منى ابوزيد

مأساة «أبو تريكة» .. إلى أين تمضي مصر ..؟!


« العدالة دون قوة عديمة الجدوى، والقوة دون عدالة استبداد « .. بليز باسكال ..!
استضافت قناة الجزيرة مصرياً تم وضع اسمه على قوائم الإرهاب رغم كونه لا ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، لكنه يعارض الحكومة ويقيم خارج البلاد، لذلك تحفظت السلطات المصرية على معاش والدته البالغة من العمر سبعين عاماً وصادرت أملاكها، ولم تضع في حسبانها كون السيدة وكيل وزارة سابق، خدمت الدولة المصرية لسنوات طوال، وصادرت أيضاً معاش زوجها المتوفي، كالذي كان عميداً سابقاً بالقوات المسلحة، وتم تكريمه باعتباره أحد أبطال حرب الاستنزاف .. فأموال تلك السيدة التي تم وضع اسمها على قوائم الإرهاب – بحسب تبريرات ضيف القناة على الضفة الأخرى – تذهب لتمويل الإرهاب ..!

وحينما سألت مذيعة القناة ضيفها الذي يمثل وجهة نظر الحكومة المصرية عن بعض موتى المسلمين وبعض المسيحيين الذين تم التحفظ على أموالهم بذات الحجة، قال إن هذه سذاجة مفرطة، فلم تجد بداً من تشبيه ما يحدث لأسر المتهمين بانتمائهم لجماعة الإخوان المسلمين في مصر بما يحدث لأسر المعارضين السياسيين في كوريا الشمالية، وما يحدث لأسر المنتمين إلى حركات المقاومة في الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل ..!
وفي مقابل سقوط بعض الأحكام المماثلة عن قيادات سابقة في نظام مبارك مثل الفريق أحمد شفيق والوزير السابق أنس الفقي تم التحفظ على أموال لاعب كرة القدم المصري السابق محمد أبو تريكة «الذي يقوم حاليا بتحليل مباريات بطولة الأمم الإفريقية على إحدى الفضائيات خارج مصر»، وتم وضع اسمه في قوائم الإرهاب، وصدر قرار بمنع خروجه من مصر في حال عودته إليها ..!

وقد استحوذ هذا الخبر على اهتمام مستخدمي تويتر في العالم العربي، ودشن مغردون هاشتاغ (أبو_تريكه_مش_مجرم) الذي انتشر بشكل واسع في دول أبرزها مصر والسعودية ولبنان، وأدان مستخدمو الهاشتاغ الخبر وكتبوا تغريدات لاذعة انتقدوا من خلالها القضاء والحكومة المصرية، كما تداولوا تغريدات نشروا من خلالها صوراً مختلفة لأبي تريكة معربين عن تضامنهم معه، وواصفين إياه بأمير قلوب الملايين ..!
وفي المقابل كانت ردود الأفعال العالمية كارثية – وكما هو متوقع – قرر عدد من نجوم العالم مقاطعة حملة دعم السياحة المصرية في مدينة شرم الشيخ بجنوب سيناء، عقب إدراج اسم محمد أبوتريكة على قوائم الإرهابيين، وكان على رأسهم ريفالدو ومارادونا الذين كانا سيشاركان في مباراة خيرية بمدينة شرم الشيخ لدعم السياحة المصرية ..!

ما يحدث في مصر – في الآونة الأخيرة – يذكرني بالمكارثية التي جثمت على صدر أمريكا في خمسينيات القرن الماضي، والتي كانت سلوكاً سلطوياً يقوم بتوجيه الاتهامات بالتآمر والخيانة جزافاً دون أدنى اهتمام بثبوت الأدلة .. تهمة ضحايا المكارثية في أمريكا كانت «أنهم شيوعيون» وتهمة ضحايا المكارثية الجديدة في مصر هي «أنهم إخوان مسلمون» ..!
عشرة آلاف مواطن أمريكي تم طردهم من وظائفهم والتنكيل بهم بسبب اتهامات ملفقة «منهم مارتن لوثر كينغ .. وألبرت أينشتاين .. وآرثر ميللر .. وتشارلى تشابلن» .. إلخ .. والقائمة طويلة .. إلى أن ثبت زيف تلك الاتهامات وتأكد تضليل القائمين عليها ..!
إلى أين تمضي مصر .. ومتى تفيق من شبح «الإخوانية» الذي حول حكومتها – وحارسة منجزات ثورتها – إلى سلطة سيئة السمعة ..؟!

هناك فرق – منى أبو زيد
صحيفة آخر لحظة