داليا الياس

عزيزي القارئ.. مشتاقين


ويحملني الغياب قسرا، بعيدا عن معانقة عيونكم الطيبة لأحرفي القلقة.. أبتعد عن الاندياح أحيانا لدواع المرض أو الظروف الأسرية القاهرة أو (الدبرسة) أو السفر.
وحكايتي مع السفر تطول.. ولها من الأبعاد الحميمة والمؤثرة ما لها.. فمنذ طفولتي وأنا مولعة بالتسفار ـ وإن لم تسمح أقداري به كثيرا ـ وربما لهذا استعضت عنه بالسفر على أجنحة الخيال وبياض الورق.. هذا الولع يوازي حرصي الشديد على التدقيق والتمحيص _ وإن كان قد تراجع الان بفعل التقدم في العمر _ لذا تجدونني كلما عنت لي فرصة ملائمة للسفر غمرني فرح طفولي يتحدى هواجسي وقلقي ومسؤولياتي.. ورحت أتهيأ له منذ وقت مبكر جدا مثل ما حدث معي مؤخرا إبان رحلتي التاريخية للمشاركة في معرض (الشارقة) الدولي للكتاب وتدشين ديواني الأخير (ممكن جدا) هناك والذي افتقدتكم خلاله.
وتجدونني لا أزال أرتب حقيبتي عند السفر بشغف كبير.. وأحرص على مراجعة مستلزماتي لأكثر من مرة _ رغم سخرية البعض مني _ أضع في حقيبة يدي دائما: (ضفارة ومبرد، خيط وإبرة، ليفة وصابونة، فرشاة ومعجون، بندول، مضاد حيوي، لبان، دفتر وقلم، كتاب، شاحن خارجي، وقطعا مصحف ومسبحة).
ولكل منها مهمة، مهمة في تقديري، رغم أن معظمها أصبح متاحا في الفنادق التي نمتهن ملازمتها.
ثم إنني أحشو حقيبة ملابسي بالكثير الذي قد لا أرتديه أبدا.
كل هذا أقوم به قبل عدة أيام.. ولا أزال من أولئك الذين يستخدمون (طبلة) صغيرة لتأمين حقائبهم رغم أن أبنائي يعتبرون أن ذلك مضاد للبرستيج.
المهم في الأمر.. أنني لم أستطع الإقلاع عن عاداتي تلك.. وظللت دائما أمارس حرصي البالغ بهوس كبير.. وأدقق.. وأراجع.. وأتفقد.. وأتمعن.. وأتمحص..
ولكني للأسف كثيرا ما أنسي مفتاح (الطبلة)!!.. وهذا ما يعرف بالزهايمر.
عموما.. أردت أن أقول لكم إنني غبت عنكم مؤخرا بسبب رحلتي الميمونة تلك.. والتي اكتسبت عبرها معارف وثقافات ورأيت ما يبهج.. وما يبعث الحسرة في القلوب كوننا بعيدين جدا عن الكثير المثير والمدهش والحمد لله.
مارست الانبهار بمتعة.. وحرصت على أن أكون على قدر السانحة وأنا أحمل اسم السودان وقناعتي المطلقة في الرهان على اللهجة المحلية المحببة والتي أعتقد أنها تستحق أن تخترق كل المحافل بثقة.
فشكرا لكل من أرسل مستفسرا عن غيابي عبر كافة الوسائط.. ولكل من افتقدني وأقلقه غيابى. وشكرا لأسرة صحيفتي العزيزة (اليوم التالي) على تعاونهم الكبير ودعمهم وتقديرهم لهكذا ظروف.
وأبثكم جميعا محبتي وتقديري وامتناني وخالص محبتي و(أشواقي الكتيرة).
والعود أحمد.
تلويح:
لا شيء يضاهي متعة الكتابة سوى صوت أزيز الطائرات ورائحة أجواء المطارات.
السفر.. يطلق العنان للخيال والحرف والأشواق.
#هذا_ما يعرف_بالزهايمر

داليا الياس – اندياح
صحيفة اليوم التالي


تعليق واحد

  1. عودا حميدا و حمدا لله علي سلامة الأستاذة و نحن غدا في انتظار الإبداع