منوعات

الإدمان.. موقف المدمن من الإدمان على المخدرات


يتلخّص موقف المدمن من الإدمان من قبل الباحثين والعاملين في هذا الحقل على ما يلي:
• إن الإدمان هو حالة من التبعية الجسدية والنفسية لمادة معينة أو لسلوك ما، يعتاد الإنسان عليها فتسلبه إرادته الحرة وتستعبده وتسير حياته.

• إن المدمن ليس مجرما، ولو ارتكب أحيانا وتحت وطأة المخدر, أعمالا تسيء إلى المجتمع. وإن دواءه في إعادة تأهيله وليس في إدخاله السجن, لأنه سيخرج منه كما دخل. . هذا إذا لم تزدد حالته سوءا.
• إن المدمن ليس مريضا, ولو كانت إعادة تأهيله تتطلب، في البدء ، سحب السموم من جسده. ولو كان مريضا لاكتفي بعد ذلك بإعطائه الدواء ليشفى دون الحاجة إلى إعادة تأهيله في مركز متخصص. ويذهب البعض, هنا إلى اعتباره (مريضا اجتماعيا) ليس إلا.
• ليس من مدمن يرغب بالبقاء في حالة الإدمان. لأنها، وإن كانت في البدء قد أعطته لذة وفرحا, وأنسته مشاكله, فسرعان ما تتطور هذه الحالة إلى كآبة وذل وتعاسة يتمنى أيٌّ كان التخلص منها.

إن النبذ موجود بين المجتمع والمدمن وهو حالة متبادلة، يتقاسمها الفريقان. وما يخافه الناس من المدمن هو أن ينقل عدوى الإدمان إلى ذويهم وأبنائهم، أو يتعدى على أموالهم ليحصل على المخدر. أما المدمن فيفتقد الثقة بكل من حوله. فصديقه جره إلى تعاطي المخدر، والتاجر استغله، والدولة لاحقته وحاكمته، ومجتمعه ظلمه, وعائلته نبذته….. إنه يبحث عمن يساعده دون مصلحة أو غاية. ……إنه بحاجة إلى العاطفة والحب والاستقرار والفرح والدفء المنزلي. وهذا ما يجب أن توفره الجمعيات والمراكز والمؤسسات التي تهتم بهذا المجال, أي مجال الإدمان وإعادة التأهيل المدمنين على المخدرات.

آثار إدمان المخدرات على الفرد والمجتمع
أولاً: الآثار الدينية
المخدرات مضيعة للوقت مذهبة للعقل تدخل صاحبها في غيبوبة تمنعه أداء صلواته وتحقيق عبادته، كما أن سيطرتها على عقله تجره لارتكاب كل محرَّم من قتل وسرقة وسواها.


ثانياً: الآثار الاجتماعية
يتنامى تدهور صحة المدمن حتى يصبح شخصا غير سوي مع المجتمع، و تضعف القدرة لديه على التحكم في مختلف المواقف، مما يعني أنه يصبح خطرا على المجتمع ويصبح عاطلاً عن العمل وهو عضو غير منتج في المجتمع، يميل إلى ارتكاب الجرائم، غير متحمل لمسؤوليته كراع في أسرته، ويصبح نموذجا سيئا للاقتداء من قبل أسرته، وينفق موارده لتحصيل ما يتوهم فيه اللذة من مخدر، تاركاً أفراد أسرته دون طعام ولا كساء مما يؤدي إلى كثرة حدوث الطلاق في تلك العائلات، كما تكثر ولادة أطفال مشوهي الخلقة، ضعيفي البنية في أوساط المدمنين.
وعندما يعجز المدمن عن تأمين المخدر بالطرق المتاحة كثيراً ما يلجأ لإجبار زوجته أو ابنته على البغاء.
فانتشار المخدرات علامة على الرذيلة بكل صورها 
.

ثالثاً: الآثار الاقتصادية
علاوة إلى أن المدمن إنسان غير منتج، فإنه يلحق بمجتمعه خسارة كبرى في الإنفاق على علاجه من الأمراض التي ينتجها الإدمان، وعلى إنشاء مصحات لعلاج آفة الإدمان بالذات، وعلى الأجهزة الأمنية المكلفة بمكافحة المخدرات وملاحقة الاتجار بها والمهربين لها.
ثم إن أسعار المخدرات الباهظة تستنزف الدخل القومي لتجتمع في أيدي قلة من الناس تعمل لحساب جهات إجرامية من المافيا وسواها.


رابعاً: الآثار الصحية والنفسية
لكل مخدر أثره الخاص على العضوية، ومن الآثار المدمرة التي تشترك بها كافة المخدرات ” المكيفة”:
ضمور قشرة الدماغ التي تتحكم في التفكير والإدارة. وتؤكد الأبحاث الطبية .


أن تعاطي المخدرات، ولو بدون إدمان، يؤدي إلى نقص في القدرات العقلية وإلى إصابة خلايا المخيخ بالضمور مما يخلّ بقدرة الشخص على الوقوف من غير ترنح.
أما انحلال نخاع القنطرة الوسطى عند المدمن فيؤدي إلى شلل النصف السفلي من الجسم.
كما يصاب المدمن بنوبات من الهذيان والارتعاش وفقدان الوعي وتليف كبده وتضخم طحاله كثيراً، ويصاب بالتهاب الأعصاب المتعددة، ومنها العصب البصري، المفضي إلى العمي وإلى التهاب مزمن في البلعوم والمريء قد يفضيان إلى سرطان المري.
والقيء المتكرر، وفقدان الشهية يؤديان بالمدمن إلى الهزال الشديد، كما أن المخدرات تهيج الأغشية المخاطية للأمعاء والمعدة وإلى احتقانهما وتقرحاتهما.
وما ينجم عن ذلك من نوبات إسهال وإمساك وسوء هضم مع سوء امتصاص للغذاء يزيد الطين بلة.

وكل المخدرات، يدعي متعاطوها أنها مثيرة جنسياً وأنها تزيد في متعتهم غير أن الباحثين يؤكدون أن الإدمان في خاتمة المطاف يؤدي إلى العجز الجنسي والعنانة الكاملة عند الرجل وإلى البرود الجنسي عند المرأة.
من أبرز أضرار المخدرات النفسية الشعور بالاضطهاد والكآبة والتوتر العصبي النفسي وحدوث هلاوس سمعية وبصرية مثل سماع أصوات ورؤية أشياء لا وجود لها، وتخيلات قد تؤدي إلى الخوف فالجنون أو الانتحار، كما يحدث اضطراب في تقدير الزمان والمكان مما ينتج عنه أحكام خاطئة، وضعف في التركيز. مما يقلل من تفاعل المدمن مع محيطه بحيث لا يسعده شيء ، فسعادته هي في الحصول على المخدرات

الوقاية من الادمان:
وللوقاية من هذا التأثير والتصدي له، لا بد من التسلح بالإيمان أولاً، ثم امتلاك مهارات واستراتيجيات ، إلى جانب وعي كامل بهذا الموضوع ومخاطره الجسيمة.
ونذكر من هذه المهارات والاستراتيجيات ما يلي:
 بالنسبة للآباء:
• زيادة وعي الأبناء بالإدمان ومخاطره، وتعريفهم بالطرق الصحيحة لاستعمال الدواء
• تنمية ثقة الأبناء والشباب بأنفسهم
• تنمية قدراتهم على التمييز بين الصواب والخطأ
• تحصينهم بسلاح الدين والأخلاق

• التعرف على أصدقاء أبنائهم
• مراقبة الآباء لمصادر كسب وإنفاق أبنائهم، حتى لا يسهل المال الوفير تأثير رفاق السوء.
بالنسبة للشباب:
• الابتعاد عن رفاق السوء
• التسلح بالمعرفة والوعي والثقة بالنفس
• عدم الانسياق للفضول وحب الاستطلاع الذي يقودك إلى هذا الطريق
• ممارسة الأنشطة الرياضية الفاعلة والتي تدعم شخصية الفرد
• ممارسة أنشطة مختلفة بعد الدراسة أو العمل لملء وقت الفراغ.
بالنسبة للمجتمع عامة:
• تفعيل دور المؤسسات الاجتماعية الدينية لتحصين الوازع الديني
• تفعيل دور مؤسسات المجتمع المحلي كالنوادي والمدارس في تعزيز احترام الفرد لذاته ليكون عضوا فاعلا واثقا من نفسه، مساهما في منفعة المجتمع

• مراقبة وعمل التحديدات اللازمة للشباب فوجود المال الوفير بأيديهم يساعد على التجاوب مع ضغوط زملائهم سواء في الدراسة أو العمل
• إنشاء برامج تدريب وتوعية للآباء في التعامل مع أبنائهم لا سيما في سن الطفولة والمراهقة والشباب
• .عقد برامج ودورات حول كيفية التعامل مع الأطفال الذين لديهم مهارات اجتماعية ضعيفة أو سلوك عدواني وتعريفهم بالضغوطات السلبية لكي يتمكنوا من تجنبها.

صحيفة التيار