رأي ومقالات

قصة قصيرة.. بطولة ود حمدان


كان الليل مظلما بهيما حالكا شدييد السواد ، والقرية الوادعة تغط فی سكون وهدوء تام ، لم أعد اسمع سوی أصوات الجنادب ونقيق الضفادع ونبيح الكلاب من حين لآخر ونهيق ذلك الحمار المنكر الغليظ ..هانق ..هانق هانق .. تقلبت علی سريری عدة مرات وانا أحاول النوم ، ولكن ثمة بعض الأفكار الغريبة أخذت تطاردنی وتستحوذ علی تفكبری فتشدنی للوراء … عيييك عشرين سنة وانت لسه ما نسيت ؟؟؟ ياخی حرام عليك المرا هسی ولدا فی الثانوی !!! وأنت لسه عانس .. منتظر شنو ؟ منتظر المسيح ينزل مثلا ….
اعتدلت فی جلستی وعلی ضوء البرق لمعت امامی أعين البهائم فی الدكة وكأنها جوهرات الخريف .. فخطرت ببالی خاطرة .. قاتل الله الفقر .. شوف يا ولد انتا عيبك شنو غير جيبك .. طيب هسی البقرة الواحدة من ديل بی كم مليون ؟ عشرة مليون .. يعنی عشرة بقرات بس من مراح حاج السجم ده بتحلليل المشكلة تااااب … ههههههههههههه هها ههاي …. لكن كان قبضوك ؟؟؟ طيب انا اعمل شنو يا عالم شهادة البكلاريوس معلقة ليها عشرين سنة نسجت عليها خيوط العنكبوت ، لفيت بيها الشرق والغرب ما لقيت وظيفة .. واضطريت اشتغلت بالزراعة وتنازلت عن عنجهية وعجرفة ود حمدان ونسيت الشهادات .. وكل سنة ازرع سنة عطش وسنة فأر وسنة طير وسنة ناس هناي ديلك الما بجيب اسمهم يشيلوا محصولك كلو من التقة ويخلوا خشمك ملح ملح …
وأنا مليت وطقيت من الفشل .. وناس الحلة كلهم قعدوا يضحكوا علي وسمونی العاطل .. انا الليلة لازم أضع نهاية للمهزلة دی .. انا ما فاشل ولا عاطل .. انا الليلة لازم أثبت لی الناس كلهم انا أرجل راجل فی الحلة دی … انتحر بس .. حكمت المحكمة حضوريا علی المتهم العاطل ود حمدان بالإعدام شنقا شنقا حتی الموت .. محكمة ………
انتوا قايلين شنو والله فكرة .. فكرت فی الأمر جليا وخرجت اتلصص وامشی علی امشاط اقدامی حتی عثرت علی حبل قوى غليظ وتذكرت شهيد العرب البطل صدام حسين وهو يردد الشهادة ويتدلی عنقه من حبل المشنقة يوم العيد فهانت على حياتی .. وقلت فی نفسی الموت احسن وارحم لينا من هذا الجحيم .. احكمت رباط الحبل علی اعلی سقف المنزل وعملت الطوق واعددت منضدة صغيرة لاصعد عليها وكانی عمر المختار .. وقبل أن انفذ عملية الشنق فی نفسی تذكرت الرائد فاروق حمدنا الله وكيف أشعل السيجارة وهو فی لحظة تنفيذ حكم الإعدام .. بطل والله بطل … انا لازم اعمل زيو ادخن السيجارة وبعدين اطلع واشنق نفسی … نزلت بعد أن وضعت الحلقة علی رقبتی ومشيت فتشت لی علبة السجائر .. قلبت الوطا كلها ما لقيتا ، ولما لقيتا لقيتا فاضية .. عاينت لی الساعة الدكاكين كلها قافلة .. وبعدين يا جماعة الحل شنو .. هسی يعنی انا انتحر ليكم كيف ؟ فكرت امشی اصحی سواق لوری ود العجبنا أجيب لي منو سيجارة .. ده اصلو جيبو ما بفضی من سجاير البينسون ، كان داير البنقو قالوا بتلقاهو عندو .. لكن الدنيا كانت ضلام شديد خفت اعضينی لي كلب سعران ويقوموا يودونی الحكيم واطعنی أربعة وأربعين حقنة فی الصرة .. وأنا اصلی كمان بخاف من الحقن ، والله سمعت قالوا حارات نار بس .. هووووی .. هووووی .. خلاص لی بكرة لما القی لي سيجارة .. عليكم الله دی بلد دی الواحد كان داير انتحر سيجارة ما يلقاها !!!
اقول ليكم حاجة مش البلد دی ودين محمد من بكرة انا فايتا والداير انتحر انا خليت ليهو الحبل جاهز .

بقلم
أحمد بطران