عالمية

كوبا لن تنتظر تعليمات واشنطن


أجرى موقع “غازيتا. رو” مقابلة مع موظف حكومي كوبي سابق حول مصير العلاقات الكوبية-الأمريكية على خلفية تغير الإدارة المقبل في البيت الأبيض.

جاء في المقال:

من بين المنجزات الإيجابية لأول رئيس أمريكي إفريقي الأصل استئناف العلاقات بين الولايات المتحدة وكوباـ

كيف ستبدو هذه العلاقات في عهد ترامب؟ ومن يُعـدُّه راؤول كاسترو لنفسه خلفا؟ عن كل ذلك تحدث المسؤول سابقا في الحكومة الكوبية والبروفيسور في جامعة تكساس آرتورو لوبيز-ليفي.

– هل سيستمر راؤول كاسترو في إجراء المزيد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية؟

– سنرى استمرارا للإصلاحات السياسية والاقتصادية، وأعتقد أن كوبا سوف تصبح في السنوات الثلاث المقبلة بلدا أكثر توجها نحو سياسة السوق والانفتاح. فعليا، يتم الآن إزالة حواجز التقييد على التنقل، وبدأ الكوبيين السفر إلى الخارج، ويأتي سياح كثيرون إلى كوبا، وتتحسن شبكة الإنترنت. وعلى المستوى السياسي، سيكون النظام أكثر انفتاحا وتجاوبا مع التغيرات، التي تحدث في المجتمع الكوبي. وعندما أقول “تجاوبا”، فإن هذا لا يعني أن البلاد تقف على عتبة نظام التعددية الحزبية، بل يعني ببساطة أن تفهما يحدث بأن هناك مواطنين نشأوا في فترة السنوات الصعبة من الأزمة وسنوات التعافي البطيء، التي تلتها بعد عام 2000، وهم ليس لديهم تمثيل سياسي. أما بالنسبة إلى عام 2018، فإنه سيكون عام انخراط الجيل الجديد من القادة السياسيين في قيادة البلاد. وهنا من الضروري الأخذ في الاعتبار شيئين: خبرة هذا الجيل في حل مهماته التي تختلف، وأنه أفضل تعليما.

-هل يمكن القول إن راؤول كاسترو يُعد هؤلاء لقيادة البلاد؟

-نعم، وليس راؤول وحده يعمل على ذلك، بل أيضا خوسيه رامون ماتشادو فينتورا، الذي يحتل مكانة عالية في التسلسل الهرمي للحزب. كذلك، وعلى سبيل المثال، نائب الرئيس الكوبي ميغيل دياس-كانيل الذي ارتقى المواقع القيادية كافة، وكان السكرتير الأول في إقليم “فيلا كلارا” المهم. ثم انتقل إلى شرق البلاد وأصبح القائد الحزبي هناك، وبعد ذلك أصبح وزيرا للتربية والتعليم، وكان هذا مجالا هاما للغاية من حيث التواصل الدائم مع الشباب، واليوم هو نائب الرئيس وعضو المكتب السياسي للجنة التنفيذية.

-كيف تقيمون تراث فيديل كاسترو في السياسة الكوبية؟

– لقد حملت الثورة الكوبية فكرتين رئيستين – وطنية وشيوعية. بالنسبة إلى الشيوعية، فإن كاسترو فعل الكثير لتطوير حركة اليسار الدولية في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وحقق هنا نجاحات كبيرة. ولكن أكبر نجاح أحرزه يرتبط بقدرته على قيادة الحركة، التي فرضت احترام السيادة الكوبية منذ فترة الحرب من أجل الاستقلال على الدول الكبرى وتحديدا الولايات المتحدة. فقبل كاسترو لم يتجرأ أي زعيم كوبي أن ينطق بكلمة “لا” في وجه الولايات المتحدة.

هذا بطبيعة الحال لا يخفف من وجود الأخطاء في المجالات الأخرى، ولا سيما في قضايا انتهاك حقوق الانسان وغيره في مجال الاقتصاد الموجه، ولكن كاسترو استطاع إنشاء نظام للأمن الوطني، وتوجيه رسالة إلى الولايات المتحدة بأنه في حال ممارسة استراتيجيتها الإمبريالية تجاه كوبا، فإن ذلك سيكون بالنسبة لها أكثر تكلفة من الانخراط في الحوار مع الكوبيين وحكومتهم.

-كيف يختلف راؤول في أسلوبه عن فيديل؟

-راؤول يستطيع أن يشغل مقعد الرئاسة مكان فيديل. ولكنه لا يمكن أن يكون عملاقا سياسيا كما كان فيديل. فهو لا يملك الكاريزما التي اتصف بها فيديل. وعندما تفقد السلطة الكاريزما تحتاج إلى مصادر بديلة للشرعية. وقد اضطر راؤول إلى البدء في الإصلاحات من أجل كسب الشرعية. ولكن هذا لا يعني أنه أكثر ميلا نحو الإصلاحات من فيديل، الذي بدأ في عام 1990 سلسلة من الإصلاحات الصغيرة، التي لم تكن الحكومة الكوبية من دونها قادرة على البقاء على قيد الحياة، حيث فتح البلاد للمستثمرين الأجانب وسمح بممارسة الأعمال الخاصة الصغيرة، وفتح البلاد للسياحة الخارجية والتداول بالدولار الذي كان يعدُّ عملة العدو.

-كثيرون يقولون اليوم إن روسيا فقدت كوبا كحليف، على من يقع اللوم في هذه الحالة؟

-خلاقا لدول أوروبا الشرقية التي كان يحتلها الاتحاد السوفياتي، كانت العلاقة مع كوبا مبنية على الشراكة، وفي الحقيقة لم يكن هذا زواجا سهلا، لأن كلا الجانبين كان له عزة نفسه. وكانت هناك أوقات عندما حافظ كاسترو على استقلاله وكان يقول للكرملين “لا”.

إن كل ما حدث في عهد بوريس يلتسين ترك جرحه العميق وذكًر بذلك الزمن عندما تخلى خروتشوف عن فيديل في وقت أزمة الصواريخ الكوبية. وعلى الكوبيين أن يكونوا دائما يقظين، وألا يضعوا كل البيض في السلة الروسية الواحدة.

– كيف ستبنى العلاقات بين كوبا والولايات المتحدة مع مجيء دونالد ترامب؟

– لقد أظهر ترامب نفسه كشخص يصعب التكهن بتنبؤاته السياسية، ولكن ما أراه الآن أنه لا يملك خطا سياسيا صلبا. في الوقت الراهن يقول إنه يريد فرض بعض الشروط على الحكومة الكوبية، ولكن الاعتقاد بأن كوبا ستجلس وتنتظر التعليمات من واشنطن، هو وهم.

 

روسيا اليوم