عالمية

مُنعت من ريادة الفضاء فقررت أن تحكم العالم!


الطموح والجرأة والتحدي صفات لازمتها منذ صباها، تفوقت على أقرانها من أيام الدراسة ولاتزال، نافست الجنس الخشن بالقوة الناعمة، لتصل في عقدها السادس إلى مشارف البيت الأبيض وتكون على مرمى حجر من المنصب الأهم في المعمورة بأسرها رئاسة الولايات المتحدة الأميركية، منصب لم تحظ به أية أنثى من قبل، بل حتى الرجال من الصعب عليهم بما كان الظفر به.
بمستشفى “إيدج ووتر” بولاية شيكاغو صدحت “هيلاري ديان رودهام” بأول صرخة في مشوار تحقيق ذاتها، في 26 أكتوبر 1947، وفي الثامن من نوفمبر الجاري قد تصرخ المرشحة الديمقراطية للانتخابات الأميركية فرحا بفوزها على منافسها الجمهوري دونالد ترامب.

تفوقت وبرزت علميا منذ سنوات دراستها الأولى بمدرسة حكومية، أثار خيالها برنامج الفضاء الأميركي، فأرسلت عام 1961 لوكالة الفضاء الأميركية “ناسا”، سألتهم وقتها عما يجب عليها فعله للالتحاق بهم لتصبح رائدة فضاء، فصدمت برفضها لأنها أنثى، لكن هذه الأنثى وإن لم تستطع الوصول إلى باقي أجزاء المجرة فقد تتمكن من بلوغ المنصب الأهم في العالم.
نشأت هيلاري في عائلة متوسطة، وكانت الابنة البكر إلى جانب أخوين أصغر هما “خير” و”توني”.

تبلورت ميولاتها السياسية على يد أحد معلميها، خلال فترة دراستها الثانوية، حيث شاركت كلينتون في انتخابات مجلس الطلاب، وانتخبت نائبة رئيس لصفها الدراسي، بيد أنها خسرت انتخابات الرئاسة أمام طالبين في سنوات تالية، ونعتها أحدهم وقتها بالغباء قائلا: “أنت فعلا غبية إذا ظننت أن فتاة يمكن أن تنتخب رئيسة”.
فهل ستثبت له العكس وعلى أعلى المستويات؟
وباشرت مرشحة الرئاسة الديمقراطية مشوارها السياسي جمهورية، والتحقت بصفوف المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية “باري غولدووتر”، أثناء حملة الانتخابات عام 1964.

من جمهورية إلى ديمقراطية!
وبجامعة ويلسلي، عينت هيلاري في سنتها الدراسية الأولى كرئيسة للجمهوريين الصغار بالجامعة، لكنها قلبت المعطف في السنة الثانية، وانضمت تحت لواء المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية المعادي للحرب، “يوجين ماكارثي”.
تحول كان منعرجا حاسما في حياتها وجاء عقب حضورها عام 1986مؤتمر الحزب الجمهوري في ميامي، وانصدامها بالخطاب “العنصري” الذي استخدمه ريتشارد نيكسون ضد منافسه جون روكفلر، وغادرت الحزب إلى غير رجعة.

رفضت هيلاري الزواج من كلينتون مراراً
وفي ربيع سنة 1971 تفتحت مشاعرها العاطفية أثناء دراستها اللاحقة في جامعة “يال”، أين بدأت الشابة اليافعة بمواعدة بيل كلينتون، وعاشا معاً، وبعد انتهاء دراستها بالجامعة، مددتها عام آخر لكي تظل معه، ولكنها رفضت لاحقا عرضه بالزواج خلال تلك الفترة.
وبقيت الشابة عازفة عن عروض “بيل” المتكررة للزواج فترة، ولكنها قررت اللحاق به إلى أركنساس بدلا من البقاء في واشنطن، للتطلع أيضا لمستقبل مهني واعد رغم أنها كتبت وقتها: “قررت أن أتبع قلبي وليس عقلي”.

وفي عام 1975 كللت علاقتهما بالزواج الرسمي، لكنها أصرت على الاحتفاظ باسمها هيلاري رودهام، لتفادي أي صراعات في المستقبل، وللحفاظ على المسار المهني للزوجين مستقلًا.
وأخذت نجاحات هيلاري منحى تصاعديا رغم التذبذب الذي كان ينتابها بين الفينة والأخرى، إذ لعبت كلينتون الكثير من الأدوار في السياسة الأميركية، بداية من عضويتها في مجلس الشيوخ إلى منصبها كوزيرة للخارجية.

دائمة النضارة تحصد “غرامي”
حين كانت تحمل لقب السيدة الأولى في الولايات المتحدة (سنة 1993) سماها جهاز الاستخبارات السرية باسم Evergreen أو “دائمة النضارة”، بينما كان يسمي زوجها بيل كلينتون الرئيس الأميركي آنذاك باسم “النسر”.

ونالت هيلاري كلينتون بجائزة غرامي عام 1997 عن أفضل كلمة أو أفضل ألبوم غير موسيقي، وكانت عن النسخة الصوتية من كتابها ” It Takes a Village” ، الذي تناولت فيه موضوع تعليم الأطفال وتحسين ظروف حياتهم، كما كتبت كلينتون عدة كتب، بما فيها مذكراتها الشخصية التي سمتها “التاريخ الحي” أو ” Living History”.

أول سيدة أولى في منصب سياسي
كانت لكلينتون أول سيدة أولى تنتخب لمنصب سياسي حين ترشحت لعضوية مجلس الشيوخ عام 2000 عن ولاية نيويورك، وفازت بذلك، كما أعيد انتخابها بهامش فوز بسيط عام 2006.

السيرة الذاتية لهيلاري حافلة بالأحداث والتفاصيل التي لا يمكن إيجازها في موضوع واحد كيف لا وهي واحدة من أهم الشخصيات الأميركية التي برزت أكثر في العقدين الأخيرين ليس فقط على المستوى السياسي بل حتى فضائحيا لاقتران اسمها باسم زوجها الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون صاحب فضيحة مونيكا والتي هزت البيت الأبيض.

حنكة هيلاري ودهاؤها السياسي دفعت منافسها الديمقراطي في انتخابات 2008 رئيس أميركا الحالي باراك أوباما يعينها كوزيرة للخارجية الأميركية حيث تقلدت هذا المنصب من سنة 2009 إلى سنة 2013.

تصدرت المشهد السياسي
فقد تصدرت كلينتون مشهد الرد الأميركي على ثورات الربيع العربي، وأيدت التدخل العسكري في ليبيا. وقد تحملت مسؤولية الثغرات الأمنية في الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي عام 2012 الذي أسفر عن مقتل أفراد من القنصلية الأميركية، ولكنها دافعت عن نفسها فيما يخص تلك المسألة. ولقد قامت كلينتون بزيارة بلدان عديدة أكثر من أي وزير خارجية أميركي سابق.

وكانت تعتبر القوة الذكية هي خطة تأكيد قيادة الولايات المتحدة وقيمها عن طريق الجمع بين القوى العسكرية والدبلوماسية، والقدرات الأميركية فيما يخص الاقتصاد والتكنولوجيا وغيرها من المجالات.
كما شجعت على تمكين المرأة في كل مكان، واستخدمت وسائل التواصل الاجتماعي لتوصيل رسالة الولايات المتحدة عبر البلاد. وقد تركت كلينتون منصبها في نهاية الفترة الرئاسية الأولى لباراك أوباما، وتفرغت لتأليف كتابها الخامس وإقامة المناظرات قبل إعلانها في الخامس من إبريل لعام 2015 عن خوضها للمرة الثانية لمراسم الترشح للانتخابات الرئاسية لعام 2016، ولا يفصلها عن ولوج البيت الأبيض إلا 5 أيام، فهل ستكون فعلا أول امرأة تصل إلى سدة الحكم في أميركا؟

العربية نت