تحقيقات وتقارير

الكمساري في قفص الاتهام دائماً تعرفة المواصلات.. أزمة بسبب “الخمسين قرش”


الزيادات التي طرأت مؤخرا على أسعار الوقود رفعت سقف تعرفة المواصلات إلى نسبة 100% وكما يقول اتحاد أصحاب المركبات الزيادة ليست مجزية ولكنها تبرير للدولة لزيادتها أسعار الوقود حيث يعاني أصحاب المركبات من ارتفاع أسعار الإسبيرات، ولكن القضية أخذت أبعاداً أخرى حيث جعلت المواطن والكمساري في شجار يومي ربما يصل للعراك بالأيادي إن لم يقنع المنشور الراكب أو تعذر على الكمساري إرجاع الباقي لأسباب خارجة عن إرادته.

مشاكل
حافظ عبد الله الذي يعمل بمدينة بحري وكعادته يستقل مركبات خط بحري الميناء البري بحسب سكنه في مدينة الصحافة يقول لـ(الصيحة): أضحت مشكلتنا ليست في التذكره العالية والتي سلمنا ورضينا بها مرغمين، ولكن أصبحنا في شجار يومي مع الكمساري بسبب زيادة التعرفة من جنيهين إلى ثلاثة جنيهات ونصف ويضيف حافظ “النص ده سبب مشاكلنا لأن الكمساري يقول ليك ما في خمسميات لا تقدر تخلي ولا تقدر تقالع بس زي ما بقولو احلها الشربكة”.. ومضى ليقول: لو كانت أربعة جنيهات أحسن من نص الجنيه الذي جعلنا في شجار يومي.

رحلة ميدانية
وللوقوف على ما يجري في مثل هذه الخطوط التي يوجد بتعرفتها نص جنيه ركبنا إحدى مركبات الميناء البري القادمة من بحري ليطالبنا الكمساري بالتعرفه ثلاثة جنيهات ونصف فناولته خمسة جنيهات، ولكن عندما أردت النزول في شارع المطار أعطاني جنيها متحججاً بأن الفكة الخمسميات ما عندو فقلت له اعطني جنيهين ولكنه رفض قائلاً “دايرني أخلي حقي!!!!”.

فاقد تربوي
الكمساري الذي دائماً ما يضعه المواطنون في موضع المتهم الذي يكال عليه السباب وأضحى متنفساً للكثيرين ممن ضاقت بهم أرض السودان بما رحبت كما يقول سعد أحمد وهو خريج جامعي يعمل كمسارياً والذي يقول لـ(الصيحة): “أي زول من الصبح جايي يفرغ مشاكلو فينا” ومضى قائلاً “نحن دايماً مشيلننا وش القباحه” والفهم السائد لدى الكثيرين أننا فاقد تربوي وكأن الأسر التي خرجنا منها لم تكن أسراً سودانية تحمل ذات الخلق والقيم التي يتمتع بها المجتمع “وأنا ككمساري ما داير إلا حقي. ونحن ناس بسيطين ما قاعدين نضع التعرفة ولا بنرفع الدعم عن الوقود وباقي السلع بنعاني زي ما باقي السودانيين.. ما معقول نكون شماعة للوضع الراهن في البلد” فهم لا يرفعون أصواتهم إلا في حضرتنا.

برنامج دولة
وفي خضم حديثنا مع سعد تجاذب معنا أطراف الحديث أحد سائقي العربات “الكريز” يدعى خلف الله والذي ألزمنا الصمت بمداخلته حيث يقول: الكمساري وسائق الحافلة مواطنان من خضم هذا الشعب فمن غير المعقول أن يحملهما المواطنون سياسة اقتصادية فاشلة تسبب فيها الحزب الحاكم لماذا نحاسب على برنامج اقتصادي غير مخطط له جعل دولة غنية مثل السودان ترزح في بحر العوز والفقر؟؟؟ من يريد أن يعترض أو يحاسب عليه اختيار الميدان الصحيح فلسنا الملامين على ما يحدث.

ما في فكة
علي الذي يعمل كمساريا بموقف بحري يقول: الأزمة الحقيقية والتي زادت من مشاكلنا مع الركاب هي “الخمسين قرش” فهي قد لا تتوفر لنا فلا نرضى أن نأخذ حقنا ناقصا ولا الراكب “بخلي حقو” فهو يتساءل لماذا كانت التذكرة في أغلب الخطوط تحتوي على فئة الخمسين قرش، نصف الجنيه، فهذه قد زادت من مشكلاتنا مع الركاب فنحن دائماً في قفص الاتهام فالجهات التي سعّرت هذه التذكرة لم تكن تفكر في العواقب التي تحل على راسنا خاصة أن صاحب المركبة يحاسبك على “الفرده” كاملة لا تنقص مليما فقد أصبحنا في صراع دائم حتى مع أنفسنا. وأضاف أن الجهات الرسمية لم توفر الحلول فكأنها تريد أن تجعلنا في خصام دائم مع المواطنين فلا توفر لنا قطع الخمسين قرشا المعدنية من العملة ولا يتوفر لنا السلام الاجتماعي مع الراكب فنحن في نظر البعض لسنا سوى لصوص.

الطلبة الغلبة
ومن الأزمات التي حلت برأسها على الكمساري والتي يصفها نادر عمر وهو كمساري هي مشكلتهم مع الطلاب والتي يقول عنها “والله نحن والطلبه بقينا زي الكديس والفار” فمثلاً انا أعمل بخط شعبي الخرطوم السلمة فكانت الزياده جنيهاً ونصف الجنيه لتصبح جنيهين ونصف فلا الطالب يريد دفع جنيه ونص ولا أنا أتحمل مقعده بواقع جنيه واحد خاصة أن العمله من فئة العشرين قرشا والعشرة قروش غير موجودة فكيف لي أن أتعامل معها وغير موجودة أصلاً فهذه من المشاكل التي تجعلنا في نقاش قد يصل بنا الى اقسام الشرطة فكلانا ينظر لنفسه من منظار الحق وكلانا لا علاقة لنا بهذه السياسة الموضوعة فلا الطالب يريد أن يغير من واقع الحال ولا أنا أريد أن أترك حقي.

قفص الاتهام
السلام الاجتماعي الذي يبحث عنه الكثير من ممتهني مهنة الكمسارية يقول عنه عوض ” في كثير من الأحيان نشعر بأن المجتمع يلفظنا أو منبوذون” ومضى قائلاً: نريد أن نعيش ونقتات في بلد أصبحت المعيشه فية من أصعب الأشياء فإن وجدنا غيرها لن نمتهنها فلا شهاداتنا شفعت لنا وطريق المطار الذي بات حلماً يطاردنا مفتوح لنا”. ويقول عوض: أكثر ما يؤرقني هو نظرة المجتمع لنا فنحن دائماً في محور الغلط بنظر الناس فللأسف النظرة لم تعد عادلة وبمنظار الدونية ومشاكلنا مع الطلاب لا تتوقف البتة فمجرد أن تتحرك الحافلة من العربي إلى الكلاكله جل هذه المسافة قد نقضيها في جدال مع الطلاب خاصة الذين لا يحملون بطاقات الترحيل فلا هم يدفعون كاملاً وأنا أريد بطاقة الترحيل التي قُنِّنت بموجب اتفاق بين اتحاد أصحاب المركبات والاتحاد العام للطلاب فالدولة تضع برامج ونحن نتحمل نتائجه الفاشلة.

الخرطوم: وليد الزهراوي
صحيفة الصيحة