عثمان ميرغني

الشباب.. حالة انتباه..!!


حديث المدينة الاثنين 28 نوفمبر 2016

حَدثٌ غَريبٌ في التاريخ السُّوداني.. الشباب يقفزون فوق كل الواقع السياسي السوداني المُهترئ.. ويصنعون معادلة جديدة، هي بكل تأكيد التي تعيد ترسيم العلاقة بين الحكومة والشعب.

لأكثر من نصف قرن منذ الاستقلال أرهق الساسة ظهر الوطن بحُمولة ثقيلة من عذابات فشلهم المُستمر.. ودفعت الأجيال الحديثة فواتيرها بما تكابده اليوم من واقعٍ وخيمٍ..

لكن أمس كُنّا شُهوداً على تَجربة جَديدة.. يقرِّر بها الشباب إنهاء احتكار الملعب السياسي وفرض أجندتهم الوطنية.. ويتفرّج السّاسة من مُختلف الأحزاب.. من الحكومة والمُعارضة معاً على درس بليغ عنوانه العريض (إذا الشعب يوماً أراد الحياة.. فلابد أن يستجيب القدر.. ولا بد لليل أن ينجلي.. ولا بد للقيد أن ينكسر).

فكرة بسيطة وفي مُنتهى الذكاء.. ابتكرها وأدارها شبابٌ مترعٌ بحب هذا الوطن.. لا تغلق شارعاً ولا تحرق (لستك) ولا تجرح ولا يحزنون.. فكرة سلمية نظيفة ترفع الصوت أقوى ما تيسر بمطالب مشروعة هي من صميم حُقوق الشعب صاحب هذه البلاد الطيبة..

في تقديري أنّ مقياس النجاح هو (التفاعل) أن يبلّغ النداء إلى كُل أذن وكل قلب.. فيقف المُجتمع كله حاكموه ومحكوموه في حالة (انتباه) كامل ينصتون لهذا الصوت الجديد في الساحة السِّياسيَّة.. انتهى عهد الساسة السادة.. ووصل أهل (الساس والراس) ليقولوا كلمتهم على الهواء مُباشرةً.. شعب السُّودان يتكلّم الآن.. وآن الإنصات..

الحكومة في غمار سكرتها بالسلطة ما عادت تظن أنّ في البلاد شعباً يَستحق أن تسمع له، أو حتى تنتبه لحفيفه على الأرض.. حتى صارت المُعادلة مُختلة تماماً.. حُكم قاهرٌ.. وشعبٌ صابرٌ.. وأمس فقط استوعبت الحكومة معنى (إذا الشعب يوماً أراد الحياة) فلا بد أن يستجيب القدر..

العمل الذي أداره الشباب السُّوداني عبر الأثير هو بالضبط صوت الشعب السُّوداني.. أوصلوه بكل وقارٍ وقوةٍ إلى من يهمه الأمر.. ودرجات نجاح هؤلاء الشباب لا تُقاس بمن غَابَ أو حَضَرَ عن موقع العمل.. فذلك مُجرّد وجه واحد.. لكن تُقاس بالتأثير الذي أوصلته إلى الشارع السُّوداني.. عندما فرضت الأجندة الوطنية على كل تفاصيل يوميات الشعب السُّوداني.. فلا حديث في أيِّ بيت أو مجلس أو أيِّ مُجتمع سُوداني داخل وخارج السُّودان إلاّ حول ما أراده وخَطّط له هؤلاء الشباب الذين يرسمون مستقبل السُّودان الآن.. وسينصت لهم التاريخ..

لم يعد الشعب يقبل أن يكون ضيفاً ثقيلاً في بلده.. فهو صاحب الأرض والوطن.. ويجب أن ينصت الجميع لصوته.. هذا هو فحوى الرسالة التي بعث بها أمس..

صحيفة التيار


‫3 تعليقات

  1. شكرا عاليا لكل الشباب الذين ساهموا فى توصيل الرسالة السامية التي برهنت ان التاثير ليست بالضرورة من جهة حزبية منظمة لكن شباب هذا الوطن المغلوب على امره هو الذي يقود هكذا مبادرات ، و لا تفرح الحكومة بمن يتواجدون بمكاتبها هؤلاء اما مهددين او مواليين لموائد السلطان لكن هذه الحكومة لا تسمع لمن يبكيها هذا العصيان رسالة بليغة لحكومة الذل و الهوان يجب ان تكون اشارة بانها تجاوزت كل الخطوط الحمراء و القادم اسوأ الثورة ثم الثورة ووقودها الشباب باذن الله

  2. كنت أتمنى أن تكون هناك شخصية محورية ، أو مجلس ، أو حزب قوي بمعنى الكلمة ولو من هؤلاء الشباب أنفسهم يلتف الناس حوله ويطمئنوا بأن البديل جاهز ..
    من يتخوف من الناس ، يتخوف بسبب المستقبل المجهول والخوف من الإنزلاق إلى ما هو أسوأ ..
    فقط نريد من يطمئننا أن البديل جاهز ..

    1. أعتقد البديل جاهز، وهو التكنوقراط فليس هناك حزب يمكن الوثوق به، فكل الأحزاب فاشلة حتى في إدارة شؤونها الداخلية حتى إنقسمت على نفسها عدة إنقسامات، كما أنها تقريباً كلها مجربة، ونظرتها بالإجتماع للحكم واحدة وهي التكسب من الوظيفة العامة وليس خدمة الشعب، بل بالعكس إستعباده وأكل أمواله بالباطل. نسأل الله أن يولي أمورنا خيارنا ولا يولي أمورنا شرارنا، عليكم بالدعاء والإستغفار لعل الله ينزل علينا الرحمات والبركات من عنده إنه هو الجواد الكريم الغفور الرحيم.