مقالات متنوعة

شاعر يتمرد على الجمال


٭ مرت بنا أمس الأول ذكرى رحيل الفنان خوجلي عثمان (عليه الرحمة) ، كان الفنان الراحل هو الفنان الوحيد الذي يتذكر اسمي دائماً في كل مقابلة فنية، مرئية أو مسموعة ويؤكد مرة بعد أخرى أن أغنيتي (اسمعنا مرة) هي التي جعلت منه فناناً، أذكر أننا التقينا بعد سنوات بحفل عرس بإمارة أبو ظبي فغنى لي أغنية (الذكريات)، فشعرت أن الغربة لم تدع لي دموعاً أذرفها على أيام كانت لنا هناك بين أحضان الحبيبة أم درمان، تحولت الآن إلى شيء له طعم الدموع.

٭ أعلن الشاعر إسماعيل حسن من خلال أغنيته (غلطة كانت غرامي ليك) تمرده على المرأة البرجوازية الرؤى، والتي تتعمد أن ترى شعراء الجمال مجرد حراس عند باب حديقتها، وقال إنه لن يتنازل عن اعتزازه بنفسه إلى إنسانة ليس لها تقديراً للشعراء، لم يسلم إسماعيل من ثورة عارمة تعرض لها من شعراء الحقيبة بسبب تمرده هذا، مما جعلهم يطالبون بنفيه بعيداً عن قبيلة المبدعين إلا أنه لم يهتم كثيراً بما يقولون، وقال مرة أمام عدد من أصدقائه إنه لن يسمح لامرأة مهما كان جمالها أخاذاً أن يقوده إلى مربع للهوان، وبهذا كان (أبوالسباع) أول شاعر يعلن تمرداً على الجمال بالرغم من أنه كان مقتولاً به.

٭ في ماليزيا يصاب الأب بحزن شديد إذا علم أنه رزق ولداً، أما إذا كانت المولودة بنتاً صفق طرباً بقدومها، رحت أسأل نفسي ما الذي يجعل الأب الماليزي يصفق طرباً إن رزق ببنت ويحترق حزناً إن رزق بولدا؟.. ولن أخفي عليكم أحبابي الأعزاء أن ملاحظتي الشخصية كأب أكدت لي أن البنات ما أن يغادرن المنزل للزواج أو للدراسة في الخارج أو لأي سبب كان، تظل دواخلهن مترعة بالحنين إلى أيام كانت لهن بين أحضان الوالدين، على عكس الأولاد الذين غالباً ما تكون درجة الاشتياق عندهم منخفضة إلى درجة البرودة.

٭ كان الشاعر حسن الزبير نحيلاً كأنه آهة تمشي، كان صوّاماً قوّاماً عليه لمحة من إشراق كأنه شمعة في معبد، ما أقيم حفل عرس إلا وكان أول المهنئين، وما أقيم سرداق عزاء إلا وكان أول المعزين، يكتب الكلمة الغنائية بطريقة فيها من الشفافية ما يجعلك تشعر كأنك أمام بستان يتكلم، في رأيي أن أغنيته التي غناها الفنان الراحل خوجلي عثمان تعد من أعظم الأغنيات التي عرفها تاريخ الغناء في السودان، وقد قال عنه الشاعر محمد بشير عتيق إنه يكتب الشعر بالبساطة التي يتناول بها برتقالة من حدائق الباقير.

٭ أطلقت مؤسسة سويدية قبل عدة سنوات حملة بلغت تكلفتها آلاف الدولارات بهدف نشر المحبة والسلام بين المواطنين تحت عنوان (كن مبتسماً)، يبدو أن هذه المؤسسة قد اكتشفت أن الابتسامة برغم رقتها هي القادرة على تحويل حدة الصخر إلى بسمة من طفلة، ترى ماذا لو تعاملنا بهذه الابتسامة الطفلة الوسيمة، أعتقد حينها أن دخان البنادق المعبأة بالغدر لن يتردد في أن يكون عطراً لعروس في ليلتها الأولى.

٭ هدية البستان
عطشان والبحر جنبك
رذاذ الموج يرش قربك
تشرب منو ما قادر
تريح آهة في قلبك

لو.أن – اسحاق الحلنقي
صحيفة آخر لحظة