تحقيقات وتقارير

(بصات الوالي)..عيوب في التصنيع ووعود طال انتظارها


خيوط متشابكة وجهات عديدة وردت في الملف الخاص بعملية استيراد بصات ولاية الخرطوم أو (بصات الوالي) كما أطلق عليها المواطنين والقضية متشعبة ومتشابكة في آن واحد ونتناول هنا البصات الصغيرة (ميني باص) ذات الـ24 مقعداً وليست ذات السعة الكبيرة، التي شكا ملاكها من عدم مطابقتها للمواصفات وكثرة أعطالها المتكررة في أقل من شهر من تاريخ امتلاكها واستنزاف مدخراتهم في الصيانة، في وقت حلم فيه الملاك بالخروج من الفقر المدقع للراحة والعيش الرغد بعد امتلاكها لتنمية أنفسهم ولكن حدث العكس تدمير وزيادة أعداد العطالة لتبدو الخطط التي تنتهجها الدولة تفشل في أولى تجاربها وهو ما حدث بالفعل لأصحاب البصات. (الإنتباهة) حاولت فتح الملف وفك طلاسم القضية المعقدة ونسرد خلال السطور الواقع من الألف الى الياء.

توفير فرص عمل
الناطق الرسمي باسم مُلاك البصات عبد الإله الصديق قال إن مشروع تمليك البصات (ميني باص) طُرح من قبل وزارة التنمية الاجتماعية عبر هيئة تنمية الصناعات بهدف إخراج الناس من الفقر وتوفير فرص عمل بديلة ولحل ضائقة المواصلات بولاية الخرطوم ، وكانت شروط التقديم تسديد مبلغ 50ألف جنيه كمقدم في بنك فيصل الاسلامي بالإضافة لرخصة عامة ولا يشترط أن يكون مقدم الطلب هو ذات نفسه . وقال عدد كبير منهم وقَّع العقد دون قراءة البنود، لافتاً أنه استلم نسخته بعد مرور عام من استلامه الباص وقد اكتشف به عيوب وغير مذكور بالعقد هامش الربح والسعر الحقيقي وإنها مرهونة للجمارك وتم بيعها لهم بغير علمهم، وشروط أخرى وصفها بالتعسفية أعطت الهيئة الحق في نزع البص وحبس صاحبه، واتهم الهيئة بالربوية. وقبعت البصات بالساحة الخضراء لمدة شهرين تبدأ لوحاتها بـ (17-18-19) و استلموا التي تبدأ بـ (17) بقيمه 542 ألف جنيه لمدة (7) أعوام بواقع (6) ملايين شهرياً. وللمفارقة أنه بعد أقل من 15يوماً فقط من تسليم البصات التي تبدأ بـ (19-18) بمبلغ 500 ألف جنيه فقط بتخفيض 42 ألف جنيه في خلال 15 يوماً.
وقال عبد الإله أن مشاكل اخرى بدأت تظهر منها الاسبيرات وصلت الى 9 آلف جنيه ويتم تغييرها مرتين في الشهر ورغم الشكاوى المتكررة من ذلك عللت الهيئة بأن السائقين (رجلهم حارة) وبعد فك الجربوكس 18مرة وفشلت شركة (حريص) وهي الوكيل الحصري لاسبيرات البصات في حلها فضلاً عن عدم توفر الاسبيرات لدى الشركة إلا بعد 3-4 أشهر.
مشاكل اسبيرات
مختار ابراهيم صاحب ميني باص أكد ورود شكاوى أصحاب البصات في أقل من شهر لكثرة صرف الوقود الذي يتراوح في اليوم ما بين 350- 400 جنيه وبطء السرعة وطالبوا بمقابلة المدير العام تم تكوين لجنه من الصينين ومهندسي شركة حريص الوكيل الحصري وفرد من السائقين. وجاء التقرير بأن البصات جيدة والعيب من السائق.
اعتراف بالعيوب
وقال مختار إن الهيئة اعترفت بعيوب البصات وقامت بتجميعها بسبب عيب في (طلمبة المياه) بغرض تغيير حجمها لعدم استطاعتها القيام بتبريد البص بالإضافة الى(طلمبة الجاز) والتي تسقط أثناء سير البص وإشكاليات أخرى في تغذية الكهرباء فضلاً عن انفجار البطارية واللديتر فجأة وذوبان فانوس الإضاءة بجانب حدوث حالات حريق كامل لبعض البصات ومنها عدد( 2 ) بص أمام مقر هيئة تنمية الصناعات الصغيرة، وحدوث التماس كهربائي بصورة متكررة بسبب الأسلاك الضعيفة، وتعطل الكرونة المتكرر فضلاً عن احتراق عدة بصات بمقر الهيئة لأسباب غير معلومة . ويقول مختار ابراهيم صاحب بص إن البصات بها عيوب ثابتة ومشتركة في الماكينة، ولا يتوفر مكان مخصص للإطار الاحتياطي ويلجأون الى (ربطه) داخل البص مع الركاب وقد حدث له انزلاق في مرات عدة وأحدث ضرراً بالغاً بالركاب بالإضافة لضيق المساحة، وقرب العادم من الأرض ووجود المروحة بالجزء الأيمن للبص مخالفة واضحة للمواصفات في البلاد ذات الحركة باليمين فضلاً عن الضرر البيئي والركاب وإثارة الغبار في الأسفلت والتي كان يمكن تفاديها بتركيب المروحة في الجزء الأيسر . وأقر بأن الشركة اعترفت بعيوب في الماكينة وقامت بعمل إحلال وإبدال .
وعود طال انتظارها
بعد تكرار العيوب ناشدوا الهيئة والتي رفضت أن تستجيب لمطالبهم منذ أغسطس العام السابق بعدها اتجهوا لرفع شكوى لوالي الخرطوم والذي أمر مدير عام وزارة التنمية الاجتماعية باعتبار أنها الجهة صاحبة المشروع دون أية نتيجة حتى أخبرهم المدير أن الملف برفقة الوزيرة. وبدأت الوعود بمقابلة وزيرة التنمية الاجتماعية والتي وعدت بالنظر في الأمر وحتى الآن لم يصل رد منها. واتجهوا للجنة الاجتماعية بالمجلس التشريعي ورفعوا شكوى ولكن كان التماطل سيد الموقف وبعد عام من الشكوى وجدوا رد الشكوى الذي لم يصلهم طيلة العام والذي جاء فيه أن العقد ملزم دون التطرق للمواصفة والسعر واتهموا اللجنة بالانحياز الى هيئة تنمية الصناعات الصغيرة دون الجلوس مع الطرف الثاني (ملاك البصات). أما فيما يختص بالمواصفه التي أصدرتها هيئة المواصفات قال أصحاب البصات إنها مواصفة من غير شهادة أي ” كلام ساي” وطالبوا بالمواصفة إن كانت بالفعل موجودة ورجحوا أن البصات لم تمر عبر المواصفات وإن كانت هذه البصات قد مرت عبرها واجازتها بتلك العيوب فلا قيمة للمواصفات . واتفقوا في الحديث بأن الهيئة بدأت تقوم بإغراءات لملاك البصات بإجبارهم بالتوقيع على مستندات مقابل إعفاء أقساط 3 أشهر كل ذلك من أجل تشتيتهم وتفريقهم . وقالوا إن العشرات من أصحاب البصات يقبعون بالسجون بعد أن نزعت وبيعيت بصاتهم وفقدوا المقدم 50 ألف جنيه .
لجوء للقانون
(الإنتباهة) حرصت على سؤال مدير عام هيئة تنمية الأعمال والصناعات الصغيرة عبد السميع حيدر باتهامات الملاك وبادر عبد السيمع حيدر في رده على سؤالنا بأن القانون شريعة المتعاقدين وأن المواصفات أكدت أن البصات مطابقة للمواصفة (أمشي أسالي المواصفات والبرلمان أنا ماعندي حاجة أقولها لأي زول والمتضرر يلجأ للقانون)، ولديَّ عقد موقَّع مع أصحاب البصات يحدد كل المطلوبات اذا خالفت العقد فعليهم اللجوء الى القضاء ووصف الأمر بأنه ليس موضوع رأي عام او صحافة وإنما موضوع حقوق وزاد (أنا أغلقت الموضوع تاني مابتكلم فيه). وأما بخصوص أنها مرهونة للجمارك فرد عبد السميع ” المشكلة شنو “وهل اذا كانت مرهونة لا تباع ولكن لن تحول الملكية إلا بعد إكمال المبلغ فاذا رفضنا تحويل ملكيتها بعد سدادهم الأقساط فبعد ذلك يمكن القول بأننا فشلنا. وعن مسألة بيع البص بنسبة 30% من ثمنه الحقيقي رد قائلاً ” أنا بائع بالخسارة عاوزة مني شنو ودخلك شنو..؟ والحكومة متحملة ذلك فما دخل أصحاب البصات. أما اختلاف أسعار البصات فأجاب ” لا اختلاف الأسعار وبتغيير قاطعته فرق 15يوم فقط من حقي وليعترض أصحاب البصات وأرجعي للعقد .
وهو ملزم و(معلق ) في الباب وليس غلطتنا إن لم يروه وعدد من ملاك البصات أقروا للهيئة بأنه ليس لديهم مشكلة في البص وإنما في الاسبيرات والشوارع وطالبوا بمراعاة ذلك وتسوية المبالغ . وأضاف من لديهم مشكلة في البص عليهم اللجوء للقضاء ، وأوضح إن قائمة الملاك الذين مضوا على الشكوى لوالي ولاية الخرطوم بلغ عددهم 216 شخصاً بينهم 25 غير موقع عليها وهنالك 62 اسماً وهمياً ومنها أسماء مكررة أكثر من 3 مرات بتوقيعات مختلفة ولم نملكهم بصات وتحدى إثبات ذلك بالمستندات أصحاب الشكوى بأنهم امتنعوا عن دفع أموال الدولة . كاشفاً عن تحريك إجراءات قانونية ضدهم وتصعيد القضية لأن المراجع العام سيتهمني بإهدار المال العام .
زيارة وحديث غير رسمي
اتجهنا الى هيئة المواصفات والمقاييس بغرض الحصول على المواصفة والخطاب الذي أرفق للجنة العمل والمظالم والحسبة للبرلمان فجاء رد الهيئة بأنها تضع المواصفات القياسية للعربات وملحقاتها بواسطة اللجنة الفنية للسيارات وتخضع كل الوارد من العربات ومستلزماتها عبر النقاط الجمركية بالموانئ البرية والبحرية للفحص الميداني الدقيق وفق المواصفات القياسية والاشتراطات والمتطلبات الفنية وتبدأ خطوات الفحص والتفتيش بالخطوات التالية :
بمراجعة بوليصة الشحن المعتمدة وفحص شهادة المنشأة المعتمدة وفحص الكتلوج الأصلي للمواصفات الفنية وفحص قائمة المحتويات فحص شهادة الفحص والاختبار الصادر من شركات المساح الدولي المعتمد لدى الهيئة او شهادة الاعتماد من هيئة التفتيش والمواصفات من بلد المنشأ وفقاً للاتفاقية المبرمة بين الهيئتين للتبادل الفني والاعتماد وعليه البصات اليوتونغ (ميني باص) قد أخضعتها الهيئة لكافة الإجراءات المتبعة والمطلوبة وقد طابقت المواصفات والاشتراطات الفنية المطلوبة .
وعند سؤالنا بخصوص الخطاب الذي أرفق للبرلمان ردت الهيئة بأن المدير العام للهيئة ونائبه قالا ذلك خلال زيارتهما للبرلمان وليس عبر خطاب رسمي او مكاتبات . ورفضت المواصفات منحنا شهادة المواصفة.
وجود استثناءات
من جهته قال مدير جمارك مطار الخرطوم العميد محمد البدري مصطفى السناري إنه بموجب منشور وزارة التجارة الذي حدد موديل العربات المسموح بها يكون موديل نفس العام باستثناء المبعوثين والمستثمرين والمغتربين بحسب قانون الاستيراد. أما فيما يخص البصات يسمح بموديل 3 أعوام سابقة ورجح أن بصات اليوتونغ مستوردة كاستثمار بمعنى ” أن الشركة المستوردة تستطيع التصرف فيها وبيعها الى حين اكمال الرسوم الجمركية ويمكن التصرف فيها لأنها مستوردة بغرض مشروع استثماري محدد ولا يمكن بيعها او استخدامها لأغراض تجارية، لأنها مرهونة للجمارك مما يعني أنها لم تسدد الرسوم الجمركية او قد تكون رسومها عبر الأقساط لذلك قد تكون مقيدة حتى تخليص الرسوم ، ووزارة المالية لم تمنحنا اي قرار بإعفائها من الجمارك.
لجنة السيارات تعقب
ومن جهته قال رئيس اللجنة الفنية للسيارات والبصات بهيئة المواصفات بروفيسور عثمان شرفي إن اللجنة تضم شرطة المرور وخبراء الجامعات وجياد واتحاد اصحاب العمل ومن اختصاصاتها مطابقة مواصفة اللساتك ومستوى الازعاج داخل وخارج البص وحجم الملوثات ومن ثم تضع المواصفة في المداخل عبر المنافذ للتأكد من مطابقتها للمواصفة ويتم الرجوع للجنة حال حدوث إشكالية في المواصفات، موضحاً أن المواصفة ليست خاصة بالبصات فقط وإنما مواصفة عامة، فضلاً عن وجود لجنة مختصة بالفحص الميداني. وعن هل عرضت البصات على اللجنة الفنية للفحص الميداني قال (ليس كل شيء يعرض علينا باللجنة ولا أذكر إنها عرضت علينا ولا يمكن أن أجيب عن شيء لم يعرض علينا لأقول لك إنها غير مطابقة )، لافتاً إن الاشكاليات تكون أحياناً بعد استيفاء الشروط ودخول البص للبلاد بسبب الاستخدام السيء للبص وطالب أصحاب البصات باللجوء للجهات الفنية المتخصصة للفصل في قضيتهم و عدم مطابقة البص للمواصفات (مش كلام) وأنا لست موظفاً بالهيئة وإنما مستشار وليس لديَّ سلطات تنفيذية من هيئة المواصفات .
انتقادات:
اما رئيس شعبة الموصلات والطرق والجسور بتشريعي الخرطوم د. مبارك سحور وجه انتقاداً لأصحاب البصات ان شوراع الخرطوم لا يمكن أن تسير بها العربات بأكثر من 80 كلم، مشدداً أن هيئة المواصفات جهة فنية مختصة وهي جسم اتحادي لكل ولايات السودان وليس ولاية الخرطوم فقط وقال ليس من “حقي أقول عنها أية كلمة ” واستدرك انه لم يسمع عن شكوى أصحاب البصات بالمجلس التشريعي وأن المجلس يستند على شهادة فنية متخصصة وليس “كلام زول ساي ” .
سرقة مشروع:
في ذات السياق قال الأمين العام لمؤسسة النقل والخدمات التعاونية عصام الدين الخير إن المؤسسة صاحبة فكرة مشروع الميني بص بعد فشل بصات الوالي في حل ازمة المواصلات وتم التأمين على الفكرة وقدمت تلك الجهة دراسة جدوى مكتملة لولاية الخرطوم لتمنح التصديق بالاستيراد فوافقت الولاية على منحها التصديق باستيراد البصات، ويبلغ سعر البص بعد ترخيصه وتأمينه حتى يصل لصاحب العمل مبلغ280 ألف جنيه لتقوم تلك الجهة حسب دراسة الجدوى بتمليكه لأعضائها في مجال العمل بواقع 60 شهراً بقسط شهري 5 آلاف ليقوم السائق بتوريد 150 جنيهاً صافية في اليوم، وابتعثت تلك الجهة مهندساً للصين لزيارة المصنع. المهندس عثمان حيدر أجرى 16 ملاحظة على البص فوافقت الشركة على إجراء التعديلات لتلائم أجواء السودان، وأضاف إنهم فوجئوا أن البصات نفذت عبر هيئة التنمية والصناعات الصغيرة والتي استوردتها بنفس العيوب. وقال إن الهيئة نفذت المشروع بسرعة مما تسبب في عدم التزام أصحاب البصات الذين ضاعت حقوقهم .

الانتباهة