تحقيقات وتقارير

ناتجة عن ارتفاع أسعار الوقود زيادة تعرفة المواصلات.. الضائقة ترتسم على وجوه البسطاء


رياح رفع الدعم تطال 100 خط مواصلات في العاصمة

رئيس غرفة البصات السفرية: لن نحدد الزيادة قبل لقاء الوزير

فاجأني صاحب مركبة بموقف كركر بوسط الخرطوم ـ يعمل في خط الصحافة شرق ـ حينما صب جام غضبه على الزيادات الأخيرة التي طرأت على تعرفة المواصلات الداخلية عقب ارتفاع أسعار الوقود، فالرجل الخمسيني نفى أنها تصب في صالحهم ـ كما أشرت إليه، مؤكداً أن أي زيادة تغشى تعرفة المواصلات بالعاصمة تنعكس سلباً عليهم، وفسر قوله هذا بالإشارة إلى أن أسعار قطع الغيار سترتفع وكذا “التوريدة اليومية” لصاحب المركبة بل حتى “الكمساري” سيطالب برفع أجره اليومي ـ كما أوضح. وحول ذات الأمر فإن آراء المواطنين تطابقت وبدا عليهم الاستياء الواضح، مؤكدين على أن الحكومة تعتبر المواطن “الحيطة” القصيرة التي تتكئ عليها كلما واجهتها ضائقة اقتصادية.

شكوى وضجر
عند التاسعة صباحاً بدأت جولتي بمحطة 15 بالحاج يوسف المايقوما حيث أقطن، وقبل أن أصعد إلى مركبة النقل “هايس” سألت قائدها عن زيادة تعرفة المواصلات، فقال بحسرة إن خط المايقوما حلة كوكو لم يشهد زيادة وإن التذكرة في سعرها المتعارف عليه وهو جنيهان، فحينما سألته عن السبب، كشف أن آخر زيادة كانت في شهر يوليو الماضي حيث ارتفعت من جنيه إلى جنيه ونصف، ثم إلى جنيهين، وبدا سائق المركبة الشاب غير راضٍ عن عدم زيادة التعرفة، حينما وصلت حلة كوكو وتحديدًا في موقف الميناء البري وجدت عدداً من أصحاب المركبات وهم يلتفون حول شخص يحمل ورقة ويقرأ منها بصوت عال، اقتربت منهم وعرفت أنها التعرفة الجديدة لخطوط الحاج يوسف وشرق النيل وحلة كوكو، وعلمت أن الزيادة بلغت نسبة 100% لخطوط شارع واحد، الردمية، حلة كوكو وقفزت من جنيه إلى جنيهين، أما الوادي الأخضر حلة كوكو فإن التذكرة الجديدة شهدت زيادة بلغت 50% حيث كانت 2 وباتت ثلاثة جنيهات، بعد ذلك توجهت نحو مركبات الميناء البري التي طرأت زيادة عللا تعرفة “الهايسات” وقفزت من خمسة جنيهات إلى سبعة جنيهات، وداخل الحافلة التي أقلتنا إلى الميناء البري لم احتاج إلى معرفة آراء الركاب عن الزيادات الأخيرة، فحينما قال شاب يجلس في منتصف العربة الصغيرة إن الحياة باتت لا تطاق بسبب ارتفاع الأسعار، فإن الركاب وكأنهم كانوا ينتظرون من يفتح باب النقاش حول المستجدات الأخيرة، ومن خلال مداولاتهم التي استمرت حتى السوق المركزي فقد بدا عليهم جميعا أنهم غير راضين عن سياسات الحكومة الأخيرة، وقال أحدهم وهو في حالة غضب عارم” كل يوم زيادة، إذا غلبتهم يمشوا يخلوها بس”.

في انتظار الزيادة
بعد أن ترجلت من المركبة في الميناء البري الذي قصدته لمعرفة الزيادات التي طرأت على تعرفة المواصلات السفرية الرابطة بين العاصمة والولايات، التف حولي “الكمسنجية” ومن خلال عروضهم عرفت أن التعرفة لم تشهد زيادة، وتبسمت ظناً مني أن قلب الجهات الحكومية رق على المواطنين القاصدين الولايات التي تغادر نحو مدنها المختلفة 200 رحلة يومية للبصات السياحية انطلاقًا من الميناء البري، ومنبع ظني الذي لم يكن في محله أن شهر يونيو الماضي شهد زيادة في أسعار تذاكر المواصلات الى مختلف المدن بنسبة 30%، وبعد جولة على عدد من مكاتب شركات النقل التي تقع الى الشرق من الميناء البري، تأكدت من عدم زيادة التعرفة، فتوجهت بعد ذلك صوب مكتب غرفة البصات السياحية فلم أجد غير موظف أكد عدم استلامهم ما يفيد بزيادة أسعار التذاكر، فزودني بأرقام رئيس الغرفة عوض عبد الرحمن، والأمين العام حسن عبد الله، فأجريت اتصالاً هاتفياً على عوض عبد الرحمن الذي أكد زيادة تعرفة المواصلات، غير أنه طلب مني الانتظار حتى نهاية اليوم”أمس” لمعرفة الزيادة التي قال إن الغرفة هي التي تحددها بعد معرفة التكاليف التي طرأت على الرحلات عقب زيادة الوقود.

شرق النيل.. المزيد من المعاناة
بعد نهاية جولتي بالميناء البري الذي كانت فيه حركة الركاب عادية لجهة أن يوم السبت دائماً ما تكون المواصلات داخل العاصمة والرابطة بين الولايات فيه هادئة، بل إن الكثير من المركبات كانت تبحث عن ركاب، وهذا ما وضح في موقف الصحافة شرق الذي يقع إلى الشمال من الميناء البري، بعد أن وصلت السوق العربي، توجهت أولاً نحو موقف الحاج يوسف وشرق النيل الذي يقع الى الشرق من إستاد الخرطوم، فسألت عن التعرفة الجديدة التي وجدتها لدى سائق حافلة كان يتناول وجبة الإفطار مع الكمساري داخل الحافلة، فألقيت عليها نظرة، وملخصها أن الزيادة طالت كل الخطوط البالغة 29 خطاً، أوضحت أن الزيادة على خطوط الخرطوم، الحاج يوسف” الردمية، المايقوما، شارع واحد، الصهريج، التعويضات، بالإضافة إلى الجريف شرق، وأم دوم، قفزت من جنيهين إلى ثلاثة، أما أم ضوبان الخرطوم فقد ارتفعت من ثلاثة إلى خمسة جنيهات، فيما زادت تعرفة الوادي الأخضر الخرطوم جنيهاً واحداً وباتت أربعة جنيهات، وكذلك ارتفعت قيمة تذكرة كترانج الخرطوم إلى ستة جنيهات وخمسمائة قرش,

وما لفت نظري قيمة التذكرة العالية لخطي ود الأمين بحري والمهيداب بحري، حيث تبلغ التذكرة 18 جنيهاً وعرفت أنها كانت ثلاثة عشر وخمسة عشر جنيهاً، وأمام إحدى الحافلات التي كانت تقف في “الصف” في انتظار الركاب لتتوجه بهم صوب شارع واحد بالحاج يوسف كانت زيادة تعرفة المواصلات القاسم المشترك بين أكثر من ستة مواطنين اتفقوا على أن هذا العام يعتبر الأكثر زيادة في الأسعار على الأصعدة كافة، وقال هشام الذي أعجبني حديثه، فسألته عن اسمه: هذا العام ومنذ بدايته شهد زيادة أسعار الغاز ثم الدقيق وفي منتصفه طالت الزيادات عددا من تذاكر خطوط المواصلات خاصة الداخلية بالمحليات، ثم تأتي نهاية العام، وتكشف الدولة عن أسوأ برامجها الاقتصادية، وهي تزيد من أعباء المواطن برفعها قيمة تعرفة المواصلات والكهرباء والوقود، ويؤكد هشام الذي كنا ننصت إليه باهتمام أن هذا يؤكد فشل السياسات الحكومية التي قال إنها لا تلقي اهتماماً كثيراً للمعاناة التي ظل يرزح تحت وطأتها المواطنون، وأنها حتى لا يحدث انهيار اقتصادي تلجأ دوماً الى أسهل الحلول.

أم بدة وسوق ليبيا.. المعاناة تتكرر
في موقف ليبيا وأم بدة بكركر، فقد حصلت مجدداً على لائحة التعرفة الجديدة التي حوت 25 خطاً تربط العاصمة بمنطقتي ليبيا وأم بدة بأمدرمان، تراوحت الزيادة في التعرفة بين 50% الى 100%، حسبما أفادني عثمان، وهو يعمل كمسارياً في إحدى الحافلات، وقد ارتفعت قيمة تذكرة ليبيا العربي إلى ثلاثة جنيهات بدلاً من جنيهين، والحلة الجديدة أم بدة السوق العربي إلى أربعة جنيهات، وذات القيمة لخط الخرطوم القمائر، وارتفعت تعرفة السبيل العربي لجنيهين ونصف، وانقولا العربي جنيهين ونصف أيضاً، فيما بلغت قيمة تذكرة أم بدة العاشرة الخرطوم ثلاثة جنيهات ونصف، أما الخطوط الداخلية بأم درمان فقد طالتها الزيادة أيضاً بنسبة 100% وهي التي تربط السوق الشعبي، سوق ليبيا، إستاد الهلال وأحياء أم بدة وارتفعت من جنيه الى جنيهين، ويشير المواطن عبد الحميد إلى أنه لم يعد يتفاجأ بحدوث زيادات في الأسعار، وقال ساخرًا: أعتقد أن الغريب والمدهش ألا تحدث زيادات على الأسعار، و”قصة” ارتفاع قيمة المواصلات الداخلية أمر أكثر من طبيعي ومتوقع بل أؤكد لكم أن العام القادم سيشهد المزيد من الزيادات، وتأكيدي هذا نابع من التردي الاقتصادي الذي تشهده البلاد، والحكومة ظلت تسجل فشلا ذريعاً في إيقافه، لذا فلا تحلموا بغد ومستقبل أفضل.

وسط وشرق الخرطوم.. ارتفاع 100%
أما خطوط المواصلات التي تربط بين السوق العربي وأحياء وسط وشرق الخرطوم فقد ارتفعت قيمة تعرفتها من جنيه إلى جنيهين وهذا يعني أن نسبة الزيادة بغلت 100%، وتبلغ 25 خطاً أبرزها السوق المحلي، المركزي، الرميلة، القوز، أركويت، المعمورة، الفردوس، جبرة “جنيهان ونصف”، العشرة، العزوزاب، بري، المنشية، العزوزاب، امتداد ناصر، اللاماب بحر أبيض، المجاهدين، الكلية الوطنية وسوبا، وتراوحت قيمة تذاكر هذه الخطوط بين الجنيهين إلى الثلاثة جنيهات وأغلب الخطوط فإن قيمة تذكرتها تبلغ جنيهين وخمسمائة قرش بعد أن كانت في حدود الجنيه والجنيه ونصف، في موقف مواصلات أحياء شرق ووسط الخرطوم فإن سائق حافلة ـ فعل الدهر فعلته فيها ـ بدا ناقماً وساخطاً من الزيادات التي اعتبرها مقدمة لما هو آت من معاناة مع السلع الأخرى، ورأى أن أي زيادة على المواصلات تنعكس سلباً على كل السلع، وأضاف: غداً سترتفع أسعار اللحوم والخضروات وقطع الغيار غيرها وذلك لارتفاع قيمة الترحيل، وبكل تأكيد فإن التاجر لن يتحمل التكلفة بل سيضعها على ظهر المواطن الذي لم يعد يحتمل المزيد من الأثقال والأعباء، وقال إنهم ليسوا سعداء بالزيادة لأنها بحسب تأكيده ستعود عليهم بأضرار كبيرة، وأضاف: الكمساري سيطالب بزيادة أجره اليومي، وكذا صاحب الحافلة”الجلابي” لن يرضى “بالتوريدة ” القديمة، وتاجر الإسبيرات سيرفع من الأسعار وهكذا سندور في دائرة مفرغة ولن نجني من هذه الزيادة سوى المزيد من الأعباء.

خطوط بحري.. قف تأمل
تبلغ خطوط مواصلات بحري 26 خطاً تربط بين أحياء المدينة وسوق بحري والعربي والشهداء، حيث ارتفعت تعرفة عدد من الخطوط مثل الشعبية ، الكدرو، الدروشاب، عمر المختار والخرطوم إلى جنيهين بدلاً من جنيه وإلى ثلاثة جنيهات ونصف عوضاً عن جنيهين، أما الخطوط الداخلية ببحري، فقد شهدت هي الأخرى زيادة بلغت جنيهاً على كل خط وأبرزها السامراب، الدروشاب، أم القرى، والفكي هاشم، وأعلى قيمة تذكرة توجد في خط بحري قري وتبلغ تسعة جنيهات، وكذلك بحري وواسي وو درملي بلغت خمسة جنيهات وخمسمائة قرش، وأشفق سائق حافلة بخط بحري على القاطنين بود رملي وواسي، وقال: الراكب من قاطني هذه الأحياء وحتى يصل السوق العربي يحتاج الى ثمانية جنيهات، وذات المبلغ عند عودته، وهذا يعني أن عليه توفير 16 جنيهاً يومياً للمواصلات، هذا بخلاف وجبة الفطور التي يبلغ متوسطها عشرة جنيهات، مؤكدًا أن هذا العبء فوق طاقة المواطنين.

البصات السياحية والتأخير
عند الساعة الواحدة وثلاثين دقيقة عدنا أدراجنا إلى الميناء البري للتعرف على ما خلص إليه اجتماع غرفة البصات السفرية، وأفادنا رئيسها عوض عبد الرحمن بإرجاء تحديد أسعار جديدة لتعرفة التذاكر إلى ما بعد الجلوس مع وزير النقل والطرق والجسور الذي ينعقد اليوم، وأشار في حديثه لـ(الصيحة) الى أن الإرجاء جاء من واقع أن المشاكل التي تواجه شركات النقل تتجاوز مربع الزيادات التي طالت الوقود مؤخراً، وأنهم يريدون بحثها مع الوزير لإيجاد حلول لها، وترك رئيس غرفة البصات السفرية الباب موارباً فيما يتعلق بزيادة تعرفة التذكرة، ورأى أن قيمتها ستحدد على ضوء مخرجات لقائهم اليوم مع الوزير.

جولة سجلها: صديق رمضان
صحيفة الصيحة