رأي ومقالات

ترمب والخليج.. من ينتصر ؟ مجنون البيت الأبيض هل يخلخل الخليج؟


هل يبتلع ترمب تصريحاته أم ينفثها لهبا في أرض الخليج
يصعب جدا التكهن بما ستكون عليه شكل العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية الجديدة في عهد دونالد ترمب الفائز للتو بالرئاسة الأمريكية وبين الدول الخليجية والعربية والإسلامية.

· أسوأ المتشائمين في الخليج لم يكن يتوقع أن يدخل هذا الرجل (المجنون) البيت الأبيض رئيسا لأمريكا.

· ترمب الذي لم يشغل من قبل منصبا عاما ولم يخوض في وحل السياسة ورث مهنة والدة في المال والأعمال وسار في الدرب، له ملفات كثيرة منها تنظيم مسابقة ملكة جمال العالم ومسابقات المصارعة الحرة ولكن لم نسمع به في يسير في دروب السياسة إلا عندما ظهر منافسا على الرئاسة الأمريكية مرشحا عن الحزب الجمهوري، والغريبة أن بعض كبار سياسيي حزبه رفضوا مناصرته بحسابات انه رجل متهور ولا يمثل الشخص المناسب للحزب الجمهوري، ثم جاءت تصريحاته وعلاقاته المراهقية مع النساء، وعن المسلمين وتهربه من الضرائب لتباعد بينه وبين البيت الأبيض حسب استطلاعات الراي العام التي اثبتت انها لا تمثل المقياس المناسب لقياس درجة توجهات الراي العام، حدث هذا في الانتخابات الامريكية والتي اجلست كل دراسات الراي العام كلينتون على كرسي البيت الابيض ولكنها هزمت، ومن قبل اكدت فوز المناصرين لاستمرار بريطانيا في الاتحاد الاوربي ولكن انفصلت، الغريب في هذا الأمر أن قردا صينيا رشح فوزه وقبل صورته فصدق القرد الحيوان وفشل الانسان بقراءاته وتنبؤاته.

· ما يهمنا في هذه الموضوع الآن هو كيف ستكون علاقة دونالد ترامب بالدول الخليجية خاصة السعودية والتي جاءت تصريحاته ضدها سالبة جدا وألقت بظلال سوداء على مستقبل العلاقة بين هذه الدول الخليجية وبين أمريكا.

· لنقرأ معا مجمل ما قاله ترامب عن الخليج في إطار حملته للفوز بكرسي الرئاسة الامريكية. في مقابلة أجرتها معه صحيفة (النيويورك تايمز) الأمريكية عن السياسة الخارجية التي سيتبعها اذا ما فاز برئاسة امريكا قال (سيجعل دول الخليج العربي تدفع أموالا مقابل تقديم الحماية الأمريكية لها) ثم أدرف (ربما يلجأ إلى سياسة مقاطعة النفط من السعودية ودول خليجية أخرى). ولكنه ربط ذلك (بضرورة عدم قيام الرياض ودول أخرى في الخليج بإرسال قوات برية لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي، أو أن تقوم تلك الدول بسداد فواتير مالية لواشنطن من اجل محاربة تلك الجماعة الإرهابية التي تهدد استقرار المنطقة العربية). وفي تصريح يبرز غرور (راعي البقر) وعنجهيته يقول (لا أعتقد أن السعودية تستطيع البقاء إذا لم تقم الولايات المتحدة بدورها في حماية المملكة).

· وفي تجمع انتخابي له في ولاية فرجينيا هاجم دونالد ترامب دول الخليج وقال (سأذهب إلى دول الخليج التي لا تقوم بالكثير صدقوني، دول الخليج لا تملك أي شيء لكنها تملك الأموال) مضيفاً (سأجعلهم يدفعون الأموال، لدينا دين عام يقدر بـ 19 تريليون دولار، ولن ندفع أموالاً عن هذا). وقال (لا تنسوا دول الخليج بدوننا ليس لها وجود).

· نعم .. هذا مجمل التصريحات التي نفثها دونالد ترامب إبان حملته الانتخابية عن الخليج ويلاحظ تركيزه على المملكة العربية السعودية، ويبدو أن ترامب تسيطر عليه سطوة المال وينطلق في تصريحاته من حيث اهتماماته وعمله كرجل مال واعمال، لأنه استخدم لغة المال مقابل الحماية الأمريكية للخليج، وهو بهذا يدوس على كل تصريحات من سبقه من الرؤساء الأمريكيين بأن الوجود العسكري الأمريكي في الخليج من أجل حماية المصالح الأمريكية وليست حماية الخليج.

· السيد ترامب يريد أن يتعامل مع السعودية وبقية دول الخليج بمفهوم تبادل المصالح ولكن بصورة مقلوبة وخرقاء لا تمت للواقع بصلة فالوجود الأمريكي في الخليج هو لتأمين المصالح الأمريكية وحتى إذا افترضنا جدلا انه من أجل حماية الدول الخليجية فإننا نجد أن هذه الدول تدفع فاتورة باهظة مقابل هذه الحماية إذا أردنا أن نسميها (مقابل) فالسعودية مثلا لديها سندات وأصول في أمريكا تقدر بـ (750) مليار دولار كانت قد هددت بسحبها إذا وافق الكونغرس الأمريكي على قانون يحمل السعودية مسئولية هجمات 11 سبتمبر.

· ونفس الشئ نجد أن الإمارات العربية المتحدة تستثمر في أمريكا بأكثر من 17 مليار دولار.

· أما دولة قطر ففي العام الماضي فقط أبرمت صفقات في السوق الأمريكية تصل قيمتها إلى نحو 15 مليار دولار وتخطط قطر لإنفاق نحو 35 مليار دولار على استثمارات جديدة في السوق الأمريكي وحده في غضون السنوات الخمس المقبلة. حسب موقع (الخليج اون لاين).

· وفي تصريح له حسب موقع (RT)كشف صباح خالد الصباح النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي، أن استثمارات الصندوق السيادي الكويتي في أمريكا بلغت 305 مليارات دولار.

· ثم تأتي سلطنة عمان التي تبلغ استثماراتها في أمريكا ( 16 مليار دولار). أما البحرين فتبلغ استثماراتها 2 مليار دولار.

· بعد كل هذه المليارات الدولارية التي تصب في صالح الاقتصاد الامريكية فماذا يريد ترامب اذا من تصريحاته عن الدفع مقابل الحماية، اعتقد ان الرجل يريد كاش حتى يقل النقاش وتجد الدول الخليجية الحماية الامريكية.

· أما فيما يخص تنظيم الدولة الاسلامية داعش التي شغلت العالم كثيرا فيبدو ان ترمب ومن خلال تصريحاته يعتقد أن داعش يشكل تهديدا إرهابيا للملكة العربية السعودية والدول الخليجية وأن أمريكا لا تحارب داعش إلا حماية لهذه الدول لذلك يجب على هذه الدول ان تدفع فاتورة الحرب، ولكن نسى ترامب او تناسى أن نفس هذا المنطق المعوج استخدمه الرئيس الأسبق بوش في حربه ضد العراق بأن صدام يشكل تهديد للدول الخليجية التي كانت صديقة لأمريكا في ذاك الزمان حسب ادعاءات بوش، واستطاع عبر هذه الفرية أن يستنزف الدول الخليجية التي دفعت فاتورة الحرب الخاسرة فكان لها جزاء سنمار حيث تم تسليم العراق إلى إيران وانهدت آخر قلاع الأمن القومي الخليجي في الشمال وانفتحت عليه أبواب من جحيم كان أهونها نار صدام حسين.

· نعم … داعش التي هزمها الجيش العراقي المطعم بالمليشيات الإيرانية ومليشيات حزب الله تستطيع الدول الخليجية أن تهزمها إذا أفسح لها المجال دون ان تدفع مليما واحدا لأمريكا التي هي من أوجدت داعش وبشهادة ترامب نفسه الذي اتهم منافسته هيلاري كلينتون بأنها هي (مؤسسة تنظيم داعش) إذا يجب ان تحارب أمريكا داعش لوحدها دون فاتورة خليجية بل يجب عليها أن تدفع إلى الدول التي تضررت من داعش مثل سوريا والسعودية العراق مليارات الدولارات تعويضا عن ما أحدثه هذا التنظيم الأمريكي بشهادة ترمب نفسه.

· أمريكا الدولة القوية ترى أن لها الحق في أن تفعل ما تشاء ولن يستطيع احد أن يستجوبها وتدين نفسها نفسها دون محاسبة أو محاكمة من أحد، وهل يجرؤ أحد على محاسبة (ستهم)، ثم تمد لسانها طويلاً وفي يدها كرباج لتلوذ كل الدول بالصمت وإلا سينزل الكرباج على ظهورها هذا ما يحدث بالضبط الآن في الساحة السياسية في الشرق الأوسط، فكيف لرئيس أمريكي فائز للتو يشهد بان أمريكا هي مؤسسة تنظيم داعش ويطالب الخليج بدفع فاتورة محاربتها أليست هذه هي العنجهية نفسها، أليس هذا هو أسلوب رعاة البقر، فما يمثلونه في أفلامهم يريدون أن يطبقوه في الواقع.

· الدول الخليجية عليها ان تستعد جيدا للمرحلة المقبلة التي تختلف بلا شك عن كل السنوات الماضية التي كانت فيها العلاقة جيدة او سيئة مع امريكا فالقادم ربما يكون أسوأ من ما مضى.

· سيجتمع قادة الدول الخليجية في شهر ديسمبر في المنامة في اطار قمتهم رقم 37 وبلا شك ان ضمن اجندتهم ستكون المرحلة المقبلة لمواجهة الواقع الجديد في امريكا.

· لقد ظلت بعض الدول الخليجية ومعظم شعوبها تنادي بالاتحاد الخليجي وتعتقد ان ما تحقق لاكثر من 37 عاما منذ تاسيس مجلس التعاون الخليجي لم يحقق الطموح، ولم يرتق لمستوى التحديات، بل في أحيانا كثيرة تأتي النتيجة سلبية بسبب بعض الصراعات التي تحدث بين بعض هذه الدول، وبلا أدنى شك ان إتحاد هذه الدول مع بعضها البعض ستشكل قوة لا يستهان لها وتجعل عدوهم يعيد حساباته الف مرة للتعامل معها سياسياً او اقتصادياً او حتى حربياً، ولكن بالرغم من كل هذه الحقائق الايجابية إلا أنها تصبح أمنيات بل مستحيلات حسب ما جاء على لسان الدكتور عبداللطيف المحمود القيادي الديني والسياسي حيث قال في أحد المجالس البحرينية (ان اتحاد كل الدول الخليجية يعتبر مستحيلاً في الوقت الحالي ولكن المناداة الآن لتأسيس اتحاد جزئي يبدأ بين السعودية والبحرين ثم تلحق بها بقية الدول الخليجية).

· إن فوز ترامب صاحب التصريحات النارية والمخيفة تجاه دول الخليج يجب إن يواجه بإعلان الاتحاد الخليجي فهذه الدول منفردة لا تستطيع المقاومة والوقوف في وجه أمريكا اقوي دول العالم ولكن إذا توحدت فيما بينها بالتأكيد سوف تصمد وتجبر الرئيس الأمريكي الجديد على إعادة حساباته مرة أخرى.

· وحسب ما تم الإعلان عنه أن رئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي ستكون ضيفة شرف على القمة الخليجية في المنامة مما يعني أن هذه الدول عادت تبحث عن التاج البريطاني ليكون بمثابة الصديق الجديد بعد أن أدارت أمريكا لها ظهرها، ولكن إذا نظرنا لهذه العلاقة الجديدة نجد أنها لن تشكل قوة خاصة وأن بريطانيا تواجه مشاكل اقتصادية عدة وأنها هي نفسها تدور في فلك السياسات الأمريكية.

· اعتقد ان التصريحات التي تواكب الحملة الانتخابية لأي مرشح سواء امريكي أن غيره تظل أمنيات قد لا تتحقق لأن الواقع السياسي غير تلك الاحلام الانتخابية، فهنا في عالم الواقع وعالم السياسة كل شئ بحساباته الجديدة حسب معطيات ذاك الواقع، والأحداث المتجددة وردة فعل الآخر تجعلك تعيد حساباتك وتدرس خياراتك عشرات المرة قبل ان تقدم على اتخاذ أي قرار، واوباما الذي بشر باغلاق غوانتناموا وضرب الاسد اذا استخدم اسلحة كيماوية لم ينفذ وعوده، هكذا هي السياسة اقول ما لا افعل وافعل ما لا اقول في أحيان كثيرة.
· الرئيس الامريكي الجديد ترمب فاز في الانتخابات الامريكية بعد حملة انتخابية شعواء استخدم فيها كل طرف كل الاسلحة المتاحة والغير متاحة وجاء خطاب ترامب المتشدد تجاه المسلمين والمهاجرين غير الشرعيين خاصة المكسيكيين الذين قال انه سيقوم ببناء جدار بين حدود البلدين على ان تدفع المكسيك تكلفة البناء، نلاحظ ان كل شئ عنده بحسابات مادية بحته وهذه هي ثقافته التي تعلمها من خلال عمله في المقاولات.

· بعد فوزه ظهر ترامب كانه حملاً وديع من خلال خطابه الذي القاه بعد فوزه حيث جاء خطابه ايجابيا يختلف تماما عن خطابه الانتخابي هذا ما يؤكد ان خطاب الحملات الانتخابية غير ذاك الذي ياتي بعد الفوز وقد تحدث ترمب عن هيلاري كلينتون حديثا ايجابيا وطالب بان يعملوا معا من اجل امريكا وهو الذي كان يقول بانها امراة فاسدة وسوف يحاكمها ويزج بها في السجن بعد فوزه.

· وفي خطابه أيضا وان كان لم يتحدث عن السياسة الخارجية كثيرا ولكن قال ان امريكا ستتعاون مع الجميع بعدالة مما يؤكد بان سياسته الفعلية ليست هي سياسته القولية في حملته الانتخابية.

· لكن هذا لا يعفي الدول الخليجية ويجعلها تنام في العسل، لا بد ان تستعد لهذه المرحلة جيدا فهذا الرجل الذي وصف بالمجنون يمكن ان يفعل أي شئ، فكل شئ في عالم السياسة متوقع لذلك يجب على هذه الدول ان تضع لها سياجا آمنا حولها يحميها من تهورات هذا الرئيس الجديد ولن يحقق هذا السياج الهدف منه الا إذا اتحدت هذه الدول.

· ومنذ الان اتضحت نوايها القبيحة تجاه الفلسطينيين حيث دعا الرئيس الصهيوني نتن ياهو لزيارة امريكا في اقرب وقت بعد ان اتصل به نتنياهو ليهنئه بالفوز.

· اذا واضح جدا ان هذا الرئيس يحمل نوايا سيئة تجاه القضية الفلسطينة وسينفذ ما وعد به في حملته بان ينقل السفارة الامريكية الى القدس.

· اخيرا اقول ان ترامب فاز لانه خاطب فطرة الشعب الامريكي.

ابراهيم أرقي
كانب ومحلل سياسي مهتم بالشؤون الخليجية


تعليق واحد

  1. كلام تسميع و تجميع فاين التحليل
    شوف ليك حمار جزو يا ارقي