صلاح الدين عووضة

افتتاح (الشيء) !!


*حدث مهم لم يلتفت له الناس قبل أيام..

*بل أراه من أهم الأحداث التي توقعت أن تثير ضجة داوية..

*فهو الأول من نوعه – حسب ظني – في تاريخ السودان..

*تاريخه القديم والحديث والمعاصر، وربما المستقبلي..

*وتعجبت كيف لم يكتب الصحفيون، ويسخر الساخرون، ويضحك الضاحكون..

*وتعجبت أكثر ألا تكون له ردود أفعال سياسية..

*وقد يكون مرد ذلك تعودنا على كل غريب- وعجيب- في واقعنا الراهن..

*أو انغماسنا في هموم المعيشة التي لم تترك لنا بالاً ننتبه به..

*أو لأنه حدث عادي، وغير العادي هو أنا نفسي..

*وقبيل انتفاضة أبريل كنت أتابع- عبر الشاشة – حفل افتتاح مسجد النيلين..

*ولاحظت تلعثم نميري في قراءة سورة (العصر)..

*ونظرت إلى الذين كانوا من حولي فما بدا عليهم أنهم لاحظوا شيئاً..

*ولكنهم انتبهوا إلى (تعثره) على درج المسجد لحظة نزوله..

*أما أنا فعجبت لكلمة (خُسر) التي صارت (خَسر)..

*و(خسر) جعفر نميري نظامه (الظافر الخالد المنتصر أبداً)..

*و(تعثر) في طريق (الرجل والتحدي)..

*وحدثنا الذي نعنيه هنا لا علاقة له بالخسران- ولا النزول- بشكل مباشر..

*وإنما قد تكون له دلالات توحي بأننا (نخسر) و(نتعثر)..

*دلالات على صعيد الإنجازات السياسية- التنموية – التي تستحق أن يُفاخر بها..

*وكنت أشرت إلى الاحتفاء بعصير مانجو مصنع تعليب كريمة..

*وقلت إننا احتفينا- ونحن صغار- بعصير مانجو المصنع ذاته أواخر الستينيات..

*بمعنى أن علينا أن نخجل الآن بدلاً من الاحتفاء؛ والاحتفال..

*هو شيء مثل احتفالات إيلا بافتتاح مدارس (ابتدائية)، وشفخانات (بدائية)..

*أو مثل فرحة والي الشمالية بالفراغ من (إجلاس الطلاب)..

*أو مثل تدشين والي الخرطوم سياسة (الرقابة بالنظر) ليلة رأس السنة..

*وفي ولاية غربية أراد الوالي أن (يفتتح)..

*يفتتح (أي حاجة وخلاص) بما أنه في طريقه للمركز ولا بد من (إنجازٍ ما)..

*فاكتشف أحد معاونيه (شيئاً) يصلح لاحتفالٍ بقص شريط..

*وتحرك موكب الوالي صوب (الشيء) الذي هو في أطراف المدينة..

*ومع صيحات التهليل والتكبير قفز الوالي من فارهته..

*ولوح بعصاه عالياً وهو يتوجه نحو (الشيء) الذي غابت ملامحه وسط الزحام..

*واختلط هرج الحاشية بثغاء الغنم وخوار البقر ورغاء الأبل..

*فالشيء لم يكن إلا مثل الذي لدى حسن (أبُّوطة) عندنا هناك في منطقتنا..

*و(شيء) حسن كان ذا واجهة للبيع ، وخلفية للذبح..

*وكذلك الذي افتتحه الوالي مع قليل فارق في المساحة..

*لم يكن إلا (حتة مجزر !!!).

صحيفة الصيحة