منى ابوزيد

أعظم الخالدين ..!


«لو كان محمد حياً لحل مشاكل العالم بينما يشرب فنجاناً من القهوة» .. برنارد شو ..!
أعرف «خواجية» مسيحية متزوجة من سوداني مسلم – منذ بضعة عقود – تعيش في سوداننا هذا بين رهط من الأقارب و»النسابة» المسلمين، وهم يجيدون الإنجليزية التي تحدثهم بها أكثر مما تجيدها هي، ومع ذلك لا يجتهدون في الرد على إساءاتها لدينهم (كلما رأتهم يتمسكون بصومهم وصلاتهم قالت لهم إن نبيكم عندما أمركم بتلك العبادات كان تحت تأثير الحشيش)، فيسكتون! .. يخالطونها ويعاشرونها ويستمعون إلى إساءاتها ومع ذلك لا يجتهدون في الرد عليها بما يليق بإسلامهم ويحيق بلؤمها .. ولئن كان هذا يحدث في بلاد العرب المسلمين ويأمن أمثالها بطشهم فكيف بالمسيئين في بلاد العجم الكافرين؟! .. ليسوا وحدهم .. معظمنا نحتاج إلى وقفات مع أنفسنا في فنون الرد على المسيئين .. بلا إفراط ودونما تفريط ..!
ثم ماذا فعل محمد بن عبدالله النبي، العربي، الأمي، القوي، الأمين، الذي اصطفاه الله من بين جميع خلائقه، وفضله على أنبيائه وملائكته، وأنزل عليه وحيه بقرآن كريم، فأدى الرسالة، وبلغ الأمانة، ثم قبض الله روحه، فمات كما يموت سائر البشر قبل أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان .. قبل أن يصبح ذكره تاريخاً وسيرة كمن سبقه من الأنبياء والمرسلين..؟!

هو لم يعاصر أسامة بن لادن ولم يجالس حركة طالبان ولم يبارك تنظيم داعش .. لم يُجايل حمقى وأوغاد السياسة في في هذا العالم الموبوء .. لم يأمر داعش بتفجيرات فرنسا .. ولم يحث القاعدة من قبلها على تفجير طائرات الحادي عشر من سبتمبر .. فبأي ذنب تدفع سيرته الطاهرة أثمان حماقات بعض المسلمين وأحقاد معظم الكافرين؟! .. ماذا فعل لتكون سيرته الطاهرة موضوعاً مفضلاً لعلوج الفن وطراطير الإعلام وأوغاد السياسة من أنذال العالم الأول في تصدير الكراهية ..؟!

ماذا فعل لحثالة الإعلام في القرن الواحد والعشرين وأي ثأر شخصي ذلك الذي ينشأ بين «ميت حي» وأحياء ميتين ؟! .. ولماذا لم يحدث قط أن ذكر أوغاد الفن في أوروبا وأمريكا المسيح في إفلامهم بذات السوء .. لماذا لم يحدث قط أن تجرأ بعضهم على سيرة موسى عليه السلام؟! .. لماذا محمد وحده الذي يسيئون إليه كثيراً .. وطويلاً .. ودائماً .. حتى طفح الكيل واستوى الماء والحجر ..؟!
لأنه أعظم الخالدين وأكرم أهل الأرض قاطبة، وأكثر الأحياء والأموات تأثيراً وسحراً، وأكثر الرسل اتباعاً وأفضلهم أمة، وأحبهم إلى أمته .. وما كراهية المؤثر والحقد على المتأثر إلا من استدامة التأثير وخلود الأثر ..!

سبحان الله! .. الإساءة لخاتم الأنبياء والمرسلين هو الحدث الوحيد الذي يجمع شتات المسلمين .. هو الكرب الجلل الذي يجتمع على التنديد به – والتهديد بالرد عليه – العابد والعاصي .. والصائم والسكير .. والشيخ والزنديق .. والعفيف والزاني .. والتقي والسارق .. كلهم يختلفون في درجات تقربهم إلى الله وقربهم من سنة نبيه، لكنهم يجتمعون على محبته ويتوحدون في نصرته .. اللهم اعنا على اتباع سنته ونصرة رسالته .. وبارك لنا في ذكرى مولده المبارك .. «اللهم صل وسلم وزد وبارك على سيدنا ونبينا وحبيبنا وشفيعنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين» ..!

هناك فرق – منى أبو زيد
صحيفة آخر لحظة