تحقيقات وتقارير

البرلمان يناقش تجاوزات العام 2014م على أعتاب العام 2017م


يبدو أن حالة التسويف التي تعترض الجهود الرامية لمحاربة الفساد، أضحت أكبر من الاحتمال، لذلك جاهر نواب برلمانيون بضرورة اعتماد تقرير المراجع العام كوثيقة اتهام قضائية والدفع به لوزارة العدل لفتح بلاغات نيابية عن كل من يثبت من خلال المراجعة مخالفته للوائح المالية والإدارية، منتقدين بطء الإجراءات التي تلازم عمل الجهات الرسمية في تقارير المراجع العام ضاربين المثل بتقرير لجان البرلمان الدائمة والذي قدمه رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية بالبرلمان د. أحمد المجذوب في جلسة البرلمان أمس الأول عن تقرير المراجع العام الخاص بالعام المالي 2014م، بينما العام 2017م يطرق الأبواب، مشيرين إلى أن التقرير يأتي رداً على تقرير قدمه المراجع العام في الثاني من نوفمبر من العام 2015م عن مراجعة العام المالي 2014م، وأشاروا إلى أنه ليس من المبرر أن تستمر المراجعة لعام كامل ومن ثم يأتي البرلمان ليأخذ عاماً آخر لدراسة التقرير ومن ثم إصدار التوصيات عن عام مالي مرت عليه سنوات عدة.

بيروقراطية غير مبررة
الشاهد أن رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية بالبرلمان د. أحمد المجذوب، أكد أن مؤسسات الدولة لم تلتزم بالتوصيات التي أصدرها المراجع العام والمجلس الوطني بما يتصل بالخالفات المالية والإدارية المذكورة في تقرير المراجع العام لسنة 2013 وترتب على ذلك تكرار ذات المخالفات في العام 2014 إذ أن الملاحظة وبحسب نواب كثر تحدثوا في اللجنة تؤكد أن بيروقراطية الإجراءات تجعل الموظفين يضربون عرض الحائط بالتوصيات.

ضرائب مهدرة
المجذوب أكد أن تقرير المراجع العام لسنة 2014 كشف عن عدم وجود مستندات تؤيد مبالغ الدمغة والمساهمة الوطنية الخاصة بالولايات فيما يتعلق بديوان الضرائب كما أكد أن جملة الشيكات المرتدة في ديوان الضرائب والتي دفعها عملاء ووجد الديوان أنها بلا رصيد بلغت في مجملها (20,5) مليون جنيه وأكد المراجع العام أن عددًا منها ارتد في أعوام سابقة ولم تتخذ فيها إجراءات قانونية وبعضها اتخذت فيه إجراءات لكن لم تتم المتابعة القانونية لها من جانب الديوان، لافتاً إلى أن الفاقد الضريبي بلغ (1,2) مليون جنيه ومثلت فيه الشركات الكبرى أعلى نسبة، وأبان أن ديوان الضرائب منح إعفاءات طويلة الأجل بالرغم من أن نشاط من مُنحت له لم يكن استراتيجياً مبيناً ان عدد الشركات المعفاة من الضرائب بلغ (25) شركة بينها شركات يجدَّد لها الإعفاء باستمرار دون تحديد سقف زمني، منها الشركة السودانية الليبية.

ولفت التقرير إلى أن جملة الإعفاءات الجمركية بلغت ملياري جنيه مقارنة مع جملة ما تحصلته الجمارك في العام 2014 والبالغ 19 مليار جنيه. وأوصى البرلمان بضرورة مراجعة الإعفاءات الضريبية الممنوحة وحصرها وضبطها.

شركات حكومية مخفية
وبحسب تقرير المجذوب فإن المراجع العام كشف عن تضارب كبير بين الواقع وبيانات الحكومة حول الشركات التي تساهم فيها الدولة مشيراً إلى أن المراجع العام وجد أن الشركات التي تساهم فيها الحكومة بأكثر من 20% تبلغ 48 شركة بينما تساهم في 120 شركة أخرى دون نسبة 20% استناداً على وثائق الملكية بوزارة المالية والسجل التجاري إلا أن المرصود بسجل وزارة المالية من الشركات التي تساهم فيها الدولة بأكثر من 20% فقط 36 شركة بينما لا تعلم وزارة المالية بمساهمة الدولة في 12 شركة أخرى. أما الشركات التي تساهم فيها الدولة دون 20% من أسهمها فقد وجد المراجع أن المسجل منها في وزارة المالية فقط 22 شركة مما يعني عدم تضمين 98 شركة تحت ولاية وزارة المالية.

وطالب البرلمان وزارة المالية فوراً بمراجعة قائمة الشركات وفقاً لما جاء في تقرير المراجع العام مراجعة دقيقة ومطابقتها مع السجلات وإعادة تقييم الموقف المالي لها واتخاذ الإجراءات بشأنها.

مشروع الجزيرة
وكشف المراجع العام في تقريره عن العام 2014 عدد كبير من المخالفات في مشروع الجزيرة بداية بعد انتظام حسابات المشروع ببعض البنوك وعدم التقييد بإجراءات التعاقد والشراء التي حددتها وزارة المالية وإيكال أمر الشراء لشخص واحد في غالب الأحوال فضلاً عن عدم وجود هيكل وظيفي وتنظيمي يحدّد واجبات كل وظيفة بعد تسريح العاملين بالمشروع وإسناد الأمر للمتعاقدين مبينًا أن إدارة المشروع تصرفت في 60% من جملة الآليات والمعدات والممتلكات، مؤكداً وجود مديونية تبلغ (341,482,411) للمزارعين على المشروع لم تسدد بعد.

مخالفات إدارية
وأكد المراجع أن كل المؤسسات الحكومية التي تمت مراجعتها عن العام المالي 2014 كانت تجنب الإيرادات وتصرفها في بنود أخرى بينما رفض بعضها المراجعة من الأساس ولفت إلى أن الشركات التابعة للقوات المسلحة وجهاز الأمن البالغ عددها (27) شركة والتي صدر حولها قرار بالتصفية في العام 2011 لم تظهر أي من عائدات بيعها المتحصلة في العام 2014 والبالغة (18,5) مليون جنيه بالحساب الختامي للجنة الفنية وتم إظهارها بحساب الأمانات مبيناً أن هذا الإجراء يخالف لائحة الإجراءات المحاسبية والمالية لافتاً إلى أن عمليات الخصخصة صاحبتها بعض الأخطاء منها أيلولة بعض المرافق لجهات حكومية كأمر يتعارض مع الخصخصة.

كباري وأمطار
أشار تقرير البرلمان إلى أن كبري الدباسين يتطلب تدخلاً عاجلاً لحسم الأمر قضائياً مشيراً إلى أن أكثر من 3 شركات فشلت في إنفاذ العقد وإكمال العمل الذي بدأ فيه في العام 2003 مشيراً إلى أن الشركات كلفت الدولة أموالاً إضافية نتاج عدم خبرة بعض الشركات وضعف قدراتها المالية وغياب هيئة الطرق والجسور كما أن الأمر انسحب أيضاً على كبرى المنشية والذي كلف ولاية الخرطوم مبلغ 23 مليون جنيه لصيانته بعد أن حدثت له مشكلة هبوط عند المدخل الشرقي مؤكداً أن الخلل نتج عن ضعف في المراقبة والإشراف على الجهات المنفذة وقالت عضو المجلس القيادية في المؤتمر الوطني عائشة الغبشاوي: “أرجو أن لا يكون مال مطار الخرطوم كمال سد مروي حتى لا يحدث فيه خلل كبير كما حدث في سد مروي يؤدي إلى توقفه”.

مخالفات مالية
وقال المجذوب إن المراجع العام أكد ارتفاع حساب الأمانات والعهد إلى مليار و375 مليون، مبيناً أن هناك أرصدة لمؤسسات ظلت تظهر كامانات مرحلة من سنوات سابقة دون اتخاذ إجراءات بتنظيمها مبيناً أن إدارة الجمارك تتصرف في الإمانات لديها بالصرف منها لافتاً لوجود رسم باسم الحاسب الآلي ورسوم شهادة وارد يتم الصرف منها في صيانة المباني وشراء الأجهزة المحمولة والأثاثات والحوافز والمكافآت وأشار المجذوب إلى أن تضخم الأمانات بالوحدات الحكومية نتاج لعدم التقييد بالضوابط والإجراءات الخاصة بحساب الأمانات داعياً لرقابة حاسمة من ديوان الحسابات عليها.

استياء النواب
وعبَّر نواب البرلمان عن استيائهم من التقرير وقال عضو المجلس محمد نور حسين: “الواحد لما يسمع تقرير مثل هذا يصاب بالإحباط وكأنما المؤسسة شغالة بمزاجها”. مشيراً إلى أن التقرير أثبت عدم اهتمام القائمين على الأمر باللوائح والقوانين. وبدروه قال رئيس اللجنة الاجتماعية محمد أحمد الشايب إن مشكلة السودان مشكلة إدارة وتدنٍّ في الكفاءات وقال: “هناك إما تجاهل للقانون أو عدم معرفة بالقانون”. مُشيراً إلى أن الحكومة ظلت، وطوال عقدين، تعمل على تعيين القيادات العُليا والوسيطة في الخدمة العامة باسم التمكين وعلى أساس سياسي دون النظر للمؤهلات الأمر الذي انعكس على الخدمة المدنية وأدى لتدهورها. وفي ذات السياق قالت عضو المجلس حياة آدم عبد الرحمن: “نحن محبطون”. مبينة أن التقرير يعكس أسباب تدهور الاقتصاد المتمثلة في الإعفاءات الجمركية والضريبية والشيكات المرتدة واختفاء (98) شركة وقالت: “من يأخذون المال العام ويرتكبون الفساد لا يحاسَبون”.

الخرطوم: محجوب عثمان
صحيفة الصيحة


تعليق واحد

  1. هو نحنا عندنا برلمان؟ ديل ضارباهم الكندشة في الصالة الكبيرة دي ونايمين زي الميتين والضرب على الميت حرام.
    وهم لو كانوا بيعرفوا يعلموا كبرلمانيين كان قدروا يعالجوا كتير من مشاكل الدولة الحاصلة الان في وقتها ويجنبوا الناس المشاكل.
    البرلمانيين بتاعننا ديل بس ينزلوا الانتخابات ويفوزوا عشان يجوا في الصالة الكبيرة دي ينوموا وخلاص والواحد فيهم جردل موية لو كبيتوا فيهو ما يصحيهو.