تحقيقات وتقارير

حزب “يوري موسفيني” بالخرطوم .. ما وراء الزيارة


ثمة ما يشير بوضوح أن العلاقات بين الخرطوم وكمبالا باتت أقوى من أي وقت مضى، بعد قطيعة دامت لسنوات طويلة. فقد ظلت علاقات البلدين تتسم بالعداء، الذي يتغذى من الاتهامات المتبادلة بين البلدين، بشأن دعم كل منهما للتمرد في البلد الآخر. حيث كان السودان يتهم يوغندا بدعم متمردي جنوب السودان، فيما كانت يوغندا من جانبها، تتهم السودان بدعم وإيواء جيش الرب. وقد تلاشت القطيعة وعادت المياه إلى مجاريها، وكان لافتاً حضور الرئيس “موسفيني” خلال اختتام مؤتمر الحوار الوطني، خطوة في تطور العلاقات نحو الأحسن، وتجاوز أسباب الخلاف والعداء والقطيعة. ويبدو أن العلاقة بدأت تتسع بآفاق أكبر خاصة بعد زيارة حزب حركة المقاومة الوطنية الحاكم في يوغندا برئاسة أمينه العام “جاستين كاسول” إلى الخرطوم بدعوة من الحزب الحاكم المؤتمر الوطني. وقد بدأت الزيارة منذ (الأحد)، ومن المتوقع أن تنتهي اليوم (الأربعاء). وهي أول زيارة من نوعها بهذا المستوى.
العلاقة بين الشعبين
وقال نائب رئيس الحزب “إبراهيم محمود حامد” عقب جلسة مباحثات ثنائية، بين الحزبين اليوغندي والسوداني، أمس: إن اللقاء تتويج لتوجيهات الرئيس “البشير” واليوغندي “يوري موسفيني” إبان زيارته للبلاد أخيراً، لتطوير العلاقات بين البلدين. واعتبر اللقاء بداية لعلاقة بين الشعوب والأحزاب، للمضي قدماً في الهدف الأكبر للقارة الإفريقية، في توحيد حكوماتها وشعبها لمصلحة القارة. مشيراً إلى توقيع مذكرة تفاهم لرسم خطة وبروتوكول تنفيذي لتطوير العلاقات بين الحزبين، وثمَّن “محمود” مشاركة الرئيس “موسفيني” في الجلسة الختامية للحوار الوطني، في العاشر من أكتوبر المنصرم، مجدداً حرص الحزب الحاكم بالسودان على دعم وتطوير العلاقات الحزبية والشعبية بين البلدين، في إطار الدعم والمساندة من الرئيسين التي تصب في جهود توحيد إرادة وقدرات شعوب القارة الأفريقية، لتحقيق تطلعاتها. وعبَّر عن أمله في أن تحقق جولة المباحثات المشتركة بين الحزبين بالخرطوم، أهدافها.
من جانبها قالت رئيس قطاع العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني، “أميرة الفاضل محمد”، في تصريحات صحفية، عقب اللقاء: إن الزيارة تعتبر فاتحة للعلاقات الحزبية بين البلدين، واستكمالاً للجهود الرسمية بينهما، مشيرة إلى أن الوفد اليوغندي التقى خلال الزيارة بأمانات الشباب والمرأة والقطاع الاقتصادي بالحزب، والأمانة العامة لمجلس الأحزاب السياسية الأفريقية، وأكدت “أميرة” على أهمية العلاقات بين الحزبين وتطويرها حتى تدعم مواقف البلدين. وقالت: إن المباحثات تطرقت للجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية، ونوَّهت إلى أن الحديث تطرق للتعاون لخلق مزيد من الاستقرار.
ومن جهته أكد الأمين العام للحزب الحاكم في يوغندا، عن تقديره لجهود الرئيس “البشير” وما يبديه من حرص على دعم وتطوير علاقات التعاون المشترك بين البلدين والشعبين، مؤكداً حرص الرئيس “موسفيني” على دعم وتطوير هذه العلاقات لتحقيق المصالح المشتركة.
وأعرب نائب الأمين العام لحركة المقاومة الوطنية الحزب الحاكم في يوغندا، “ريتشارد تود دونغ”، خلال اللقاء مع مساعد الرئيس السوداني، “إبراهيم محمود” نائب رئيس المؤتمر الوطني للشؤون الحزبية، بالخرطوم (الاثنين) عن أمله في أن تحقق الزيارة أهدافها في تقوية العلاقات الرسمية والحزبية والشعبية بين البلدين.
تعزيز التعاون بين البلدين
وقد اتفق الحزبان، المؤتمر الوطني والحركة الوطنية الحاكم بيوغندا، خلال جولة المباحثات التي جرت أمس الأول (الاثنين) بدار المؤتمر الوطني بشارع المطار، على التعاون لخلق الاستقرار في دولة الجنوب، وعلى كيفية العمل سوياً لخلق ذلك الواقع، كما اتفقا على تأسيس علاقات قوية بين الحزبين، وتطويرها وتأسيس شراكات مستقبلية بين الدولتين.
وبحسب قيادي بالوطني رفض الإفصاح عن اسمه، تحدث لــ(المجهر) فإن الحزبين اتفقا على أسس وأهداف محددة، تقضي أن يستمر التعاون وتتسع مواعينه، وتمضي العلاقات إلى الأفضل مع الحرص على عدم إيواء أي من الحركات المتمردة السودانية في كمبالا، والعمل على تعزيز ثقافة التعاون بتبادل الزيارات بين الحزبين.
وكانت قد وصلت مع الوفد اليوغندي، السيدة “نجوى قدح الدم” التي اشتهرت بكونها مهندسة العلاقات بين البلدين بحكم علاقتها الشخصية القوية بالرئيس اليوغندي “يوري موسفيني”، والذي زار الخرطوم مرتين خلال عام وحرص خلال زيارته الأولى على تناول وجبة الغداء بمنزلها بأم درمان .
وكان “موسفيني” قد بارك مخرجات الحوار الوطني خلال حضوره فعالية ختام المؤتمر برفقة رؤساء مصر وتشاد وموريتانيا، وحظي بترحيب وتصفيق حار أثناء دخوله للقاعة .
وبحسب مراقبين فإن العلاقة مع يوغندا لها العديد من الميزات الإيجابية، أبرزها أنها تضمن عدم إيواء كمبالا لقادة الحركات المسلحة، بجانب العمل على تعزيز النفوذ بالعلاقات السودانية بشرق أفريقيا، لما تتمتع به يوغندا من ثقل على المستوى الأفريقي، بجانب أنها تسهم إسهاماً مقدراً في التعاون الاقتصادي بين البلدين، ويشير المراقبون إلى أن الحركات المسلحة تلقت ضربة قوية بعد أن تحوَّلت العلاقات بين البلدين إلى الأفضل، بعد قطيعة دامت سنوات، وأكد ذلك التحسن، زيارتان للرئيس “موسفيني” للخرطوم، وأن استضافة المؤتمر الوطني للحزب الحاكم بيوغندا سيقود إلى تفاهمات كبيرة، تتحول فيما بعد من أوجه تعاون حزبين حاكمين إلى أجندة للتعامل بين الدولتين.
المراقبون أشاروا أيضاً إلى أن من المتوقع أن يكون اللقاء بين الوطني والحزب الزائر قد ناقش أحد أهم القضايا المتمثلة بإقامة عدد من القيادات المتمردة بكمبالا، خاصة وأن التوتر بين الدولتين كان نتيجة لإيواء كمبالا في أوقات سابقة للحركات المتمردة.
ويرى الخبير السياسي د.”صلاح الدومة” أن هنالك تحسناً طرأ في العلاقات بين البلدين. وقال: في حديثه لــ(المجهر): إن التحول من العلاقات العدائية إلى التعاون بين الخرطوم وكمبالا، هو ما يعرف في السياسة بمصالح الصراع، حيث تجد أعداء الأمس أصدقاء اليوم، والعكس كذلك. وأشار إلى أن ذلك سوف يقود إلى تحجيم أنشطة الحركات المسلحة بيوغندا .
ومن المتوقع، أن تنتهي زيارة الحزب، حركة المقاومة، اليوم (الأربعاء) بعد مباحثات ناجحة ستتوج بتوقيع مذكرة تفاهم بين الحزبين لترسيم معالم أوجه التعاون مستقبلاً. وما بين التوقيع على الورق وانتظار المستقبل، تظل الأسئلة مشروعة عما إذا كان هذا الحراك سيقود في نهاية المطاف إلى طرد قادة الحركات المسلحة، مطلباً رئيساً للخرطوم.
المجهر السياسي