رأي ومقالات

رمقني (حمدان) بضجر وقال: (حركات ناس البنقو دي شنو يا جمعة)


التمعت في ذهني هكذا ، فعل إشتهيته فجاة ، في قياسات العامية (هفت) ! فخرجت أطلب صحن (فول) بذاك الطعم المهجن من زيت سمسم وغبار جبنة بيضاء اكره منها ذاك الذي يحري علي سطح الة كثيرة الثقوب المدببة فتحول الشرائح البيضاء الي دقيق لا احبه ، لذا وعند اقرب دكان اشتريت جبنة اعلم أنها من وارد الدويم ، صررتها بعد ان نقدت عشر جنيهات حزت بها قطعة كبيرة تسللت أصابعي فنخرت منها جزازة حينما لاسمت مقدم لساني وقاع حلقي انتفضت من حموضتها واقشعر جلدي ، يا لطيف ..صحت مثل درويش طرقت اذنه همسة شيخ ! قصدت مطعما بالجوار في جانب الحي ، بالواقع كان أرضا فلاة امتدت امام دكانين احدهما رصت بداخله طاولتين وست كراسي من البلاستيك فيما أحتضنت زاوية صنوبر ما تعلق مثل مسمار في حافة نعل ! كان هو مكان غسل الايادي قبل الاكل وبعده وان غلب علي الناس غسل اياديهم بعد الاكل واكتساح الدهن عليها بملاحس اللسان ! بالمناسبة (ملحس) هو اسم اللسان في التقرنجية وهو تعبير عربي قطعا (كما يقول الامريكان في المحاكم هذه افادة عابرة لا عليكم بها ) ، وصلت الي وسط الساحة المطعم والتي تقاسم و(حمدان) صاحب المأدبة نحو ست من بائعات الشاي ، مواطنات واجنبيات فيما أقام الحاج شيبون عن الزاوية من تلقاء مجري للمياه (طبلية) لتحويل الرصيد وبيع التسالي وبعض انواع العلكة الرخيصة فضلا عن كميات من اصناف السجائر ، لا تستهينوا بالحاج شيبون فلو انك خطر لك شراء كهرباء او الحصول علي أنبوبة غاز او رغبت في إيجار شقة فانه احاييل لتوفير ذلك ولست أعلم كيف ! واما اعجب المكان ومفارقاته ان مطبخ تجهيز الاطعمة يجاور دكانا عتيقا لبيع (التمباك ) فتختط روائح السعوط مسارها في ثنائية مع ضوع شواء لحوم الضان والدجاج ولا ضغينة !المكان خاصة في ليالي الخميس يتحول الي سوق عظيم ، هو اخر الاسبوع وتنتعش فيه جيوب العمال والصنيايعية وترتق ثقوبها ، يتجمعون عادة علي عشاء عمل قوامه الفول وبعض الشية ان حسن خلق المقاول ، يحضر كذلك بعض الطلاب والموظفون وخلق كثير ربما يعجبهم احتشاد الموقع بالحياة وربما يجذبهم حسن تعامل (حمدان) حافظ امانة (الكاشير) الذي يحرص علي جلباب قصير مدعم بسديري عريض الجيوب مع طاقية لونها ابيض منشأ لكنه تحول الي سواد مخلوط ببعض لون الارض ، يتخير الرجل مقعدا طويل القوائم ، يمنحه ربما بعض احساس الزهو العريض ، فيري ما لا نراه اذ لا تغرب عن مسألة فتراه يلاحق الصبية العمال بالاوامر والتعليمات ويشارك من مترقاه ذاك في أحاديث الزبائن بمداخلة او تصويب ، وتشمل عنايته الخطابية (كلتوم) بائعة الشاي التي حينما يطلب منها كوب شاي وتحمله اليه يغازلها بصوت جهير (بنحب من بلدنا) يقولها وهو يضحك من تفجر الاجنبية التي يغازلها باختصاص الرسالة فترد بعربية مرتبكة (اسكت يا آجوز) ثم تتفل علي قميصها وهي تقول (بيس ..بيس) ، كنت قد وصلت شققت الجلوس والقيام من الناس ، رمقني (حمدان) بضجر مميت وهو يشجب عادتي في إحضار الجبنة وهو يقول (حركات ناس البنقو دي شنو يا جمعة) قالها بصوته الذي يؤهله ان يكون خطيبا في مظاهرة او مقلدا للمرحوم محمد خوجلي صالحين حتي ان زبونا منكبا علي وعاء كوارع رفع نظره نحونا ، الراجح انه رجل مباحث او حامل قطعة حشيش في جيبه ! حينها لم اجد بدا من زجر (حمدان ) ووجهي يكتسي سمت الاستياء وانا امد له كيس الجبنة الضئيل وهو (بقلب ميت ) يضحك ويديه تجوسان فوق كوم (موارك) اخرج منها واحدة حمراء اللون موجها معها نداء لاحد العمال (فول) للاستاذ وجبنة (صحبة راكب) فاقبل صبي امسك بيده امر الطلب ورمقني بعين مرهقة قائلا (عاوز جرح ) قلت باقتضاب (لا) وعيني تمسح الفضاء بحثا عن طاولة لم تكن متوفرة ، فاتخذت مساري نحو المغسلة ، قاتلك الله يا حمدان قلت لنفسي اتضن علي الزبائن بقطعة صابون صحيحة اذ وجدت (شقفة) من صابون للغسيل يمسها الناس مثل قطعة حجر السجود عن الشيعة ! فركتها ودلقت الماء فلم اظفر برغوة فتركتها مكتفيا بطهور الماء القراح بعد ان انتظرت احدهم لخمس دقائق غسل يديه ورقبته وتجشأ في الحوض وكاد ان يغتسل غسل جنابة وانا خلفه ليتلفت نحوي بعد ان تنحنت ست مرات ليقول لي (سوري يا عمك) صمت بغيظ اعجزني عن الرد وانا اقول (تكوس مع العمايا) قبل ان اعود اتشارك ثلة من الاخوة الحنوبيين طاولتهم ، احضرت صحني وانا ادعوهم لمد ايديهم ، كانوا قد اكلوا فولهم وجلسوا يديرون بعض شواغل انسهم ، ردوا دعوتي برفض نبيل تحفه دعوات الهناء والشفاء ثم حرفوا موجة الي رطانة محلية خاصة بهم لم تردني عن فضول استراق السمع دون ان افقه ما يقولون ، انجزت وجبتي ونهضت شبعانا جزلا ، كرعت كوبا من سطل ابيض من الزنكي يفاقم برودة المياه ونهضت الي حمدان احاسبه فقال (20 جنيه ) فقلت طلب فول يا زول فرد دي فلسفة الزبائن البتكرهنا الشغل !

محمد حامد جمعة


‫3 تعليقات

  1. أشبعت بطنا أجاعها محمد عثمان ومرتزقته! بل أتلفوا أحشائها وأتخموها بفاسد ما عندهم، لا تتركنا نجوع أخرى يا جمعة!

  2. هههههههه
    خليك شجاع ونزل التعليق يا محرر النيلين

  3. التعليق فحواه أن أشبعتنا يا جمعة بعد أن اجاعنا محمد عثمان ومرتزقته، وباقي الكلام تموه خيال …