مقالات متنوعة

كسلا عسل المحنة


٭ من عجائب الصدف أن ثلاثة من عمالقة التاريخ ولدوا في سنة واحدة وهي عام 1889م.. أولهم كان عباس محمود العقاد الذي نشأ عصامياً ولم يرتد جامعة قط، حيث تمكن من صنع مجده الأدبي بنفسه، لدرجة أن أساتذة الجامعات كانوا يزورونه في منزله لحضور منتدى الأربعاء ليجلسوا بين يديه طلاباً.. وثانيهم طه حسين، هذا العملاق الذي عاش كفيفاً، كان يرى بنور بصيرته من العلم ما لا نراه نحن المبصرين.. وثالثهم السفاح النازي المعروف هتلر، حيث إنه بالرغم من أفعاله الشيطانية المرعبة كاد أن يحكم العالم، ولكن الثلوج التي داهمت جنوده في سيبريا أوجدت لنا خلاصاً من جنازير دباباته المعلمة بصليبه المعقوق.. لا شك أن عام 1889م شهد ميلاد الكثيرين من البشر ولكنهم ذهبوا دون أن يخلفوا من بعدهم تاريخاً يذكر.. هكذا عاشوا عمالقة ثم ارتحلوا وهم عمالقة أيضاً

٭ قال الرسام العالمي بيكاسو إن الخطوط المتعرجة الموجودة على جلود الحيوانات من الفهود تمثل نوعاً من الفوضى للعين التي تتأملها بلا أبعاد، أما العين المبصرة المتأملة فإنها ترى في هذه الخطوط تناغماً جمالياً يجعلها تشكل إيقاعاً من الألوان لا تخطئه عيون كحلها الجمال، بل تخطئه العيون التي لا ترى للفراش حقاً في التنقل بين أحضان البساتين

٭ أكد لي المستر أوشان الأستاذ الكوري الأصل الذي كان يعمل أستاذاً سابقاً بكلية الموسيقى والدراما أنه إذا تعرض الطالب الكوري إلى السقوط في مادة الموسيقى فإنه لن يجد فرصة الانتقال إلى صف أعلى، وقال أما إذا سقط في أي مادة أخرى فربما يتمكن من الحصول على طريقة ما، وقال إن المحاكم في كوريا من النادر أن ترى فيها متهماً يُقاد إلى محاكمة، والفضل في ذلك إلى الموسيقى وإلى قيامها بعملية غسل كامل للمشاعر الإنسانية المصابة بالأوحال
٭ أحمد شاويش هذا الفنان الجميل الذي اختار أن يصنع الأضواء للفنانين ويظل هو بعيداً يتقاسم مع الشموع وحده بين المعابد، وأنا أسأل نفسي دائماً عن ابتعاد هذا المبدع عن معجبيه وذلك بحرمانهم من صوت فيه من الدفء ما يجعل الشتاء ربيعاً يتنقل بين القلب والعيون، ليعلم الأخ شاويش إننا نعيش في حالة من الإنتكاس الإبداعي تجعلنا في أمسّ الحاجة إلى صوته الرخيم يُبعد عنا حقيبة من الأوجاع نحملها على أكتافنا ونحن نحترق
٭ العلاقة بين تقدم السن والعطاء.. معين لا ينضب، العطاء بالنسبة لي استمر بعد الستين بدليل أنني إلى الآن أكتب الجمال كما يريدني أن أكتبه ، أنا منذ سنوات طويلة جداً أقول إن الفضل يرجع لكسلا التي رضعت على صدرها لبنا من سحب بيضاء ، وجمالا منه ارتويت، وفي رأيي أن أي إنسان في كسلا لابد وأن يكون بالضرورة شاعراً، إذا لاحظنا أنها البلد الوحيد التي لم يزرها شاعر إلا وكتب قصيدة في هذه العذراء شرقاوية العيون.

هدية البستان
لو طليت علينا يوم بالصدفة زائر
شارع بيتنا كلو يتفجر مشاعر
البستان يقدم ليك أحلى الأزاهر
والرمان عشانك يقول يا ريتني شاعر

لو.أن – اسحاق الحلنقي
صحيفة آخر لحظة