تحقيقات وتقارير

تلاحقهم عادات المجتمع البالية الأطفال في عيدهم.. مخاطر (قديمة) في دائرة (التجديد)


قبل أيام وأنا أقبع بالمقعد الأمامي في المركبة التي تقلني إلى الصحيفة، وما أن توقفت المركبة عند إشارة المرور الحمراء، حتى انسل طفلان كانا يحملان خرقة مبتلة.. وأخذ كل منهما ينظف زجاج العربة التي أمامنا.. نظفا كثيراً وبحركات دائرية سريعة ولكنها كانت في عداد توقيت الطفلين كساعة كاملة وعينا الطفلين تنظران بين الفينة والأخرى إلى شارة المرور خوفاً من أن تداهمهما الإشارة الخضراء دون أن ينتبها.. وفجأة أخرجت يد السائق ورقة من فئة العشرة جنيهات.. حملها الطفل ثم نظر إلى صاحبه ثم احتضنه كثيراً ووجهه يسفر عن بهجة وفرح.

تذكرت ذلك الموقف بالأمس والعالم بأسره يحتفل باليوم العالمي للطفل والذي وافق يوم أمس، وهو اليوم الذي حددته الأمم المتحدة في العشرين من نوفمبر من كل عام.. وكانت الأمم المتحدة قد أصدرت قراراً في عام 1954م يقضي بأن تقيم جميع البلدان يوماً عالمياً للطفل يحتفل به بوصفه يوماً للتآخي والتفاهم على النطاق العالمي بين الأطفال وذلك للعمل من أجل تعزيز رفاهية الأطفال في كل دول العالم.

في النطاق المحلي فإن ملايين الأطفال السودانيين لا يعرفون أن اتفاقية حقوق الطفل التي مضى على وضعها عشرون عاماً كانت قد كفلت للأطفال أربعين حقاً –بحسب المواد القانونية – المخصصة لحماية الطفل ولعل أهمها (حق عدم التمييز، حق النماء والبقاء، وحق التعليم، حق حرية التعبير، حق الوعي، حق الحصول على المعلومات، وحقه في الحماية وحق عدم الاعتداء عليه)وغيرها من الحقوق الواجبة على الدولة والمؤسسات الخاصة بالطفل تنفيذها.

ويعتبر السودان واحداً من البلدان التي تنتشر فيها عادة ختان الإناث والتي تعتبر من العادات الضارة التي تضر بالطفلات وتؤثر على المرأة سلبياً في جميع مراحل حياتها.. وبحسب مديرة المشروع القومي لمكافحة ختان الإناث في السودان فإن الختان ينتشر بنسبة 5. 65% بالسودان مع تفاوت بين المناطق المختلفة.. حيث سجلت ولاية نهر النيل نسبة 83.3% والولاية الشمالية نسبة 83.4%، ثم تتدرج هذه النسب في التدني في الولايات الأخرى بحسب ما ذكرته مديرة المشروع القومي لمكافحة ختان الإناث في السودان أميرة أزهري مؤكدة حدوث وفيات كثيرة نتيجة ممارسة العادة الضارة، وعزت أميرة الاستمرار في هذه العادة الفرعونية لتجذرها في المجتمع منذ قرون بعيدة، مشيرة إلى صعوبة التخلص منها، وأكدت على ضرورة أن تكون التوعية بصورة ناعمة مشيرة إلى سلبية الرسائل التوعوية التي كانت تمارس في الماضي.

وأرسلت الناشطة الحقوقية الدكتورة/ إحسان فقيري التحايا لكل الأطفال في اليوم العالمي للطفل خصوصاً أطفال دارفور وجبال النوبة الذين يتعرضون للقتل والتشريد والنزوح مضيفة في حديثها، أمس، لـ(الصيحة) أن معسكر كلمة كان قد شهد بالأمس القريب اغتصاب طفلة أمام عيني جدته مشيرة إلى أن الطفلة السودانية – وحتى التي لا تعيش في أماكن صراعات – تتعرض لعدد من أنواع العنف خاصة ختان الإناث مشيرة إلى المخاطر التي يسببها مثل النزيف والذي تسبب في قتل عدد من الطفلات وتسبب في وفاتهن وأشهرهن الطفلة إنعام مشيرة إلى ارتفاع حالات الإصابة بالتيتانوس – للطفلات اللائي تمارس لهن العادة الضارة – نسبة للأدوات غير المعقمة المستخدمة، وأشارت فقيري إلى أصابة الكثير من الزوجات بأمراض نسوية متعددة بدء من الالتهابات المتكررة وحتى الناسور البولي والناسور الشرجي والوفيات المصاحبة للولادة مشيرة لانتشار العادة الضارة عبر الموروث الشعبي مضيفة بأن الاتحاد النسائي في عام 1952 كان قد كافح العادة الضارة وعمل على سحب رخص الدايات الممارسات للعادة مضيفة بأن القوانين الحالية وبعض الفتاوي شجعت على إيقاظ العادة الضارة ثانية عبر إسقاط البرلمان للمادة (13) من قانون الطفل وحثّت فقيري كل البرلمانيات ورجال الدين المستنيرين وكل الشعب السوداني للوقوف ضد هذه العادة لحماية الطفلات من الموت والمرض المتكرر.

الخرطوم: نجاة إدريس
صحيفة الصيحة