مقالات متنوعة

بين (السيادة) و (الانبطاحة)


٭ في كثير جداً من الأحايين يقع حادث، وسرعان مايمكنك أن تحدد أما أن الحكومة تجلب لذاتها الهوان والمسخرة، أو أنها بالفعل منظومة تستحق التحية والتقدير .. لا مساحة لموقف رمادي إما سيادة أو إنبطاح.
٭ والي غرب دارفور فضل المولى الهجا فضل المولى أكد أن حكومته (مالياً) مركزة، ولا مجال للتهاون أو التراخي .. إذن ما الذي حدث ؟؟ .. في الأيام الماضية وقعت حادثة مؤسفة بمحلية جبل مون أودت بحياة مواطنين، وتحولت لصراع قبلي، وهب الهجا للوقوف على الأوضاع.
٭ طلب الوالي طائرة من بعثة (يوناميد)، وتم التصديق عليها بالفعل، ولكن فجأة البعثة ألغت الرحلة دون تفسير أو إبداء أسباب .. تعامل الهجا بهدوء تام ولم يحصر نفسه في خانة (الشجب والإدانة)، ولم (ينبطح) على قول صاحب الزفرات الطيب مصطفى.
٭ قام على الفور بإصدار توجيهات مُنعت بموجبها طائرات (يوناميد) من الهبوط والإقلاع من مطار مدينة الجنينة، جاءه رئيس بعثة (يوناميد) بالولاية واعتذر له.. رفض الهجا الاعتذار ومضت أربعة أيام كاملة دون هبوط إو إقلاع أي طائرة لـ (يوناميد) من المطار.
٭ استخدم الهجا صلاحياته كوالي، ولم يستأذن المركز .. رد الصاع وحفظ للحكومة كرامتها ، ثم فضح (يوناميد)، مؤكداً بذلك انها تستحق أن تغادر البلاد اليوم قبل الغد .. حينما صرح وسخر من البعثة : (تقول يوناميد، إنها جاءت لحماية المدنيين وحفظ الأمن).
٭ لم تجد البعثة بُداً من أن يأتي رئيسها بالإنابة بالسودان من مقر رئاستها بالفاشر، إلى الجنينة ويجتمع مع الهجا وأعضاء حكومته ، مقدماً اعتذاراً مع وعد بعدم تكرار الموقف، وفتح صفحة جديدة للتعاون.
٭ تذكرت مع موقف الهجا الحماسية الرائعة التي تقول (الليلـه البشاير). والتي فيها بيت يقول (ناسا كرام طيبين يلقـو الضيوف برا ..ساعة الغضب حارين زي وطية الجمرة).
٭ ماجرى من الهجا وحكومته، يبعث بالاطمئنان ويؤكد انهم (راكـزين سوو النجيض مو ني .. شـالووها حمرة عيـن ختـوا الـوسم بالكي) .. وأن الثغور قائمين عليها (ناس حارة)، والأهم في ذلك تجديد التأكيد أن (يوناميد)، ماتزال (وجعاً) ولم (تفزع).
*كان من الممكن ان يكون الهجا ،مثل مسؤولين يدفنون رؤوسهم في الرمال، أو يتحاشون الدخول في شؤون أقرب ماتكون من اختصاص المركز، رغم حداثة عهده بالمنصب الذي وصل إليه في الأسبوع الثاني من أغسطس الماضي.
٭ لم يعط الهجا ، المركز وحده درساً في أدبيات التعامل بين الحكومة والمؤسسات الإقليمية والدولية، بل أعطى الحكومة نفسها درساً، في كيفية التعامل مع المواقف الحاسمة .. وقد عودتنا الحكومة على طريقة ناطقها الرسمي على الشجب والذي هو أقرب لرفع الصوت بالصياح.
٭ كان لوالي شمال دارفور السابق عثمان كبر موقف شبيه مع وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأسبق كونداليزا رايس .. لكن طبيعي أن يبدر ذلك الموقف من الهجا ابن الحركة الاسلامية والشرطة الشعبية وهي مؤسسات لا تعرف الانكسار.

إذا عرف السبب – اسامة عبد الماجد
صحيفة آخر لحظة