المثنى احمد سعيد

ثم ماذا بعد


مع قرب بداية العام الجديد كلنا يعيش على اعصابه ،وكلنا ينتظر ويترقب ، نعم نترقب ماذا سيكون غد ، في حالنا وحال البلد ، ننظر الى السماء رافعين ايدينا اللهم الطف باهلينا والطف بضعفاء هذا البلد ، لقد استعصى الحل ، ولا نرجو الا رحمته سبحانه وتعالى .. جامعاتنا تخرّج من عشرات السنين من الاقتصاديين اعداد لا يمكن استيعابهم في الخدمة .. بنكنا المركزي من اعرق البنوك ، واول دولة عربية تطبع عملتها بالكامل داخل اراضيها ..
نترقب كيف سينفجر الموقف وعلى ماذا يا ترى .. هل استسلام للحكومة انها عاجزة ام انفجار اقتصادي يجعلنا نرقص ونغني كما رقصنا وغنينا من عشرات السنين في (الفارغة و المقدودة )..
تأتي الحكومة وتمكث حتى يكون عمرها بعشرات السنين ولا تعرف كيف تعالج مشاكلها الاقتصادية ولا تعرف كبح جماح الغلاء الذي يصنعه جشع التاجر ..
تعيش الحكومة في فراغ كبير ولا تعرف مسببات ارتفاع الغلاء او ارتفاع اسعار العملات الصعبة حتى اصبحت فعلا اسم على مسمى ..تسعى الحكومة و تصل الى دلالات عادية ولكنها لا تعرف ان تفرق بين ما يسببه شح العملة وما يسببه جشع التجار لتضع الحل .. اتاحت لكل منسوبيها ان يقتحموا عالم التجارة .. الاراضي السكر الدقيق .. وعالم الدولار العجيب .. تقوم بحملات وكأنها ذر الرماد على العيون وسرعان ما تخبأ نيرانها ..
بلد بكل علمائه وجهابذته الاقتصاديون لا يجلسون لمعرفة الداء ومن ثم وصف العلاج وانما كل افكارهم تدور في الحالات الاسعافية المؤقتة ومحاولات محدودة لكبح جماح العملة الاجنبية التي نحتاج اليها ..
كل المواطنين اصبحوا مرتهنون بما يسمى تسعيرة الدولار … ست الشاي التي تغرف من النيل والسكر محلي والشاي محلي اصبحت مرتهنة ان حقا او باطلا بأسعار العملات الاجنبية.. اللحوم المحلية اصبح بائع الخراف يقول يا اخي هو كم الدولار .. كل شيء كل شيء ارتهن بهذه المصيبة التي حلت على دماغنا ..
هل يعقل ان يكون بلد زراعي بهذا الحجم ومياه بهذا القدر يجعل غيره يتحكم في لقمة عيشه .. وصحته ودوائه ؟؟ لماذا لا نسال ان اعيتنا الحيلة لماذا لا نسال الهند لماذا لا نسال بنغلاديش وسيرلانكا وحتى الصومال… الفلبين دعك من الدول الاخرى .كيف لعملتهم تكون مستقرة امام الدولار ..وكيف انهم لا يعانون من هذا الارتفاع العالمي كما يوصف لنا ؟؟
نعم هذه الدول لا يحدث لها او لعملتها كما يحدث لنا رغم انها توصف بالفقر ..اذاً هناك شيء منا وفينا وليس من الخارج ، واذا فشل الاقتصاديون فليكن الحل لدى غيرهم .. اذا فشل غيرهم فليكن استسلام للفشل ويرحل من فشل ..
سوريا تطحنها الحرب وتحاربها صاحبة الدولار واخواتها ويمنع عنها كل شيء وعملتها لا تتأثر كما يحدث معنا الصومال لا حكومة ونحن نكاد نكون مثلها .. من يقول لي ما هو دخل جيبوتي وما هو دخل الدول التي حولنا انه لا يكاد يكون شيئا مقارنة مع خيراتنا وخبراتنا وامكاناتنا اذاً هناك معضلة ما وليس التجارة العالمية وليس الصادر والوارد ولكن هناك شيء خفي ..الله اعلم بمن يمارسه ..
من قبل اقترح علينا سعودي زار السودان ان نقوم بتأجيره لأناس غيرنا ونعيش نحن من الايجار ؟؟ والله فكرة ..!!
وانا اقترحت بما اننا تعبنا من المسير بدون طائل فليقرش ( أي يوضع في كراج) هذا السودان ويخرج اهله الى حين ان تأتي اجيال احق من الحالين ويديرون ماكينته مرة اخرى لعلهم يفلحون ..
كل الذي يحدث من معطيات اقتصادية لا مبرر لها من زمن بعيد ويقولون انه العرض والطلب في حين ان العرض اكثر مما هو مطلوب لدرجة لا احد يريد ان يشتري ولكن لم يحدث ان تراجع سعر سلعة جنيها واحد الا البصل والطماطم فهذا الصنفان هما اللذان يسعدان السوداني في الموسم ويجعلانه يفتري ويشتري كما يعوز ويرفض كما يعوز..
لم انعدمت ثقافة المقاطعة والمحاربة للسلع التي اصبحت استفزازية لكل المواطنين لم لا يتفق الناس على عمل اسابيع مقاطعات للسلع وابتداءً من غد نسميه مقاطعة البيض .. ولنرى ماذا يفعل اهل مزارع البيض والاسبوع الذي يليه اسبوعين مقاطعة اللحمة ولنرى ماذا يفعل اصحاب الملاحم …و لندع اولئك العشرات الذين لا يلتزمون فهم لن يكونوا جهة شراء يومية لهم لانهم قد تعوّدوا على شراء حاجتهم الشهرية ولا يعودون الا اخر الشهر ..
المواطنون السودانيون اصبحوا كلهم تجار عمله واصبحوا كلهم سماسرة اراضي واصبحوا كلهم تجار بلا تجارة وبلا محلات وجرت السيولة في ايادي كثيرة قامت بتخريب الاسواق ..
المصانع انشئت واقيمت بلا معرفة اين تذهب بإنتاجها والتصريف الداخل لا يكفي لتشغيل المصانع .. المُزارع يزرع وحين الحصاد يكون نصيبه الفكة والفتات و لغيره الدولار فاحجم عن الزراعة… الزراعة اصبحت بعبع يخيف المزارع ولا يود ان يقترب منها لأنها اكلت عليه الاخضر واليابس مع انها هي الخضرة نفسها ..

اذاً ما الحل: اولا تفريغ السودان من السماسرة .. وتفريغه ايضا من الساسة ومنع السياسة .. امريكا التي تتعبنا بورقيها هذا يتنافس حزبان فقط على تولى الامور لدولة تعداد سكانها شارف الثلاثمائة مليون ونحن عددنا يعادل سكان خمس عمارات عندهم و لدينا لكل عشر اشخاص حزب ..
تفريغ السودان من كل الفنانين والفنانات لان العدد اصبح نصف السكان ويتسببون في مصروفات لا طائل منها .. تفريغ السودان من سماسرة العربات لانهم اصبحوا بعدد العربات نفسها ..
تفريغ السودان من سماسرة الاراضي لانهم اصبحوا كل عشرة يسمسرون على متر واحد .. وجعلوا من المضحك المبكي ان تكون اراضي الخرطوم اغلى من لندن وبرلين وطوكيو نعم هي كتراب وطني اغلي من كل العالم لكن لمواطنيها لا يجب ولا يوجد أي مبرر ان تكون الاسعار متاحة فقط لفئات معينة ..
الدولة اطلقت ما يسمى بالتمويل الاصغر لرعاية المشاريع الشبابية ولكن لم تقم لهم البنية التحتية معينات التصدير والتخزين لمواسم الندرة وبذا فشلوا فشلا ذريعا في ان يستفيدوا منها ..
اعلنت الحكومة تشجيع المغترب بالحوافز وهي تدفن راسها في الرمال عن المعضلة الاساسية وهي ان لابنك يتعامل مع بنوك السودان فكيف سيحول المغترب (قريشاته) التي يسمونها اموالا لكن هي قريشات لإعانة الاهل وليست عائد تجاري او مبادلة صفقات… حتى المستثمر لا يعرف كيف يخرج عملاته من السودان لعدم وجود بنوك مراسلة او مبادلة ليقوم باستلام التحويلات ..
اصبح الشباب بلا طموح وتحطمت كل اماله امام الحالة الاقتصادية واصبح يفكر كما تفكر الحكومة بالحالات الاسعافية اصبح هو ايضا همه كيف يسعف اهله ويسعف اخوته او ابنائه ليواصلوا تعلميهم الذي اصبح مهددا بالانقطاع .. ولابد من دخل وايسر الطرق هي الهجرة
حال لا حل له سوى التأجير كما اشار علينا صديقنا ،وننعم بالنوم ونرقد قفا وناكل من ما لذ وطاب من لحوم وخضروات ونلبس من اخر بيوت الازياء .. وبلاش وجع راس دولار ويورو
وفكرة اخرى لم لا نلغي الجنيه ونطبع عملتنا ونسميها الدولار السوداني ونقول الصاع بالصاع .. يعني الدولار بدولار امريكي ..ان شاء الله يبقي مليون بس يا هو كدا دولار سوداني يعادل امريكي العاجبه عاجبه والماعاجبه يعمل جنيه ..
اما الحل الحقيقي هو اندماج السودان مع دولة اخرى مستقرة اقتصاديا وتتحسن العملة ..هذ ان لم نصيبها بعدوى

المثنى احمد سعيد