عالمية

مواليد مصر بلا لبن


تشهد الصيدليات المصرية حالياً اختفاء جميع أنواع لبن (حليب) الأطفال الرضع، سواء المدعّم أم الاقتصادي، وارتفاع أسعاره في السوق السوداء إلى معدلات غير معقولة. وهو اختفاء متجدد يهدد صحة الأطفال، ويؤكد فشل الحكومة في توفير أدنى متطلبات الحياة لحديثي الولادة.

يؤدي تجدد الاختفاء إلى حالة من الذعر وسط الأهالي بالرغم من تأكيدات الحكومة على وضع حدّ للمشكلة نهائياً، بعد تطبيق منظومة “الكارت الذكي”. عودة الأزمة تدفع الكثير من الأمهات للجوء إلى حيل بدائية مثل إضافة النشاء إلى اللبن العادي بعد تخفيف اللبن بالماء، أو خلط النشاء بماء الأرز. لكنّ أطباء الأطفال يحذرون من خطورة ذلك، مؤكدين على أنّ تلك الحيل تؤدي إلى “تلبك معوي” يهدد حياة الأطفال.

يشكو كثير من المواطنين من الأعباء المالية المتزايدة عليهم بصفة يومية، في مختلف مناحي الحياة، مؤكدين أنّ اختفاء اللبن من الصيدليات، وتوفره فقط في السوق السوداء يشكل ضغطاً جديداً عليهم. فليس أمام أولياء الأمور سوى الانصياع، حتى لو وصل الأمر بهم إلى بيع ما يملكون لإنقاذ حياة أطفالهم من الموت. يتساءل هؤلاء عن السر في تعامل الحكومة مع الأهالي بهذه الطريقة، وعن المسؤول عن اختفاء لبن الأطفال ورفع أسعاره.

في هذا الإطار، تؤكد سهام متولي، وهي ربة منزل، من أهالي منطقة روض الفرج في القاهرة لـ “العربي الجديد” أنّ نقص لبن الأطفال المتكرر والمتجدد جريمة يرتكبها النظام الحاكم. تتساءل: “من أين لنا بأموال يومية إضافية، عدا عن تلك التي ننفقها على معيشتنا؟”. تتابع: “ما ذنب الأطفال؟ هل يُعاقَبون فقط لأنّهم حضروا إلى الحياة؟”. تشير إلى أنّ أسعار لبن الأطفال وصلت إلى “أرقام فلكية، بينما أكثر الأسر فقيرة، ومعظم ما يجنيه الأهل يُنفق على الماء والكهرباء”.

بدوره، يقول محمد فوزي، وهو موظف من منطقة شبرا الخيمة في محافظة القليوبية، لـ”العربي الجديد”، إنّه رزق بمولود ذكر بعد ثلاث بنات. يشير إلى أنّ الرضاعة الطبيعية غير واردة لأنّ الوالدة ضعيفة اللبن. يتابع: “سعر عبوة اللبن 100 جنيه (5.60 دولارات أميركية). طفلي يحتاج إلى عبوتين أسبوعياً أي 800 جنيه (45 دولاراً) في الشهر. إذاً، من أين أجلب المال وأنا موظف بسيط؟ المصاريف تحاصرني، دروس خصوصية من هنا، وكهرباء، من هناك، وعلاج وخلافه. بعت كلّ شيء حتى مصاغ زوجتي كي أعيش!”. يرفع يديه إلى السماء ولا يضيف على عبارة: “يا رب أنت حسبي ونعم الوكيل”.

من جهتها، تقول إيمان رمضان، وهي ربة منزل من إمبابة في الجيزة، إنّها حملت طفلها الذي لا يتجاوز 4 أشهر معها إلى كلّ المراكز الطبية ولم تجد عبوات اللبن المدعّم. تتابع وهي تبكي: “أنا لا أعمل، وزوجي يعمل يوماً ويجلس عشرة. نصحني البعض بإعداد نشاء باللبن أو بماء الأرز، لكنّ ابني اعتلت صحته، وطلب مني الطبيب عدم إطعامه ذلك مجدداً وإلاّ تدهورت حالته”.

في سياق متصل، تقول أستاذة طب الأطفال في جامعة عين شمس، الدكتورة منى سالم، إنّ النقص في لبن الأطفال في الصيدليات والمستشفيات كارثة، فالكثير من الأطفال يعتمدون عليه في ظل ضعف الرضاعة الطبيعية للأم. وتشير إلى أنّ لجوء الكثير من الأمهات إلى حيل بدائية بديلة أمر خطير، فهي قد تؤدي إلى وفاة الأطفال حديثي الولادة بعد إصابتهم بأمراض معوية وتسمم في الدم. كذلك، تشير إلى أنّ لبن الأبقار أو الجواميس ثقيل على معدة الطفل في بداية حياته، حتى لو خفف بالماء، فهو يؤدي إلى الإسهال المزمن وفقدان الوزن، ويسبب حساسية للأطفال مثل الحساسية الجلدية، وحساسية الصدر. تطالب سالم الحكومة بسرعة توفير اللبن في المنافذ والصيدليات، وتعلق لـ”العربي الجديد”: “هذا حق أصيل لأي طفل مصري كما ينصّ الدستور والقوانين”.

العربي الجديد


تعليق واحد

  1. انا مصري لكن لبن الأطفال يباع في سوق سوداء غريبة ..أين السوق السوداء للبن الأطفال. .لا كلام وخلاص. نشتري لبن الأطفال من الصيدلية ..إذا لم يوجد في واحدة يوجد في الأخرى