مقالات متنوعة

تلوث المياه .. يا عبد الرحيم !


لا أعتقد إن السيد الفريق عبدالرحيم محمد حسين ، والي ولاية الخرطوم يمانع لمناداتنا له دون ألقاب لأسباب تتعلق بالنواحي الفنية للعنوان واستهداف التأثير النفسي الايجابي، وتقريب البعيد وإظهار نيتنا الحسنة في عدم التعريض بالأشخاص ممن يتحملون المسئولية عما يحدث في قطاع مياه الشرب في الولاية ، آخذين على أنفسنا عهداً بأننا سنرسل له في كل يوم رسالة نكشف فيها ما يجري من خلل وإهمال واستهتار بات يهدد حياة المواطنين ، هذه استغاثة لمن يسمع .

قامت هيئة مياه ولاية الخرطوم مطلع العام بزيادة أسعار مياه الشرب بنسبة (100%) ، حسب التعرفة المعمول بها لكل فئة ، وحددت هدف واضح لهذه الزيادة هو توفير مياه صالحة للشرب بمواصفات جيدة وكافية لاستهلاك المواطنين عبر التوسع في إنشاء المحطات وصيانة القائم منها ، السيد مدير مياه الولاية المهندس خالد علي خالد أكد على اختلاط مياه النيل بمخلفات الصرف الصحي ، وقال : ( إن الهيئة تعاني من نقص في الكادر البشري وإن الشبكة متهالكة)، تقرير المراجع العام عن المياه احتوى على جملة مخالفات تتعلق بتلوث المياه، وعدم مطابقة المواد المستخدمة في التنقية للمواصفات وسوء طريقة تخزينها ، ومخالفات تتعلق بطرق الشراء والتعاقد ومخالفتها لعشرات القوانين السارية في البلاد وفي مقدمتها الدستور الانتقالي ، فالمادة (28) من الدستور القومي الانتقالي لسنة 2005م ، نصت على (لكل إنسان حق أصيل في الحياة والكرامة والسلامة الشخصية ويحمي القانون هذا الحق، ولا يجوز حرمان أي أنسان من الحياة تعسفاً)، وتورد المادة ( 138 ) من قانون المعاملات المدنية لسنة 1984م نصاً ( كل فعل سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض ولو كان غير مميز )، وعرف القانون المسئولية التقصيرية بتوفر ثلاثة أركان هي (الفعل الضار، علاقة السببية ، الضرر )، والهدف من اثباتها هو( تعويض المضرور عن الآذى أو الضرر الذي لحق به من جراء أفعال الآخرين بسبب اهمالهم أو فعلهم غير المشروع ) ، ونص القانون الجنائي لسنة 1991م على عقوبات واضحة بخصوص تلويث موارد المياه أو تلويث البيئة، ومنعت المادة ( 130 ) (الأفعال التي تشكل جريمة ضد السلامة والصحة العامة )، واعتبر قانون المواصفات والمقاييس اختلال القواعد الفنية للمنتج ومواصفاته موجبة للمعاقبة بأحكام جنائية عن ارتكابها، إضافة لمخالفتها لقانون صحة البيئة لسنة 2009م ، وقانون تنظيم التجارة وحماية المستهلك بولاية الخرطوم، هذا وضع عاجل ولا ينتظر اسقاط النظام أو التفاوض معه أو تنفيذ مخرجات حوار القاعة، هذا يهدد حياة ملايين المواطنين.

مديرة منظمة المبادرة السودانية للبيئة قالت في مارس الماضي إن السودان يخسر سنوياً حوالي ( 490 ) مليون دولار بسبب تدهور خدمة مياه الشرب واختلاطها بالصرف الصحي، بينما يحتاج الى 240 مليون دولار لتحسين مياه الشرب ومعالجة الصرف الصحي، من يفسر هذه المفارقة ؟، ما يحدث جريمة في حق المواطنين و يشكل خطراً على حياتهم بأعتراف المسؤلين ، و فيه تعدي من الحكومة على الحقوق بموجب الدستور و كافة القوانين ذات العلاقة، المياه تسبب موت الأطفال و تسبب الأمراض الخطيرة مثل السرطان و التهاب الكبد الوبائي والفشل الكلوي و أمراض الجهاز التنفسي ، لماذا تم تشييد محطة مياه جبل أولياء ( (intake بعد مصارف المصانع و الصرف الصحي ؟ لماذا يستمر حفر آبار السايفون في عمق المياه الجوفية التي يتم ضخها للشرب ؟ و لماذا هناك نقص في الكوادر اللازمة لتشغيل هيئة المياه ؟ ماذا أنت فاعل يا عبد الرحيم ؟.

ماوراء الخبر – محمد وداعة
صحيفة الجريدة