عثمان ميرغني

كبش فداء.. لا أكثر!!


فَجأةً.. أعلنت الحكومة إقالة الدكتور محمد حسن إمام العكد الأمين العام لمجلس الأدوية والسموم.. قرباناً على مذبح الأزمة المشتعلة حول زيادة أسعار الدواء..
ثم.. أمس وفي يوم العطلة الأسبوعية (الجمعة) يتكبّد وزير الصحة المشاق ويعقد مؤتمراً صحفياً ليعلن مراجعة قوائم أسعار الدواء.. ليزيد من ارتفاع حاجب الدهشة في وجه المُواطن الذي يسأل بكل براءة.. (هل المشكلة من الأصل كانت مجرد قرارات إدارية بزيادة أسعار الدواء؟ أم الأمر مُرتبطٌ بالأزمة الاقتصادية وانخفاض سعر الجنيه أمام العُملات الأجنبية؟)..
هل ستعود الحكومة لتمنح الدولار لمُستوردي الدواء بالسعر السابق (6) جنيهات؟ وعندما مَنحت الحكومة الشركات بهذا السعر هل استوردوا الدواء أم استسهلوا الربح من بيع العُملة الصعبة بالسعر الأسود؟
وعندما قبضت شركات مُتلبسة بهذه الجريمة النكراء، هل طَالَها الحساب؟ أو أيِّ أحد من المُتورِّطين في العملية؟
كل هذه الأسئلة تجعل المؤتمر الصحفي لوزير الصحة نفخاً في هواء مشبع بـ(انعدام الثقة) الذي يتلبّس المُواطن في كل إجراءات الحكومة الاقتصادية منها والسياسية أيضاً..

في تقديري أنّ الحكومة تستخف بحجم الوضع الذي يحيط بها.. تفترض أنه مجرد (دقداق) بسيط في الطريق ما تلبث أن تتجاوزه.. لكن الأمر مُختلف تماماً هذه المرة.. فالإجراءات الاقتصادية التي أعلنها وزير المالية وافترض أنّها مُحفِّزة لاجتذاب العُملة الصعبة واستقرار سعر الصرف ثبت عملياً على أرض الواقع الآن فشلها.. فالسعر التحفيزي الذي مُنح للمُغتربين طوته رمال الدولار المُتحرِّكة وبات مُتخلفاً بكثير عن السعر المُوازي في السوق غير الرسمية..
ويبقى السؤال.. ألا يعني ذلك فشل البرنامج الاقتصادي للدولة بما في ذلك المُوازنة التي لم تجتاز عتبات البرلمان بعد؟
ما هي البدائل المُتاحة في هذه الحالة؟ وما هو الحل؟
حان الأوان أن تعترف الحكومة أنها فشلت في الحُصُول على (صوت الثقة) من المُواطن.. وهو المحك في قبوله أو انتظاره وعودها.. ولن تستطيع الحكومة الحصول على هذ الثقة إن لم تعترف أن الأزمة في أصلها وفصلها (سياسية) وليست اقتصادية.. وأنها حتى ولو أطاحت بوزير المالية الحالي بدر الدين محمود فلن تُغيِّر من الواقع شيئاً.. فالمطلوب هو (تغيير) سياسي في مفاهيم وعقلية الحكم.. لا مجرد استدعاء بدلاء من (دكة) الاحتياطي.
أضاعت الحكومة زمناً وفُرصاً كبيرة في مُناورات سياسية غير ذات جدوى.. على رأسها مشروع الحوار الوطني الذي أفضى إلى واقع أكثر تأزماً.. والآن هي أمام المحك والقرار الصعب.. إما التغيير.. أو التغيير..!

صحيفة التيار