقع خلال الخمسة أشهر القادمة حدوث تغيير في الامر. وقطع بمواصلة الحوار مع كافة الأطراف الأمريكية وعدم اليأس بخصوص رفع العقوبات الأمريكية عن السودان. ولفت إلى أن أنهم في الهيئة التشريعية القومية قاموا مؤخراً بزيارات لكل من واشنطن ونيويورك، وقال: التقينا خلال تلك الزيارات بعدد من المسؤولين في الإدارة الأمريكية من بينهم أشخاص في الكونغرس برغم المعارضة التي وجدناها من بعض السودانيين والهتاف ضدي ووصفي بـ(الحرامي) و(المجرم)، وأضاف: نتوقع خلال الأيام القادمة صدور إدانة من البرلمان الأفريقي بشأن تجديد العقوبات.

الخرطوم: الهضيبي يس
صحيفة الصيحة