منوعات

“مغن استثنائي” في ذكراه الرابعة اتخذ محمود عبد العزيز اسمًا جديدًا.. كان اسمه الحاج


للمرة الرابعة، هناك الآلاف الذين قرروا ألا ينسوا المغني الراحل، محمود عبد العزيز (الحوت)، (16 أكتوبر 1967 – 17 يناير 2013).. ففي ليلة الثلاثاء وصبيحة الأربعاء، موعد تأبينه، اتخذ محمود اسمًا جديدًا؛ كان اسمه (الحاج).
كان استاد الخرطوم مسرحًا للشباب من الجنسين، جاءوا من كل الأنحاء، كانت فرقة (النورس) الموسيقية في دائرة الملعب وهي تعزف النوتة الموسيقية من أغنيات محمود عبد العزيز، فيما يردد الحضور كلمات الأغنيات، وربما لم يجتمع هؤلاء الشباب على شيء، مثلما اجتمعوا حول محمود الفنان، فحتى الآن هو الوحيد القادر على صناعة الفرح في دواخلهم. لو كنت في استاد الخرطوم لأيقنت أن الاجتماع حول محمود أمر طبيعي، وليس غريبًا أن تكتظ المدرجات بمختلف التوجهات السياسية والفكرية والرياضية في دائرته، ليكون محمود بعبقريته نقطة تذوب عندها كل الخلافات. وبالطبع، لم تكن الخرطوم وحدها هي الأحق بالتأبين، فثمة ليالٍ موازية في كل من عطبرة، والدامر، ومدن البحر الأحمر، والفاشر، ونيالا، وهناك في جنوب السودان، حيث أقام محبو (الحوت) ليلة لتأبينه في مدينة جوبا. وبالنسبة لعاصم مصطفى صابر خير الله، رئيس مجموعة (محمود عبد العزيز في القلب)، فإن محمود فنان كل السودان، يقول: “إن الذكرى الرابعة لـ(قائد الأسطول) جاءت مميزة كتميز مسيرة محمود الفنية الممتدة خلال ثلاثين عامًا، اجتهد فيها كثيرًا وعانى بإنسانيته قبل فنه، ليلملم شمل كل السودانيين بمختلف قبائلهم ومكوناتهم من خلال رسالته الفنية”.
انطلقت الليلة بالترحيب بالجمهور من قبل اللجنة المنظمة، ليعقبها الترّحم على محمود وترديد السلام الوطني، الذي دأب محمود على ترديده خلال حفلاته الجماهيرية، وكان قد تكفل رجل الأعمال أشرف سيد أحمد الكاردينال بنفقاتها، وتبرع بقطعة أرض لمجموعات محمود الخيرية في بحري لإقامة أنشطتها الخيرية. وعقب الترحيب بالحضور جاءت كلمة (أم الحواتة) الحاجة فايزة محمد طاهر، وابتدرت حديثها مخاطبة الحواتة ومستلهمة من أغنيات ابنها: (ابقوا الصمود)، وحيت الجمهور في كل مكان، وخصت مجموعتي (محمود في القلب، وأقمار الضواحي)، لنجاحهما في تنظيم أمسية تليق بقيمة الراحل، وأثنت على جهودهم في مواصلة مشروع محمود الإنساني. وزادات قائلة: “أنا كنت قايلة محمود وجعتي براي؛ لكن لقيت إنو محمود وجعة الشعب السوداني كله”، لتنهمر دموع عدد من الحاضرين ممن لم يتمالكوا أنفسهم أثناء حديثها، وزادت الحاجة فايزة أن محمود موجود في كل بيت سوداني، وأن الحواتة منتشرون في كل بقاع الأرض وقادرون على مواصلة المسيرة التي بدأت بهم ومعهم، لتتواصل الليلة بعد ذلك بعزف فرقة النورس وغناء الجمهور.
حالة استثنائية، كما وصفها المخرج الشاب الطيب صديق، الذي عزم على الوقوف عند محطة محمود للتوثيق لهذه التجربة عبر تنفيذ فيلم بعنوان (عشاق الحوت)، للتوثيق لمسيرة الأسطورة كما أسماه، يتناول فيه حياة محمود منذ نشأته وبداياته في الأبيض، قبل الانتقال إلى الخرطوم التي ذاع صيت موهبته فيها، ويلقي الضوء على مشروع محمود الدرامي والغنائي قبل انتقاله إلى الرفيق الأعلى. ودعا الطيب خلال كلمته الحواتة إلى التكاتف من أجل توصيل رسالة محمود إلى الأجيال القادمة، مؤكدًا عرض الفيلم بعد الفراغ من بعض اللمسات النهائية ليكون جاهزًا للعرض في مارس المقبل. ويضيف الفنان عبد القادر سالم، أن ما رآه في الذكرى الرابعة يؤكد أن جماهير الحوت أوفياء دومًا ومحافظون على الرباط القوي الذي غرسه محمود فيما بينهم. ولما قدمه لجمهوره الذي تبوأ أماكنه مبكرًا في مشهد لا يتكرر في مكان آخر؛ لأن ما بينهم رباط فريد يعكس عبقرية الراحل محمود عبد العزيز في الغناء الذي خاطب وجدانهم، ما منحه أن يكون عرابًا لهم .
في السياق نفسه، حرصت مؤسسة (نادر خضر الثقافية) على الحضور في ليلة تأبين محمود عبد العزيز؛ لأن “الوفاء هو ديدن العاشقين”، كما يقول حسام الدين تاج السر مؤسس منظمة نادر خضر الثقافية، وأكد أن مشاركتهم في الذكرى الرابعة لمحمود عبد العزيز نابعة من توأمة فنية نشأت بين الاثنين، ولرد الدين لمحمود عبد العزيز وجمهوره؛ فمحمود قيمة إنسانية كبيرة قبل أن يكون فنانًا، وما مشاركته قبل رحيله في تأبين نادر خضر إلا دليل على ما ظل يقوم به الأسطورة محمود تجاه مجتمعه، والآن جاء وقت رد الدين من خلال إحياء ذكراه التي لن تمحى.

اليوم التالي


‫2 تعليقات

  1. اللهم ارحمنا و ارحمه وأحسن إلينا وأحسن إليه
    ولكني أرى أن الذي يقوم به هؤلاء الشباب ليس من خلق المسلم ولا ينفع المرحوم بشيء
    وكان الأولى الدعاء له بالمغفرة بدلا عن الاختلاط والصياح والمنكر
    اللهم اغفر لعبدك محمود عبد العزيز وارحمنا اذا ما صرنا الى ما صار إليه