تحقيقات وتقارير

ستات الشاي.. معاناة مستمرة في مواقع العمل.. الاتجاه للمظلات


أجبرت الظروف القاسية الكثير من ربات المنازل للعمل في أي مهنة شريفة لمجابهة الاحتياجات الأسرية، ومع الأوضاع الصعبة اتجهت بعض النسوة إلى الجلوس بين النيران الملتهبة طوال اليوم لعمل (الشاي والقهوة) مقابل الحصول على مبلغ من المال لإعانة الأبناء.
خلف كل واحدة منهن حكاية يحول بيننا وبينها ألف باب موصد، تركن أبناءهن للقدر ونزلن الشارع يبحثن عن لقيمات تسد أود طفلة جائعة أو مصاريف لتعليم تلميذ تخلف عن الدراسة بسبب وجبة أو كسوة تقيه لسعات البرد القارص.

في سوق ليبيا
وسط سوق ليبيا بعد أن تم تفكيك الطلمبة التي تلج عبرها إلى سوق أبوزيد استغلت بائعات الشاي المكان لمزاولة مهنتهن، رتبن الكراسي وأوقدن النار إيذاناً بالبداية، غرباً باتجاه مستشفى الوالدين شيدت مظلة لروح شهيدة يسأل لها أهلها الدعاء والفاتحة وتحتها بنابر للجميع كما الحال بالقرب من الفندق الكبير، حيث استغلت إحداهن شجرة اللبخ مكانا لها.

مشروع ضخم
يرى البعض أنها أضحت مهنة من لا مهنة له، فأغلب النساء اتجهن لها بعد صراع مع الأجنبيات اللاتي سيطرن على إيجار الدكاكين بصورة رسمية، وفي السياق يقول عوض الكريم أحمد (معاشي): صاحبات الجنسيات الأخرى سيطرن على مهنة كنا نراها من نصيب الطبقة الكادحة التي تجرى وراء أكل عيشها. أما الآن أضحت مشروعاً ضخماً لأخريات يجلبن أموالاً طائلة من ورائها، وباتت الطبقة الكادحة من بائعات الشاي يستغللن الأماكن العامة لمزاولة مهنتهن، هذا ليس تطرفاً منا، ولكن مكابدة العيش فرضت عليهن ذلك، ولا أعفي من يستغللن الأماكن العامة ومنعن الناس من الجلوس عليها كأنها ملك له، وأضاف: لا يجوز أخلاقياً أو اجتماعياً مثل هذه التصرفات. وأردف: في هذا الزمن لا تجد مكاناً خالياً، إما سكناً لأسر وإما محلات لبيع الشاي أو تجمعاً لعصابة.

أفضل المقاهي
من جهته، يقول محمد سوار الدهب (موظف): أنا لا أفضل الجلوس مع ستات الشاي على نطاق الأماكن المفتوحة أو الدكاكين أو غيره، فبنظرة مادية واقتصادية بحتة، نجد أن فنجان القهوة في الكافيه والأمكنة الأخرى بنفس السعر، وربما يكون أقل منه مثلا في شارع النيل، لذا أنا أفضل المقاهي ليس لأنني برجوازي، بل هذا سلوك شخصي. وأضاف: هناك من يفترض أن القهوة مزاج وكيف وجلسة وليست شراباً لأشخاص يفضلونه.

أماكن غير مريحة
أما الرضية نورالدين فتقول: نحن من فرض علينا ضنك العيش تلك المهنة، وليس بكامل رضانا، ولكن المعايش أصبحت أكثر من جبارة. وتضيف: هناك من يستغللن ظلال الحوائط وأخريات ظلال الأشجار، ولكن القليل يتعدى على أماكن الجلوس العامة مثل المظلات. واستطردت: إذا نظر المواطن لأوضاع المرأة البسيطة لعفى عنها وعن ضيقها. وأشارت إلى أنها ضد من تستغل المظلات والمباني المهجورة وغيرها لمزاولة العمل، وأشارت إلى أن من الصعب عليهن استئجار مكان مع ارتفاع وتيرة أسعار الإيجارات وضغوطات المحلية المتكررة التي لا تعفيهم من الدفع. وقالت: حتى جلوسنا تحت الأشجار يعرضنا أحيانا للمصادرة والغرامة، فما بالك لو اتخذن محلا؟ ستقع على عاتقنا رسوم أكثر، من بينها الجبايات والضرائب.

وضع صعب
ضنك العيش والوجود الأجنبي فرضا على الطبقة الكادحة ضغوطاً إضافية تكاد أن تطيح بهم من سوق العمل، لأن الأجنبيات استغللن الأماكن والدكاكين كافة مما صعب أيضاً على الأخريات اختيار المكان المناسب والموقع المميز.

الخرطوم – درية منير
صحيفة اليوم التالي