منوعات

رحيل الفنانين.. الشائعة التي تنقلب حقيقة


عاشت الفنانة اللبنانية، صباح، أكثر من ثمانين عاماً حتى توفّيت عام 2014. لكن، في سنوات ما قبل رحيلها، كانت صباح أسيرة نفي أخبار إشاعات وفاتها. حزنت صباح كثيراً لانتشار تلك الشائعات، ووصل بها الحال إلى التساؤل، حول ما إذا كان مطلقو الشائعات، ينزعجون من بقائها على قيد الحياة. وكانت كل مرَّة تسألهم الرحمة، ومراعاة شعور محبيها الذين يتسابقون وينادون بنفي تلك الشائعات المغرضة. ووقفت الصحافة في السنوات الأخيرة موقفاً خجولاً من الشائعات التي تطاول الفنانين دوماً، خصوصاً في بعض المواقع الإلكترونية التي تستمد معلوماتها من مواقع التواصل الاجتماعي دون عناء التدقيق، فتقع هي أيضاً فريسة الكذب، حتى إن هذه المواقع، لا تُكلِّف نفسها توضيح الخبر أو الإشاعة، ولا يتمّ الاعتراف بعدم التأكد من مصدرها.

يقول، جوزف غريب، الذي كان إلى جانب الفنانة صباح لسنوات سبقت رحيلها، أنه “جهز نفسه لوقت طويل لنفي شائعة موت صباح”. ويؤكّد غريب لـ “العربي الجديد”: “خصَّصت هاتفاً جوالاً من أجل الرد على استفسارات بعض الصحافيين الذين لم يدخلوا لعبة نشر المعلومة قبل التأكد منها، وهم قلة. يتصلون معي ويسألونني بشيء من التمويه عن صحّة الصبوحة، ويدركون من صوتي أنها بخير. فيما كان البعض الآخر يسأل، وأجيبه بشكل مقتضب: الصبوحة بخير”.

يؤكد نجل الفنان الراحل، ملحم بركات، ملحم جونيور، أنّ والده عانى كثيراً من الشائعات التي تحدثت عن مرضه، أو تلك التي وضعت نفسها في موقع التحليل، وكشفت عن تقدم مرحلة المرض عند بركات. ويعتقد أبناء ملحم بركات، أن بعض الفنانين والصحافيين، أسهموا إلى حد ما في زعزعة الاستقرار النفسي الذي يجب على الفنان أو أي إنسان الخضوع له طوال معاناته الصحية.
كل ذلك، دفع بعض النجوم في العالم العربي، إلى إصدار بيانات صحية بعد أن تصلهم معلومات عن وفاتهم، وكان منهم الفنانة، نبيلة عبيد، التي أصدرت بياناً شديد اللهجة، تؤكد فيه بأنّها على قيد الحياة، بعدما انتشرت شائعة مرضها، وبأنّ كل ما كانت تعانيه هو مجرد إنفلونزا عادية اضطرتها إلى ملازمة المنزل لفترة من الوقت، قبل أن تستعيد نشاطها الفنّي.

الفنانة، نبيلة عبيد، أيضاً، نفت مراراً شائعات وفاة زميلتها الفنانة، مديحة يسري، والتي تعاني من أزمة صحية، بسبب تقدمها في العمر. والمعروف أن الفنانة، مديحة يسري، أصيبت بنوع من آلام المفاصل والعظام، ما أثّر على صحتها بشكل كبير، لكنها حتى الساعة تُعالج في أحد مستشفيات القاهرة. وعانت الفنانة الراحلة، مريم فخرالدين، من شائعات كثيرة تجزم بوفاتها، وهي عاشت لسنوات بعيدة عن الأضواء، لكن المقربين منها كانوا ينفون ذلك حتى توفيت عام 2014.

وكذلك يعاني الفنان، عادل إمام، من شائعات تطاول حياته. حتى إنه تحدث في أحد اللقاءات التي جمعته بالصحافة، قائلاً “خايف لما موت بجد ما حدش يصدق”، في الإشارة إلى مجموع الشائعات التي يضطر “الزعيم” إلى نفيها بنفسه.

ونفى الفنان، سمير غانم، خبر وفاته قبل أشهر قليلة، على الرغم من تدني حالته الصحية اليوم. وقال مستهزئاً: “سمعت بخبر وفاتي، فذهبت لأعزيني، فوجدت نفسي حياً أرزق، فانكسفت من نفسي”. فيما دعت ابنته الفنانة، دنيا سمير غانم، إلى اتقاء الله من قبل ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي، والتأكد من صحة أي خبر يقومون بنشره، خصوصاً في مسألة الموت.

وقبل أشهر، نفى الفنان السوري، دريد لحام، خبر رحيله بعدما انتشر بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي. وطلب لحام عبر مداخلة إذاعية، بأن يحترم مطلق الشائعة شعور عائلته وجمهوره، نافياً في الوقت نفسه أن يكون له أي حساب شخصي على مواقع التواصل الاجتماعي التي يحاول مطلق الشائعة من خلالها التفنّن بنشر الخبر عبر تلك الصفحات، وهي في الأصل مزورة.

وكذلك الحال بالنسبة للفنّانة المصريّة، فيفي عبده، التي أبدت انزعاجها من انتشار شائعة موتها بطريقةٍ مُفاجئة. وعلى الرغم من ردها الانفعالي، قالت عبده: “إن الموت حق، وأنا لا أخشى الحق”، لكنها ندَّدت ببعض الحاقدين الذين يبثّون مثل هذه الأخبار، دون التأكُّد من صحتها.

وانتشرت قبل عام، شائعة رحيل الفنان، عزت أبو عوف، بعد خضوعه لعملية جراحية حرجة، سبقها سيل من الشائعات التي طاولت أبو عوف. لكن ظهوره بالصورة على أحد المواقع، وطمأنة جمهوره، قلل من أهمية ونشر الخبر الكاذب.

وبعد إصابته بجلطة دماغية في سورية عام 2011، نفى مُقرّبون من الفنان، جورج وسوف، خبر وفاته الذي تناقلته، يومها، بعض المواقع الإلكترونية. وتم نقل الوسوف إلى أحد مستشفيات لبنان لمتابعة علاجه. الوسوف واجه، أيضاً، شائعة موته عام 2014، عندما كان يتلقّى علاجه في السويد.

وكانت الممثلة، رانية ياسين، ابنة الفنان القدير محمود ياسين، قد نشرت على موقع فيسبوك موقفاً شديد اللهجة رداً على الشائعات التي انتشرت عن رحيل والدها الفنان محمود ياسين. ياسين كتبت “ملعون أبو فيسبوك الذي فتح الباب أمام مجموعة من الناس التي لا يهمها شعور أهل الفنان، ولا حتى معنويات الفنان نفسه، والوقوف على خاطره”.

الإشكالية في مثل هذه الحالات، لا تتعلّق فقط بكون الفنان ملكاً عاماً للجمهور، بل تتعلق من جهة، برغبة الفنان بنشر حقيقة مرضه من عدمها، وذلك التزاماً بالخصوصية التي يكفلها حتى الطبيب المعالج. وبمتاجرة البعض، من جهة أخرى، في طرح سبقٍ إخباريّ عبر استغلال شائعات الموت، فيصدر الخبر أو ينشره على مواقع تضج بآلاف المتابعين.

العربي الجديد


تعليق واحد