صلاح الدين عووضة

وفِّر دموعك !!


*صادفت إماماً بكى خلال خطبة الجمعة الماضية..

*والأئمة الذين يبكون صاروا (أندر من لبن العصفور) في بلادنا..

*فأغلبهم ينتسبون إلى (قوم) قلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة..

*ولكن ظهيرة الأول من أمس بكى الإمام وهو يتحدث عن (الدواء المر)..

*عن الدواء الاقتصادي الذي فرضته الحكومة على الناس..

*ثم سمته (المر) دون أن تفرضه على نفسها أسوة ببقية المواطنين..

*فهي (ميَّزت) نفسها عنهم وكادت تقول: نحن لسنا منكم..

*وهذا هو ما أبكى الإمام مقارناً حال حاكمينا بحكام المسلمين (الأُول)..

*الحكام الذين كانوا يطبقون الدين ولا يكتفون بشعاراته..

*ثم إذا حلت بأرضهم ضائقة معيشية بدأوا بأنفسهم أولاً قبل رعاياهم..

*ورغم إن كلام الإمام أعجبني إلا أنني رثيت لحاله..

*فكذلك كنا نقول نحن- كثيراً- قبل أن نكتشف إننا ننفخ في قربة مخرومة..

*فآخر ما يلتفتون إليه هو أن تحدثهم باسم الإسلام..

*الإسلام ذاته الذي يقسمون- كل يوم – بأنه خط أحمر دونه خرط القتاد..

*وسكتنا- أخيراً- حين لم نفهم ما يعنونه بهذا القسم المغلظ..

*فربما يكون لهم (فهمهم) الخاص للدين غير الذي فهمناه نحن، والإمام..

*فهْمٌ لا يمس (الخط الأحمر) لمستويات معيشتهم..

*ولا يعني تشبههم بالخلفاء الراشدين- عند المحن- وإن مات الناس جوعاً..

*وليس من مقرراته قصص (العمرين) في هذا الخصوص..

*ومن ثم فلا تؤمل- يا شيخنا الإمام- في تقشف حكومي ولو بمقدار العشر..

*ولا ترتجي تنازل مسؤولينا عن (فائض) سياراتهم..

*ولا تحلم في توقف أسفار النزهة والسياحة و(النثريات) إلى حين..

*باختصار، لا تفكر في كل ما خطر على بالك و(أبكاك)..

*ألم تسمع إلى وزير المالية وهو يسخر من حديث (رجعونا محل أنقذتمونا)؟..

*ثم يكاد يقول (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير)؟..

*فهو يعيب على الناس الكفر برفاهية اليوم قياساً إلى بؤس الأمس..

*ولكنه لا يسأل نفسه: كيف كانوا هم ؟ وإلى أين صاروا؟..

*وهو سؤال الإجابة عنه يجدها الوزير في عبارة (فلان مستجد نعمة)..

*وهي تقال توصيفاً لكل من يبالغ في (البحبحة) من بعد فقر..

*علماً بأنه- حين كان فقيراً- لا حديث له سوى هذا الذي قلته يا (إمامنا)..

*ولكنه الآن اختزل الدين في (الشعائر والشعارات)..

*حتى وإن كان من بين الشعائر هذه (الحج المميز على نفقة الدولة)..

*أما ماله الخاص فـ(يوفِّر) بعضه في بيته بالعملة الحرة..

*ثم يسطوا عليه الحرامية لينكشف (المستور)..

*(وفِّر) عليك دموعك يا شيخنا !!!

صحيفة الصيحة