تحقيقات وتقارير

جبل عامر.. الذهب المُدجّج


ونحن على مشارف جبل عامر الذي يقع في ولاية شمال دارفور، كانت الصورة الحَاضرة في ذهني، أنني سوف أحط الرحال في أرض سُودانية وماهي بسودانية، حيث أنّ (3.000) أجنبي مُدجّجون بالسلاح، يُسيطرون على الجبل الغني بالذهب، وفقاً لما ذكره وزير الداخلية أمام البرلمان وأثَارَ على خلفية هذا التصريح، الكثير الكثير من الجدل، محلياً، إقليمياً ودولياً.. وأعاد إلى الأذهان كثيراً من المزاعم.. وكلما اقتربت من الجبل الأسطورة، كلما زادت قوة حضور ذلك المشهد وزاد بالمُقابل شعوري بالاغتراب.. حتى ما وصلنا مدخل الجبل، وألقينا التحية على بعض أفراد حرس الحدود الذين يتوزّعون على مداخل الجبل.. بدأنا الطريق داخل الجبل، وعلى جنباته حياةٌ تضج بالحيوية، وعلى مَد البصر، كان عُمّال المنجم مُنهمكين في أعمال التنقيب، بينما أنا أنقّب في الوجوه، كانوا غير آبهين بوجود أجانب أو غيره.. شَقّينا الطريق ونحن نلقي التحايا هنا وهناك، على المارة،المنجمين، أصحاب المحال..نُراقب ونسأل، نسأل عن العمل، الإنتاج، الخدمات، الأمن، ثم )الوجود الأجنبي(!!.

وعلى امتداد الجبل يتوزّع العمال بوجوههم التي علاها غبار الذهب بين مراحل عمليات التنقيب المُختلفة، حفر الآبار، تكسير الحجر، طحنه، ثم مرحلة الغسيل. وبجانب عمليات التنقيب، هناك حركة تجارية لا يُستهان بها، محال تجارية لبيع الملابس الرجالية، ومحال أخرى لبيع المُستلزمات الغذائية الاستهلاكية اليومية، ومطاعم شواء، ومحال تجارية أخرى ذات علاقة بأعمال التنقيب.. حنجرة الفنان محمود عبد العزيز تشق سُوق الجبل.. هي حياة كاملة، ظاهرها بؤس وباطنها سعادة مُرتجاة، وربما تنتهي الحياة هنا، على أمل قبل بلوغ السعادة، لَقد شَهد الجبل العديد من حوادث الموت.. في هذا المكان الشقاء والسعادة توأمان، العمل هنا، يعتمد الحظ، لا شيء سواه، إما سعادة بوزن الذهب، أو شقاء بوزن التراب.

عامر.. سيد الاسم؟

قبل أن نبدأ جولتنا داخل الجبل، لنتعرّف على من هو عامر صاحب الاسم؟.. عامر هو أحد أبناء قبيلة “الرزيقات”، كان في سابق العهد يرحل بإبله في رحلة الشتاء والصيف، وحَينما يَحل الصيف يرتكز عامر بإبله في وادي الجبل، وأصبح يُشار إليه لاحقاً بـ”جبل عامر”، برز اسم الجبل منذ منتصف 2012م، ووفقاً لمحدثي محمود حمدان، فإن أول من اكتشف الذهب في الجبل، هم: محمد النور جلال، خير الله حامد وعبد الله محمد كانوا يتجولون بأجهزتهم.. حتى وصلوا منطقة (جلّي) التي تبعد 20 كيلو شرق جبل عامر.. من (جلّي) وصلوا إلى جبل عامر، وقتها حصلوا على 2 كيلو أو أكثر قليلاً.. بعدها بدأ الإعلام يتحدث عن الذهب في هذه المنطقة، وبدأ الناس يتوافدون، جاء الناس من كل بقاع السودان، وبعضهم أجانب، غالبيتهم من تشاد.. ثم علا نجم الجبل عقب الاقتتال القبلي الدامي الذي شهده الجبل مطلع عام 2013م، وفي منتصف ذات العام، انهار المنجم بعشرات المُنقبين.

يقع جبل عامر في ولاية شمال دارفور، يبعد من مدينة الفاشر نحو (210) كيلومتراً، ويتوسط أربع محليات، كبكابية شرقاً، الواحة- مستريحة جنوباً، سرف عمرة غرباً والسريف بني حسين شمالاً.

غضب أجنبي!!

بدأنا الطريق إلى داخل المنجم، كان ذلك الطريق القصير داخل الجبل، قبل أن نصل إلى لجنة إدارة منجم جبل عامر، وهي لجنة أهلية مَعنية بتنظيم العمل داخل المنجم وفك الاحتكاكات بين العمال، ويبدو أن هذا عملها الرئيس، جلسنا إلى رئيس ومقرر اللجنة داخل خيمتهم، بدأ الحديث بتصريحات وزير الداخلية بوجود (3,000) أجنبي مُدجّج بالسلاح.. الغضب كان مُسيطراً على وجوه كل الذين تحدثنا إليهم، لدرجة أن بعضهم كاد ينفجر بغيظه، جميعهم نفوا بغلاظة وجود أجنبي مسلح، لكنهم أكدوا وجود عمال أجانب كغيرهم من العمال.. تحدّث إلينا رئيس لجنة المنجم، أحمد إبراهيم سعيد قائلاً: “بعد أحداث المنجم الشهيرة مطلع 2013م، والتي راح ضحيتها عشرات المُنقِّبين، عاد الناس إلى المنجم وبدأ العمل، شكّلنا لجنة.. حتى حدثت المُصالحة بجُهُود موسى هلال من (الرزيقات) والناظر الجدي من (البني حسين)، استمر الناس في عملهم بما فيهم أبناء (البني حسين).. استمرينا في حل المشكلات التي تحدث نتيجة الاحتكاكات في ملكية الآبار وغيرها”.. حينما طرحنا عليه سؤالاً؛ كيف يتم اختيار رئيس اللجنة؟ قال: هذا من اختصاص اللجنة المُشرفة، وهي تتكوّن من (شيخ موسى) و(الناظر الجدي).. سألنا عن طبيعة المشكلات التي تعمل اللجنة على حلحلتها، فأجابنا رئيس اللجنة الذي يرأسها منذ 2013م “طبيعة المشكلات هي احتكاكات بين مخمورين، بعض الأطماع في مِلك الآخرين وغيرها من المشكلات التي يجلبها المال”.. سألنا عن الجريمة في الجبل، أفادنا مقرر اللجنة حسن عبدالله عيسى أنّ الجبل شهد نحو 21 جريمة قتل، هذه المعلومة لديهم، ويحدث القتل نتيجة الخلافات في الأرض والثروة، إما بالطعن أو الرمي داخل الآبار.. والآبار هناك بأعماق أكثر من (50) أو (60) متراً وربما تزيد.. سألناه عن انتشار المُخدّرات في الجبل، فأجاب، انتشار طبيعي.

شركات (الكرتة).. لمن تتبع؟!

طرحنا سؤالنا على رئيس اللجنة، عن كيفية الحصول على تصديق للعمل داخل الجبل قال، هذه مسؤولية اللجنة المُشرفة، الذي يريد العمل هنا، يَمر عبر اللجنة المُشرفة وهي لجنة أهليّة، ثُمّ لجنة إدارة الجبل وهي أهلية هي الأخرى.. لكنه يُؤكِّد أن لا تنظيم قانوني للعمل هنا، ثم أشار إلى وجود شركة واحدة تعمل في الجبل بعقد مع وزارة المعادن، هذه الشركة جلست مع اللجنة واللجنة تعلم بها، هي “شركة الجنيد” التي يمتلكها (عبد الرحيم) شقيق اللواء محمد حمدان “حميدتي” قائد قوات الدعم السريع.. ولم نتمكّن من الوصول إلى مقرها، لتحفظات تخص المرافق.. وخلال جولتنا التي امتدت زهاء الأربع ساعات في نهار السبت الماضي، تعرّفنا إلى شركة أخرى، تعمل أيضاً في مجال (الكَرّتَة).. كل الشركات هناك تعمل في مجال (الكرتة).. تحدثنا إلى أحد أصحاب الشركة التي تعود ملكيتها إلى أحد أفراد حرس الحدود، هو صاحب الشركة، ومسؤول عن حراستها وتأمينها.. مُحمّد صالح إبراهيم كان غاضباً على نحوٍ لافتٍ، كان يعتصر الكلام عصراً من شدة غيظه، وبالكاد يحتمل أسئلتي.. تحدّث إلينا الشاب الغاضب بلغة بدوية قائلاً: “الفترة المضت دي، نحن سمعنا اشاعات كتيرة جداً جداً لا بترضينا ولا بترضي غيرنا، كان شركتنا دي واللاّ الشركة الغيرنا، نحن مُواطنين أصليين من هذه المنطقة، تابعين للدولة، ولا في أجانب نحميهم، دا شغلنا نحن، ونحن قوات نظامية تتبع للدولة، ولو في أجنبي هنا كان بتشاف بالعين، ونحن ذاتا ما بنجيب أجانب هنا، الجبل دا خيرات الله، والخيرات لما تجي أولى بيها المواطن، وما في زول بوقف شغل شركة، دا شغل وزارة المعادن، وكان في ضرر لأهلنا نحن ما بنرضاه.. الشيء الأخير الداير أقوله، الشيء الداير في المنطقة دي، حكاية أجانب تلاتة آلاف وما تلاتة آلاف.. بزعامة منو وفلان وعلان، دا كلام كاذب كاذب كاذب”.

طرحنا على صاحب الشركة التابع لحرس الحدود، إن كانت شركته وقّعت عقداً مع وزارة المعادن أم لا، فأجابنا: لم نُوقِّع عقداً مع الوزارة، ونعمل هنا منذ فترة طويلة في تجميع “الكرتة” ولم نبدأ العمل بعد.

مخاوف وغموض!!

المعلوم أن إعادة إنتاج الذهب من (الكرتة) يحقق أضعاف المكاسب أكثر من التنقيب التقليدي، و(الكرتة) هي التراب الذي يُستخلص منه الذهب بالطريقة التقليدية باستخدام الزئبق وصابون البودرة والماء، والزئبق في هذا المكان يتم التعامل معه كأنه ماء ورد، بإهمال.. فبعد استخلاص الذهب بهذه الطريقة، ينتقل الذهب المكنوز داخل (الكرتة) إلى أصحاب الشركات الذين يدفعون مبالغ تبدو مغرية لأصحاب (الكرتة) لتتم إعادة إنتاج الذهب منها بواسطة الشركات.. ومَعلومٌ أن مواداً سامة تُستخدم في عمليات تكرير (الكرتة) مثل “السيانيد”.. هل يحدث هذا في جبل عامر؟!

في مُقابلتنا للجنة، وأثناء الحديث الطويل، كان يشرح لي أحدهم طريقة استخلاص الذهب بواسطة الشركات التي تعمل في مجال (الكرتة)، فقد تحدث عن وجود بعض العمليات لكن لا تُوجد مصانع بالمعنى، هي مُجرّد أحواض كبيرة يتم خلط المواد فيها ثم يُستخلص الذهب من (الكرتة)، لكن صاحب الشركة الذي تحدّثنا إليه والذي يتبع لحرس الحدود، كان يقول إنّ شركته لم تبدأ العمليات بعد، هي فقط في مرحلة تجميع (الكرتة).. أما “شركة الجنيد” التي تنسب إلى شقيق قائد قوات الدعم السريع، كما ذكرت، فلم نستطع الوصول إليها لتحفظات شديدة، وحينما أصريت على مُرافقي بضرورة زيارة الشركة التي اتخذت مكاناً قصياً في الجبل، حَسمني بألاّ طريق إليها.. صُعوبة الحصول على معلومات بالغة الدقة بشأن الشركات، ليس فقط لأنّ هناك تحفظات بشأن بعضها، بل لأنّ التنظيم في الأصل لا يُخضع إلى مُؤسّسات بقدر ما يخضع إلى السلطات الأهلية.

القوات الأجنبية المُدجّجة!!

كُنت كلما أكملت حديثي مع أحدهم، أتلفت يمنة ويسرة علّي أجد رأس خيط يقود إلى أيِّ مظاهر لوجود أجنبي مُسلّح، كنت أبحث في الوجوه وبين طواحين الحجر، وفي السوق وداخل بعض (الرواكيب) كي أعثر على رأس خيط، كان كل شيء طبيعياً، بمعيار طبيعة الإقليم الذي يتقلّب في الحرب لسنوات تزيد عن العشر.. وينتشر فيه السلاح بمقدار انتشار الناس، توصلنا من خلال جولتنا إلى أن القوات الموجودة في الجبل هي قوات الدعم السريع، وهذه مسؤولة من حراسة شركة (الجنيد)، وقوات حرس الحدود، التي تنتشر في مَداخل الجبل، بالإضافة إلى حامية الجيش، التي تتبع لقيادة اللواء (21).. جلسنا إلى قائد الحامية، والذي كان مُتحفظاً ربما لحساسية الإعلام.. قلنا له، إننا نتقصّى عن وجود أجنبي مسلح في هذا الجبل، كان رده: لا علم لنا بوجود أجنبي هنا. واكتفينا منه بالإجابة المقتضبة.

خلال جولتنا طوال النهار، لم ألحظ عربة دفع رباعي مُدجّجة، باستثناء سيارة تتبع لـ(مجلس الصحوة) بزعامة موسى هلال، والسيارة التي كانت تنقلني إلى الجبل، ثم بعض السيارات التي تحرس الشركات، وحتى هذه لا تتعدى سيارة أو سيارتين لكل شركة.. سألنا مقرر لجنة إدارة المنجم، حسن عبدالله عيسى عن انتشار السلاح وسط المُنقِّبين والمُعدِّنين، أجاب: هذا أمرٌ طبيعيٌّ، أينما وُجدت الثروة لا بد من حراستها، كل صاحب مال يحرس ثروته، هذا ذهب!! ويبدو أنّ مشهد التسلح في الجبل طبيعي إذا ما وضعنا في الاعتبار أن هذا الجبل يقع في إقليم دارفور، الذي ينتشر فيه السلاح بشكل علني. سائق عربة الأجرة الذي نقلني إلى مطار مدينة الجنينة، كان يُحدثني عن انتشار السلاح، فاختصر المشهد بست كلمات قائلاً “بعد المغرب، كل زول عنده سلاح”!.. مستنكراً تصريحات الـ (3,000) أجنبي مسلح، واصل مقرر اللجنة حديثه، إذا كان هذا العدد من الأجانب المُسلّحين يتواجدون في هذا الجبل، فهذه مسؤولية الدولة وليست مسؤوليتنا، وطالب المقرر بتوفير الخدمات لعمال الجبل قائلاً: هذه دائرة إنتاج ثرية، ينبغي أن تولي الحكومة اهتمامها لهذه المنطقة بالخدمات، هؤلاء العُمّال يدعمون اقتصاد البلد.

البئر (نَسَّبَت) وأتى أكلها..!

من قصص الثراء في هذا الجبل الغني، أنه في السابق قبل عام ويزيد، كان الجبل مكتظاً بالعمال، وبلغ سكان الجبل وقتذاك نحو (70) ألف نسمة، بينما الآن يوجد في الجبل نحو (10) آلاف نسمة، وفقاً للجنة إدارة المنجم.. كان إنتاج الذهب وفيراً على نحو لافت.. كانت هناك سلسلة آبار أُطلق عليها (سويسرا) كونها غنية بالذهب.. أيضاً هنالك سلسلة آبار أُطلق عليها (الدوام لله)، كانت غنية جداً بالذهب، هذه انهارت ببعض المنجمين، ولأنها غنية جذبت منجمين جُدداً، ثم انهارت بهم للمرة الثانية، لذلك سُميت بـ (الدوام لله).. خلال عمليات الحفر، متى يبدأ الذهب في الظهور وكيف؟! هنا، حسب موقع البئر، هو الحظ ولا شيء سواه، يُمكن أن (تَنَسِّب) البئر أي يظهر الذهب بعد حفر (5) أمتار، وأحياناً تصل (30)متراً.. حينما يبدأ المعدن النفيس الظهور أثناء الحفر يُقال إنّ البئر (نَسَّبَت) أي بدأ ثمرها يظهر، ويظهر الذهب على الحجر كأنّه سلسلة رفيعة لامعة مُمتدة، وكما قال مُحدِّثي صاحب آبار، إنّ الذهب يظهر على الحجر مثل حبات (دخن) مُصطفة.

إنتاج الجبل!!

تُقدِّر لجنة إدارة المنجم عدد الآبار بنحو (7,000) بئر، إن كانت مُنتجة أو مَحجوزة، وتُقدّر تقارير أهلية إنتاج الجبل من الذهب من 10-15 كيلوجراماً يومياً، وتفيد ذات التقارير إلى انحسار لافت في كميات الذهب المُستخلصة من الجبل، والتي كانت في السابق تصل كميتها إلى (50) كيلوجراماً في اليوم الواحد.. ويتطابق ذلك مع إفادات عدد من المنجمين الذين استطلعناهم وترجع ذلك إلى نفور المنجمين من الجبل بعد الأحداث الشهيرة التي وقعت في عام 2013م، يقول أحد الوافدين من تشاد إن العمل في المنجم باتت مخاطره كثيرة، وهو الآن يعمل في التجارة داخل الجبل بعدما فارق عمل التنقيب.. جلسنا إلى أحد تجار الذهب في الجبل، الذي أفادنا بأنه يشتري في اليوم من(5) جرامات كحد أدنى، فيما تبلغ أقصى كمية إلى (100) جرام في اليوم، لكن إنتاج الذهب يصعد ويهبط.. ويشتري التاجر جرام الذهب بـ (600) جنيهاً، ويُمكن للمُنَجِّم أن يبيع الذهب داخل المنجم للتجار، وبإمكانه أيضاً أن يخرج به، لكن في الغالب يتم بيعه داخل المنجم، ويقوم التجار بدورهم ببيع الذهب لأصحاب الشركات الكُبرى في عمارة الذهب بالخرطوم.. وحينما طرحنا سؤالنا عن التقارير التي تتحدث عن تهريب الذهب، أجاب أحد المسؤولين في لجنة إدارة المنجم، “نحن غير معنيين بالتهريب، بعد الدهب يطلع من هنا، ما مسؤوليتنا”.

دعاية الهادي!!

بجانب الغضب الذي سيطر على الرأي العام في الجبل، كانت السخرية حاضرةً خلال جولتنا، يلقي أحدهم السلام على صديقه أو قريبه مُمازحاً إيّاه (وين يا أجنبي).. وبعض المُتواجدين في المنجم، أطلقوا على تصريحات الـ (3,000) أجنبي دعاية الهادي، في إشارة إلى اللواء الهادي آدم عضو البرلمان، الذي أثار قضية الوجود الأجنبي المسلح، ثم أعلنها وزير الداخلية أمام البرلمان، وطلب مُساعدة الجيش..اختلط الغضب بالسُّخرية وبالمُقابل حالة من الاستغراب والدهشة علت وجوه الكثيرين الذين سألناهم عمّا إذا كانوا قد رأوا رأس خيط بشأن وجود أجنبي مسلح.

صمت حكومي وتحرك إقليمي!!

يقول هارون مديخير، القيادي في مجلس الصحوة بزعامة موسى هلال، والذي التقيناه زائراً إلى الجبل، لم تحضر أيّة لجنة حكومية للتقصي والتحقق من الوجود الأجنبي المُسلّح، لكنه توقّع زيارة وفد حكومي.. علمنا من أحد أفراد الاستخبارات الذي ظَلّ مُرافقنا طيلة الجولة، أنّ قيادة الجيش في الخرطوم، اتصلت بحامية الجبل بعد تصريحات وزير الداخلية، وطلبت تقارير بالوضع في الجبل، وأفادتنا لجنة المَنجم في حديثها المطوّل، أنّ وفداً من الاتحاد الأفريقي وصل إلى الجبل وجلس مع اللجنة في هذا الصدد.

خُروج!!

كانت الساعة الخامسة بعد العصر، انتهت جولتنا التي امتدت نهار السبت داخل الجبل الغني بالذهب في منطقة داخل حدود السودان، ويتوسّط أربع محليات، لكنه خارج سيطرة سلطات هذه المحليات.. هنا، الإدارة الأهلية هي المرجع، هي الخصم والحكم.. ليس قَدَر هذا الجبل أنّه يقع داخل حدود إقليم دارفور الذي يعيش سنوات طويلة من الحرب، قدره أنّه غني بالذهب، ويبدو واضحاً أنّ قيادات القبائل هناك، تلقت تصريحات وزير الداخلية عن الوجود الأجنبي المُسلّح بإحساس (المؤامرة).. لسان حالهم يقول إنّ ثمة (مُؤامرة) مركزية تحاول إزاحتهم من المنطقة المكنوزة ذهباً.

التيار