صلاح الدين عووضة

الفرعنة !!


* كنا نتبع شيخ ماهر- في حلفا – من قرية إلى أخرى..

*وليست روعة دروسه الدينية هي التي كانت تضطرنا إلى أن (نقطُره) حيثما ذهب..

* وإنما روعة ما كان يُقدم من عشاء عقب الفراغ من الدرس ..

*كنا نقارن بين ما قُدم من عشاء في قرية (19) ـ مثلاً ـ وما قُدِّم في قرية (18) أو (20)..

*ما كنا نُلقي بالاً ـ إلا قليلاً ـ لدروس شيخ ماهر حين يأتي من مصر..

*وفي ليلة من ليالي الوعظ – ولذيذ الطعام – تبدَّل الحال..

*فقد لفت انتباهنا خلال ليلة مصنع السكر انفجار الحاضرين في ضحك صاخب مفاجئ..

* ضحك أفزع الطيور الساكنة على فروع الأشجار المحيطة بالمكان..

*واتجهت حواسنا ـ لأول مرة ـ إلى الشيخ بدلاً عن الطعام..

* فوجدناه يتحدث عن رجال يراهم الناس ذوي هيبة ، وتراهم زوجاتهم (أي كلام)..

*فالزوجة هي أكثر من يرى الرجل على حقيقته المجردة..

*فهو بمقدوره أن يمثّل أمام الناس في الخارج..

* ولكن صعب عليه أن يمثّل أمام زوجته التي تعرف (البئر وغطاها)..

*وفي الفيلم العربي تفاجأ الزوجة ببعلها ( المعلم) يحاول أن يعمل معها (الشويتين بتوعه)..

*أي من قبيل ما درج على فعله أمام صبيانه وأتباعه وأبناء (كاره) ..

*تفاجأ الزوجة بذلك ثم تنظر إلى زوجها بازدراء شديد قبل أن تبصق داخل فستانها..

* ثم تصيح (لا خوفتني ، أرعبتني ، خضيتني ، يا راج اتنيل)..

*و(يتنيل) الراجل …

*وقبل أن يخرج التماساً للعزاء بالخارج – حيث هو السيد – تطرق أُذنيه عبارات حرمه..

* عباراتها وهي تصرخ ( قلتلي راجل البيت ؟ بأمارة إيييه يا خويا؟)..

*ففي الخارج هناك هو السيد ، وهو المعلّم ، وهو الكبير..

*أما داخله فهو (واحد متنيل على عينه) في نظر زوجته سليطة اللسان..

*ثم لا ينسى شيخ ماهر أن يذكر نماذج من شاكلة هذا الرجل..

*من شاكلة الذين هم أسود في الخارج ، ونعام بالداخل..

*ويتعالى الضحك فتزداد الطيور رعباً وحركة وتصفيقاً بالأجنحة..

*ونتطلع إلى الضاحكين ونتساءل : من يا ترى الذي ينطبق عليه توصيف الشيخ منهم؟..

*وهنالك مقولة مصرية قديمة عن الفرعنة..

*فقد قيل أن فرعون – سيد الاسم – سُئل عن السبب الذي جعله ( يتفرعن)..

*فرد قائلاً ( ما لقتش حد يقلي لا)..

*اللهم إلا (امرأته) ربما !!!

صحيفة الصيحة