سياسية

وصول شحنة نفطية إماراتية في فبراير وزير المالية..


على الرغم من إقرار موازنة العام 2017م برفع الدولة يدها عن دعم سلع رئيسة كالوقود والقمح والدواء، سمّت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي 2017 بأنه “عام البشريات” وأكدت أنه سيشهد العديد من تنفيذ البرامج والخطط التي تعود بشكل مباشر على حياة المواطن ومعاشه خاصة بعد رفع الحظر الاقتصادي الأمريكي الذي ظل مسلطاً على السودان لعقدين من الزمان، ما يبشِّر بانفتاح البلاد على الدنيا ووصول المنتجات السودانية إلى الأسواق العالمية دون القيود السابقة، فضلاً عن تدفق الاستثمارات الأجنبية وتسهيل التمويل الخارجي وخفض كلفة عمليات الصادر والوارد ما يعود بأثر مباشر على توازن ميزان المدفوعات المُختل.
آثار
تعهّد وزير المالية والتخطيط الاقتصادي، بدر الدين محمود في مقابلة مع برنامج مؤتمر إذاعي الذي تبثه الإذاعة السودانية يوم (الجمعة) بأن يشهد العام الجاري بشريات، تأسيساً على رفع الحظر الاقتصادي المفروض على البلاد، موضحاً أن العقوبات الاقتصادية شكلت عقبة كبيرة وتحدياً حقيقياً للسودان خلال الفترة الماضية، بعزلها اقتصاد البلاد عن الأسواق العالمية والقطاعات المالية الدولية، ما ترتبت عليه خسائر كبيرة قال إنها تتجاوز “500” مليار دولار بصورة مباشرة وغير مباشرة.
كاشفاً عن طلب الحكومة من جهة محايدة، حصر الخسائر التي تسببت فيها العقوبات الأمريكية، خاصة وأنها بدأت مع تصدير أول شحنة للبترول السوداني. مؤكداً أن خطوة رفع الحصار الاقتصادي والتجاري لها آثار إيجابية مُتعدِّدة أولها تحسين سمعة البلاد اقتصادياً، وخفض تكلفة التمويل، وتحسين تدفقات تسهيل التمويل الخارجي، وتسهيل كلفة عمليات الصادر والوارد، وترويج منتجات السودان في الأسواق العالمية، والحصول على أفضل عروض للاستيراد، فضلاً عن استقدام التقنية التي تُسهم في زيادة الإنتاج، وتُمكِّن من استخدام الأدوات المصرفية في الأسواق العالمية، ومن ثم تحويل جزء كبير من الشركات إلى شركات مساهمة عامة وإدارج أسهمها في الأسواق العالمية مثل كنانة وشركات السكر وحتى القطاع الخاص الذي لديه أعمال كبيرة ما يُمكِّن من دخول أموال جديدة.
الاستثمارت الأجنبية
وأوضح وزير المالية، لمايكرفونات الإذاعة، أن رفع العقوبات يفتح الباب أمام تدفق الاستثمارات، وكشف عن أن الحكومة بدأت تستقبل طلبات لاستثمارات أجنبية أمريكية، مؤكداً دخول بعض الشركات الأمريكية إلى البلاد، وقال إنها بدأت فعلياً في تأسيس نشاط لها في السودان ما يُحسِّن من فرص قطاع الخدمات خاصة النقل والسكة حديد الذي كان ممنوعاً من استيراد قطع الغيار بجانب الخطوط الجوية السودانية وقطاعات تقنية المعلومات، فضلاً عن تحسين فرص الحصول على تمويل، معتبراً رفع الحظر خطوة إيجابية نحو إعفاء الديون الخارجية.
وفيما يلي رفع اسم السودان من (القائمة الرمادية) أكد محمود أن السودان بذل جهوداً كبيرة في زيادة مستوى الالتزام بمحاربة غسل الأموال من ناحية، ومحاربة الإرهاب من ناحية أخرى، وقال: “أصبحنا أكثر التزاماً بالمعايير الدولية المطلوبة في هذا المجال وهذا يساعد في التفاوض الذي يجري الآن مع الجانب الأمريكي لتطبيع العلاقات الثنائية ما يفتح الباب لإعفاء الديون”.
ليس في محله
قلَّل وزير المالية من المخاوف القائلة بإمكانية تراجع الإدارة الأمريكية، في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترامب من تنفيذ برنامج رفع الحصار الاقتصادي على السودان، وأكد أن ما تم نتيجة اتفاق بين مؤسسات تلعب الدور الرئيسي في صنع القرار في الدولتين. ناعتاً الولايات المتحدة الأمريكية بأنها دولة مؤسسات، وقال إنه تأكد لهم وجود تفاهمات بين الإدارة الأمريكية السابقة والحالية فيما يلي ملف السودان، وأشار إلى تصريحات الرئيس المُنتخب ترامب بأن يجعل من السودان سوقاً للمنتجات الأمريكية وفتح الباب للشركات للاستثمار، وكشف عن أن عدداً كبيراً من الشركات الأمريكية الراغبة في الاستثمار في البلاد بدأت توثّق طلباتها في السفارة السودانية بواشنطن، وهذا ضمان أكبر لاستمرار هذا القرار وأضاف: “نحن أكثر عزيمة لطي ملف كافة العقوبات المتبقية”.
خطة جاهزة
كشف بدر الدين محمود عن خطة في ما يلي التعامل مع القرار، بدءاً بالقطاع الاقتصادي، فضلاً عن القطاعات الأخرى، مشيراً إلى أن أكبر التحديات التي كانت تواجه الموازنات هي العقوبات التي تمت إزالتها أخيراً، فضلاً عن العجز في الميزان الخارجي. وأعلن عن أن من البشريات وصول وديعة دولة الإمارات البالغة 500 مليون دولار، واتفاق لتسهيل إمداد بترول ومشتقات نفط خلال الفترة المُقبلة، خاصة الجازولين بدفع مؤجل من “أدنوك” الإماراتية وتوقَّع وصول أول الشحنات مطلع فبراير المُقبل.
وقطع محمود بأن العام الحالي سيشهد تحسُّناً في العملة المحلية واستقراراً في سعر الصرف، ونبه إلى أن المالية شرعت حالياً في مراجعة السياسات والإجراءات المالية والنقدية وبصفة خاصة القطاع الخارجي بما يُحسِّن من إدارة سعر الصرف والتخلص من كل الأدوات والإجراءات التي استحدثتها الحكومة للتعامل عنوةً مع الحصار، وقال: “نستطيع أن نقول إن العام 2017 هو عام البشريات”.
شرقاً وغرباً
أوضح وزير المالية أن الفترة المقبلة ستشهد تتنفيذ عدد من الاتفاقيات مع الجانب الصيني في العديد من المجالات وتوطين عدد من الصناعات الاستراتيجية في البلاد، مثل صناعة الزجاج والحديد، فضلاً عن إكمال مشروع المطار الجديد وأعلن عن أن فبراير المقبل سيشهد بدء تمويل المقاول الصيني لتنفيذ المطار، وأن هنالك شركات تقدمت حالياً وتم التصديق لها في مجال التعدين والدخول في التنقيب عن الذهب مايؤشر لزيادة الإنتاج خاصة أن الخطة تركز على المشروعات التي تزيد من الإنتاج، وأشار إلى اتفاق آخر مع الصين وصفه بالمهم بعد التوقيع على اتفاق إطاري في مجال الطاقة الشمسية والنووية، وأعلن عن تنفيذ إنشاء محطة نووية خلال الفترة المُقبلة لتوليد الكهرباء وهنالك خطوات عملية وتمويل ممنوح لهذا المشروع.
تركيز
قال بدر الدين محمود بتركيز أهداف البرنامج الخماسي على سلع بعينها لزيادة الصادرات، وهذه السلع هي(الصمغ العربي وصادرات اللحوم البترول المعادن) وأربع سلع بأخرى لإحلال الواردات منها (السكر وزيوت الطعام والأدوية والمواد الاستهلاكية)، عبر ما وضعته الحكومة من أهداف ناحية الاتجاه الصحيح. مبيِّناً التطور في قطاع الحبوب الزيتية وإنتاجها مع تحقيق فائض، وفي الصدد قال: (دخلنا أسواقاً كثيرة حتى في أوروبا من خلال صادرات زيوت الطعام خاصة “زيت الفول”، وذات الأمر ينطبق على الأعلاف–والكلام لا يزال لمحمود- مع إحراز زيادة في إنتاج الأدوية والقمح وقال: “كل ذلك يحسِّن من ميزات المدفوعات والميزان التجاري وسيُحدث التوازن المطلوب”.
وفي مجال جذب الاستثمارات قال محمود بتعويلهم على تدفق الاستثمارات الأجنبية خاصّة في المجالات الاستراتيجية، موضحاً أنه تلاحظ في الفترة الأخيرة تدفق استثمارات في المجالات المستهدفة مثل الزراعة، كاشفاً عن دخول استثمارات كبيرة من الدول العربية والخليجية خاصة السعودية في المجال الزراعي والحيواني، بالإضافة إلى تدفق الاستثمارات في مجال المعادن وتحديداً الذهب، وأشار إلى أنه خلال زيارتهم الأخيرة لدولة الصين توصلوا إلى تفاهم لزيادة الإنتاج في النفط والغاز، مؤكداً أنهم يعملون على تشجيع الاستثمار من خلال قانونه، وتسيير الأعمال وتبسيط الإجراءات وقال: “لدينا مقومات الاستثمار المطلوبة فضلاً عن وجود قدر مناسب من البنية التحتية والعمالة المُدربة، والفرص التشجيعية”.
خاص
لفت وزير المالية إلى أن موازنة العام 2017 تهتم بزيادة الإيرادات من خلال برنامج مفصل في هذا المجال، ويشمل البرنامج الإصلاح الضريبي والجمركي وتوسيع المظلة الضريبية وقال إن هذا لا يعني فرض ضرائب إضافية، وقال مفسراً: “هنالك تناقض كبير بوجود عبء ضريبي كبير على الممولين من ناحية في مقابل نسبة ضعيفة جداً في مساهمة الضرائب في الناتج المحلي الإجمالي، وهذا لا يتأتى إلا بتوسيع المظلة الضريبية وزيادة إيراداتها من خلال رفع نسبة التحصيل ومحاصرة التهرب الجمركي والضريبي بإدخال التقنية، خاصة بعد إدخالنا مشروع التحصيل الإلكتروني وتطويره حتي وصل مرحلة السداد الإلكتروني وحاليا وصل الدفع الإلكتروني”.
وكشف محمود عن أن تطبيق نظام التحصيل الضريبي نجم عنه زيادة في الإيرادات بنسبة “27%” وقال: “نسعى لزيادات الإيرادات بوتيرة أكبر في المرحلة المقبلة بعد تطبيق نظام حوسبة ديوان الضرائب”. متوقعاً أن يُحدث ذلك ثورة كبيرة في زيادة الإيرادات وزاد: “هناك كثير من المتهربين من الضرائب سنصلهم من خلال التقنية”.

الصيحة