منوعات

تمرد على الواقع أم تعبير صريح عن أحلام الفتيات؟ أغاني البنات


أغنيات البنات قد يصفها البعض بأنها أغنية متمردة على المجمتع أو يذهب الآخرون إلى أبعد من ذلك في وصفها، ولكن الواقع يقول إنها على مر تاريخ الغناء في السودان كانت مرفوضة جهرا ومسموعة سرا، وهي مرآة تعكس المجمتع دون زيف وتعبر عن أحلام البنات تطلعات المجتمع.
ولأغاني البنات جذور ضاربة في التاريخ الاجتماعي في السودان، فالبعض يرى أن أغاني البنات بدأت في العشرينيات من القرن التاسع عشر لحظة دخول محمد علي باشا السودان 1821، ويستشهدون في ذلك ما أورده الدكتور عز الدين إسماعيل في كتابه (الشعر القومي في السودان)، عندما أشار إلى أغاني بنونة بت المك تنعي وتلوم شقيقها عمارة الذي مات حتف أنفه، كما يشير دكتور عز الدين إسماعيل.
ما دايرالك الميتة أم رمادا شح
دايراك يا عشاي بدميك تتوشح
وكت الخيل يغلبن والسيف يسوي التح
والميت مسولب والعجاج يكتح
ثم تطورت أغاني البنان لاحقا وتحولت أهدافها لتصبح وسيلة لتعليم العروس الرقص الخاص بها في يوم زفافها على إيقاع الدلوكة، وتناولت الغزل بالمهن وعلى سبيل المثال لها: “يا الماشي لي باريس.. جيب لي معاك عريس.. شرطا يكون لبيس.. من هيئة التدريس”، أو أن يكون بحسب مواقيت حضور الحبيب على غرار “الليلة وين انا يا البي العصر مرورو”، لكن شيئا فشيئا ابتعدت هذه الأغنيات عن الغزل في الحبيب لتتخذ أنماطا أخرى.
من هذه الأنماط التعبير عن الرغبة في الترحاب بمبدأ تعدد الزوجات، والدعوة لذلك بتمجيد (راجل المرا) في الأغنيات، لتدحضها من الجانب الآخر (مرة الراجل) بأغنية مضادة تقول فيها: “في زولي أوعى تفكري.. يا شلابة ما بتقدري”- والشلابة هي المرأة التي تسرق الرجل من زوجته، وتستمر الأغنيات في التعبير عن رغبات البنات.
تعبير عن ثقافة المجمتع
الغناء هو تعبير صريح عن ثقافة المجتمع في وقته الراهن، هكذا ابتدر حسين الشريف الطيب الباحث في التراث الكردفاني حديثه لـ (اليوم التالي): واسترسل قائلا: تناول أغنيات البنات للقضايا المجتمعية هو دليل على الاحتجاج والتمرد على الواقع، فالمرأة اليوم تتمتع بقدر أكبر من الوعي بحريتها بخلاف السيدات في الماضي، لذا صارت تعبر عن رغبتها بشكل أوضح في شتى الأمور الحياتية، فتبدأ بصياغة الواقع بحسب وجهة نظرها وما تعتريها من مشاعر وآلام وآمال، وتجاهر من خلالها برأيها بشكل واضح وصريح لتوصيل رسالتها، سواء أكانت للرجل أو للمرأة التي تحاول مشاركتها في رجلها. وأضاف: لم تتغير رغبات البنات والسيدات عن ما مضى لكنها صارت تعبر عن رغباتها بمنتهى الصراحة. واستطرد: مهما اختلفت المسميات من (مغارز) وشابهها من أساليب غناء، فالسبب الأساسي هو الحوز على رجل.
الحب فقد مصداقيته
من جهته، يرى الشاعر إسحاق الحلنقي في حديثه لـ(اليوم التالي) أن السبب الأساسي في تغير شكل غناء البنات وتحوله لمجموعة معان تتناول الخيانة وتعددية العلاقات هو انعدام المصداقية في الحب. وقال: صار الحب الصادق مفقوداً وسط ألوان العلاقات الرمادية الرائجة هذه الأيام ما جعل الناس تلجأ للتعامل مع بعضها البعض بنفاق ما أدى لانعدام الأخلاق، وهذا ما جعل الفن يصبح هابطا، وأثر هذا الهبوط في شتى أنواع الغناء مثل أغاني البنات. واستطرد قائلا: ففي الماضي كانت للحبيبة قدسيتها، وكان من الصعب أن يصل الحبيب إليها في أي وقت ما ولد حالة من الحرمان بين المحبين أنتجت شعرا رقيقا صادقا، أما اليوم فقد ساهمت التكنولوجيا من (واتساب، فيس بوك، تويتر) وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي، في جعل الحبيب متاحا و(متصل الآن) في أي وقت وأي مكان ما قلل الشوق حد التلاشي، فصارت المفردة تخرج من الشاعر بلا إحساس وجعل الحب يفقد طعمه ورنقه وصارت العلاقات العاطفية في غاية الهشاشة وباتت هدفا سهلا لشباك المغرضين وشيئا فشيئا تغير شكل غناء البنات اللطيف الذي يتغزل في الحبيب، ويعبر عن لوعة العشق والعاشقين ليتحدث عن الخيانات العاطفية والشلابة.

اليوم التالي


تعليق واحد

  1. أول شي دي صورة وله كاركتير
    ليس سخرية ولا إنتقاص
    فقط بسأل
    إذا صورة دة مصور مخستك والجريدة كذلك