زهير السراج

إنه كان ظلوماً جهولاً !!


* تخيلوا .. كم هو مغرور وأناني وشقي هذا الإنسان، رئيس ظل يحكم ويتحكم طيلة ثلاثين عاماً، ولا يزال يتطلع للمزيد .. ألا يخشى هذا الإنسان من حمل هذه الأمانة الثقيلة .. ألا يتدبر ويتأمل قول الله سبحانه وتعالى (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوماً جهولا)، ويتساءل لماذا وصف المولى عز وجل حامل هذه الأمانة بالظلوم الجهول، حتى يفكر مليون مرة قبل أن يقبل هذا المنصب، أو ذاك، أو يرضى بحمل هذه الأمانة أو تلك .. يا لجحودك وظلمك وجهلك أيها الانسان !!
* دعكم من السموات والأرض والجبال، إقرأوا هذه القصة وقارنوا بين الإنسان والحمار والكلب والقرد .

* قيل للحمار : ستعمل دون تذمر من طلوع الشمس حتى مغربها، وستحمل فوق ظهرك أحمالاً ثقيلة، وستأكل الشعير، ولن تتمتع بأي ذكاء، وستعيش حياة طولها خمسون سنة ..
* قال الحمار: سأكون حماراً، ولكن خمسين سنة كثيرٌ جداً، أريد فقط عشرين سنة، فكان له ما أراد !!
* قيل للكلب: ستحرس منازل بني البشر، وستكون أفضل صديق للإنسان، ستأكل من الفضلات التي يتركها لك، وستعيش حياة طولها ثلاثون عاماً ..

* قال الكلب : ثلاثون سنة كثيرة، أريد فقط خمس عشرة، فكان له ما أراد!!
* قيل للقرد: ستتأرجح من غصن لغصن، وتقوم بعمل الخدع لإضحاك الآخرين، وسوف تعيش حياة طولها عشرون سنة .

* قال القرد: عشرون سنة كثيرة، أريد فقط عشر سنوات، فكان له ماأراد!!
* وقيل للإنسان: أنت المخلوق الأكثر ذكاءً على وجه الأرض، وستستعمل ذكاءك لتصبح سيداً على باقي المخلوقات، وتعمّر الأرض، وسوف تعيش حياة طولها عشرون سنة !!
* قال الإنسان: سأكون إنساناً لأعيش عشرين سنة فقط، هذا قليل جداً، أريد الثلاثين سنة التي لم يرغب بها الحمار، والخمس عشرة سنة التي لم يرغب بها الكلب، والعشر سنوات التي لم يرغب بها القرد، فكان له ماأراد !!
* ومنذ ذلك الزمان والإنسان يعيش عشرين سنة كإنسان، حتى يتزوج بعدها.

* يعيش ثلاثين سنة كالحمار، يكد و يعمل من طلوع الشمس لمغربها، ويحمل الأثقال على ظهره!!
* وبعدها .. عندما يكبر الأبناء:
* يعيش خمسة عشر عاماً كالكلب، يحرس المنزل ويغلق الأبواب والكهرباء، ويأكل أقل الطعام أو يأكل من الفضلات التي يتركها أبناؤه!!
* بعدها ..عندما يشيخ ويتقاعد:
* يعيش عشر سنوات كالقرد، يتنقل من بيت لبيت، ومن إبن لآخر، أو من بنت لأخرى، يعمل الخدع ويسرد الحكايات لإضحاك أحفاده وحفيداته !!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة