الطيب مصطفى

استدراكات أبو النجا على القرارات الاقتصادية


صلاح أبو النجا، شيخ المصرفيين السودانيين، ومدير بنك التضامن الإسلامي السابق، والذي بُحَّ صوته وهو ينادي بتحرير سعر الصرف إلى أن استجابت الحكومة أخيراً بصورة جزئية لن تحقق في رأيه الأهداف المتوخَّاة، كتب المقال التالي منبِّهاً لبعض نقاط الضعف في القرارات الأخيرة. أبو النجا الخبير المخضرم الذي لا يزال، رغم تقدم العمر، يشغل عضوية بعض مجالس إدارات البنوك، يعلم ما لا يعلمه غيره بالنظر إلى الخبرة التراكمية التي يستند عليها، لذلك تجده في هذه المساحة يستعرض تجاربه الثَّرة منذ ستينيات القرن الماضي في معالجة بعض القضايا المثارة الآن ويستدرك على أصحاب القرار ويحذِّر من المضي في إنفاذ بعض المعالجات المطروحة خاصة الاحتفاظ بسعرين عوضاً عن توحيد سعر الصرف وتحريره وفقاً لمقتضيات العرض والطلب حتى لا ينشأ سعرٌ موازٍ يهزم السياسة المقرَّرة، خاصة لدى المغتربين الذين يحتاجون إلى حوافز تشجيعية لا يوفرها تجار السوق الموازي.

أشار أبو النجا إلى بعض معالجات ومبادرات الخبير النحرير د. صابر محمد حسن، الذي أشعر باشتداد الحاجة إلى شخصيته القوية لإنجاح هذه السياسات.

أدعو إلى التحرك العاجل نحو المغتربين في مناطق الكثافة السودانية لشرح الأمر وإقناعهم قبل أن يتحرك وحوش السوق الموازي لإفشال القرارات في مهدها.

غداً بمشيئة الله أكتب عن اجتماع مهم عقده بالأمس مساعد الرئيس المهندس/ إبراهيم محمود، ووزيرا المالية والنفط مع القيادات السياسية حول القرارات الاقتصادية.

صلاح أبو النجا يكتب:

التحرير الناقص لسعر الصرف

وأخيراً قرر بنك السودان رفع سعر الصرف لسد الفجوة بين السعر الرسمي والسعر الموازي بزيادة قدرها 131%، وبالرغم من أن هذه خطوة عظيمة في الاتجاه الصحيح، ولكنها لن تؤدي إلى كل النتائج المرجوة لتحرير السعر وذلك للآتي:

احتفظ بنك السودان بالسعر الرسمي البالغ 6.4 جنيهات وهو سعر وهمي وغير واقعي، وهو الذي يطبق على استخدامات الحكومة بيعاً وشراءً، وهو سعر لا يعكس التكلفة الحقيقية لمنصرفات الحكومة ووفودها المسافرة للخارج، وكذلك تكلفة خدمات ومشتروات مؤسساتها، وسوف يُغري هذا السعر المتدني مؤسسات الحكومة بالمبالغة في استخدامات النقد الأجنبي طالما كان السعر متدنياً إلى حد بعيد وغير واقعي، كما أن توحيد السعر وتحريره حسب مقتضيات العرض والطلب، سوف يكون مدعاة إلى ترشيد منصرفات الحكومة، وكذلك منصرفات وفودها المسافرة للمؤتمرات وغيرها.

تسمية الحافز لكلا المشتروات والمبيعات أمر غير صحيح، فإذا كان حافزاً لبائع العملة الأجنبية، فلن يكون حافزاً للمشتري، والأوفق تسميته ضريبة، وقد تم هذا الإجراء في ستينيات القرن الماضي حينما كانت أسعار العملات مرتبطة بعدد من جرامات الذهب الخالص لكل عملة باتفاق مع صندوق النقد الدولي، وكان تعديل السعر يتم بالاتفاق مع الصندوق، وكان سعر الدولار في ذلك الوقت حوالي 38 قرشاً، فلجأ بنك السودان إلى تطبيق نسبة معينة تصل بالدولار إلى أربعين قرشاً دون إجراءات التخفيض مع الصندوق، وسمى الزيادة في شراء البنوك للعملة حافزاً إذ كان صادر القطن أكبر صادر آنذاك وعائد أسعاره مجزياً لا يحتاج إلى حافز، مما وفر للحكومة عائداً مقدراً في حساب الحافز والضريبة.

لقد دلت التجارب على أن المغترب لن يتجاوب مع الأسعار المعلنة من المصارف طالما كانت أسعار الموازي أعلى. ولقد كان سعر السوق الموازي يوم إعلان الإجراءات الجديدة 16.5 جنيهاً، أي ما يزيد عن السعر المعلن بحوالي 70 قرشاً في الدولار، ولا أدري إلى أي مدى وصل اليوم.

إن توحيد السعر وتحريره وفقاً لمقتضيات العرض والطلب هو الحل الأمثل، وهو الذي يجذب تحويلات المغتربين إلى المصارف، إذ أنه لن يكون هنالك سوق موازٍ يلجأون إليه، فإذا تم جذب تحويلات المغتربين إلى المصارف فإن استخدامها سوف يكون مرشداً حسب أولويات الاقتصاد. وحتى لا ينفلت السعر من جراء المضاربات فإني أود أن أحيي إجراءً قام به الدكتور/ صابر محافظ بنك السودان الأسبق في الماضي، وذلك بأن تنتظم البنوك في مجموعات، كل مجموعة مكونة من أربعة أو خمسة مصارف تسمى، صناع السوق، وترتبط كل مجموعة بعدد من الصرافات، وتقوم هذه المجموعات بالتشاور صباح كل يوم بتحديد السعر وفقاً لطلبات الشراء وطلبات البيع المتوفرة لديهم ولدى الصرافات، ثم يتم تطبيق السعر المتفق عليه، ولا يعاد النظر فيه إلا في صباح اليوم التالي، وهنالك تجارب أخرى في مصر وتركيا يمكن الاستفادة منها.

إن توحيد السعر وتحريره حسب العرض والطلب سوف يخفف قدراً كبيراً من الأعباء ويعود بفوائد جمة، ولا نرى أن تكون هنالك أسعار متعددة، سعر لدولار القمح وسعر لدولار النفط وغيرها، وأن يأتي الدعم لأي سلعة يراد دعمها بالجنيه السوداني وليس عن طريق سعر العملة.

في إطار سياسة التحرير وكسب ثقة المغتربين، يمكن للمصارف المحلية أن تجتذب مدخرات المغتربين في شكل ودائع استثمارية تعطي عليها عائداً أفضل من عوائد الخارج وذلك باستخدامها في اعتمادات ومرابحات بالنقل الأجنبي على أن يلتزم العميل بالسداد بالعملة الأجنبية، ولقد جربنا هذا الإجراء في بنك التضامن قبل مدة من الزمن وأنشأنا قسماً أسميناه استثمارات النقد الأجنبي وكان أن حقق نتائج باهرة للبنك والعملاء.

صحيفة الصيحة


‫2 تعليقات

  1. ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههاااااا مغتربين آل ما كفاكم اللهطي من البترول الي الهب عايزين الحل من المغتربين تشموها قدحه..

  2. المشكلة ليست فقط مدخرات المغتربين أو تحويلاتهم، المشكلة الأكبر والأدهى والأمر هي النهب والسلب الحاصل بواسطة المنتسبين والذين يأخذون الدولار بكميات كبيرة وبالسعر الرسمي وأقرب مثال قبل أيام تم إكتشاف شركات وهمية لإستيراد الدواء نهبت ليها كم مليون دولار بالسعر الرسمي، ثم اختفى الموضوع ولم يرد شئ عن ما تم من عقوبات في حقهم، وكذلك إستثمارات الأموال المنهوبة والتي تهرب للإستثمار في الخارج، هذه أيضاً لها أثر بالغ على الإقتصاد، والإقتصادر العليهو كثير وما شوية، والله المستعان بس.