سياسية

المهدي .. كواليس العودة وحسم تفلتات الحزب


أيام قلائل ويسدل الستار على المشهد الذي طال انتظاره لدى أنصار حزب الأمة والعديد من القوى السياسية بالداخل والخارج فيما يتعلق بعودة الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي وزعيم الأنصار,

إثر البيانات والتصريحات التي أطلقتها قيادة الحزب في الخرطوم. وقد أصبحت عودة المهدي بحسب تصريحات الأمة هذه المرة في الموعد المحدد لها وهو الخميس القادم بعد غياب عن البلاد قارب الثلاث سنوات عاش خلالها متنقلاً بين دول وعواصم افريقية أوربية قبل أن يستقر به المقام في قاهرة المعز قبيل التوقيع على اتفاق أو إعلان باريس الشهير مع الحركات المسلحة وقطاع الشمال في الربع الثالث من العام 2014م. وتأتي أسباب خروج الإمام عن السودان عقب تعرضه للاعتقال الشهير والذي سجن على إثره قرابة الشهر قضاها في سجن كوبر بالخرطوم تحت أسباب أمنية بحتة , حيث تعرض وقتها في إحدى زياراته لأواسط السودان الى قوات الدعم السريع بانتقادات عنيفة خرج بعدها من طاولة الحوار الوطني الذي كان هو أول المنضمين إليه والمرحبين به. عودة الإمام الصادق من شأنها أن توصد الباب أمام كل الإرهاصات والتقولات التي تبرز بين الفينة والأخرى حول تحركاته الماكوكية بين صفوف المعارضة بغرض توحيدها تارة لإسقاط النظام بطريقة ناعمة, وأخرى لا تخلو من المخاشنة السياسية التي ربما يذهب فيها الإمام لوضع يده لخلعه وإسقاطه بكل الطرق عدا تلك التي يتبيح حمل السلاح. وقد نشط حزب الأمة في أواخر العام المنصرم في أن الإمام ربما فاجأ الجميع بعودته المحتملة والتي حدد لها أكثر من موعد وتم تأجيلها لدواعٍ تراتيبية قبل أن يقرر الحزب ان العودة ستكون بصورة نهائية في منتصف شهر ديسمبر الماضي، الموعد الذي يصادف ذكرى استقلال السودان من البرلمان, ولكن تدخلت قيادة الحزب لاحقا وقامت بإعلان تأجيل العودة لأواخر الشهر الجاري وتحديداً في يوم ذكرى تحرير الخرطوم الذي يصادف اليوم 26 يناير، وجاء ذلك التأجيل لمصادفة يوم 19 ديسمبر دعوات المعارضة الأخيرة للعصيان المدني.
تحديد الميعاد
وبالأمس اتهم الحزب بحسب بيان له ممهور بتوقيع الأمين العام للحزب السيدة سارة نقدالله الحكومة بعرقلة الترتيبات الجارية وسط الحزب لاستقبال رئيسه وعودته المنتظرة أواخر هذا الأسبوع , وقال البيان إنهم في الحزب قاموا بمخاطبة الحكومة للتعاون مع الحزب في إخراج هذا اليوم بعد أن أخبر الحزب الجهات الحكومية المسؤولة بميعاد العودة والتي حدد لها يوم 26 يناير الجاري , وقد حدد الحزب مسجد الخليفة عبدالله التعايشي مكاناً لكرنفال الاستقبال. ورغم كل هذا إلا أن الحزب أكد مضيه قدما في استقبال زعيمه في الميعاد المحدد , وهناك استعدادات تامة تجري داخل الحزب لأجل هذه المناسبة. ويشير الكثيرون إلى ان الإمام سيعود هذه المرة ولكن هناك اختلافاً في مكاسب العودة حيث شهدت فترة غيابه وقوع الكثير من الأحداث, فيما مثل خروجه وانضمامه للمجموعات المسلحة والمعارضة التي عمل جاهداً على توحيدها زخماً سياسياً ماثلاً لجهة أن منهج الإمام هو الميول نحو الطرق السلمية والبدائل التي يبني عليها رأيه ومواقفه لإصلاح النظام أو إسقاطه , ما جعله يجد الكثير من الصعوبات في التعامل مع معارضة تحمل السلاح لإسقاط النظام. بيد أن زعيم الأنصار فلح في مسعاه بجمع وتوحيد المعارضة بشقيها في اجتماع باريس الذي ولد ما عرف بوثيقة باريس الوليد الشرعي الذي يباهي به الصادق المهدي النظام في الخرطوم.
باريس والنداء
وقد وجدت وثيقة باريس رواجاً كبيراً بالداخل والخارج عقب دعوات الإعلان عنها والحملات التي قادها الإمام بنفسه في الترويج لها أوربياً وإفريقياً. ولكن خلافات المعارضة الداخلية بين أحزاب التجمع المعارض ربما يرجع لها السبب في تعطيل تلك الوثيقة في البلوغ لمراميها. ومن ثم انتقل الإمام بمعية الحركات المسلحة والقوى السياسية بالخارج إلى توحيد هذه القوى في مجموعة موحدة سميت نفسها بقوى نداء السودان , وهي الوثيقة الشهيرة التي عرفت بها لاحقاً وقد وقعت عليها مجتمعة بما فيها الحركة الشعبية وأخذت مجموعة قوى نداء السودان تحركات واسعة بأديس أبابا عقب اجتماعها بالوساطة الإفريقية ورئيسها ثامبو أمبيكي واستطاعت أن توصل رؤاها بكل وضوح وقاربت أن تتوصل إلى التوقيع على اتفاق السلام عقب توقيعها على برنامج خارطة الطريق الإفريقية والذي يحسبه المتابعون بأنه الخطوة السابقة للسلام, بيد أن خلافات بين هذه المجموعة والحكومة فيما عرف بالمؤتمر التحضيري الذي ظلت تنادي به القوى السياسية المعارضة. وقد ربط بعضها الدخول في الحوار الوطني والعملية السلمية بموافقة الحكومة على قيام المؤتمر التحضيري أو الملتقى التحضيري الذي يجمع كل القوى المعارضة وليس قوى منتقاة بعينها. وما بين عودة الإمام إلى الخرطوم ومفارقة مجموعة نداء السودان نجد أن المجموعة قامت بعقد لقاء لها مؤخراً في العاصمة الفرنسية باريس , وقد عقدت المعارضة السودانية المدنية والمسلحة اجتماعات في باريس لإعادة هيكلة جسم المعارضة المتهالك من كثرت الخلافات إذ لم يخل اجتماع من خلاف ينشب بين أحد مكونات نداء السودان. وفي وقت عجزت فيه مجموعة نداء السودان، حتى الآن من تنصيب رئيس لها، قال القيادي بحزب الأمة القومي الفريق صديق إسماعيل إن اجتماع باريس تطرق لموضوع رفع العقوبات عن السودان وهو ليس من العناصر الأساسية للاجتماع. وأوضح ان الاجتماع يتحدث عن رؤية جامعة وتأسيس لتجمع المعارضة لنداء السودان. مشيرا إلى أن حيثيات القرار سيتم التطرق إليها في الإطار العام للقرار. وأضاف إسماعيل أنه يطالب الحكومة السودانية بالالتزام في عدة مناح منها السلام الشامل وخطوات ايجابية وهذه المطلوبات هي ذات القضايا الأساسية لنداء السودان وما يهمنا هو تنفيذ القرار في إطار التوافق الوطني الذي نسعي إليه , وعقدت قوى نداء السودان التي تضم الحركات الدارفورية المسلحة والحركة الشعبية قطاع الشمال فضلا عن حزب الأمة بقيادة الصادق المهدي وتحالف قوى المعارضة إلى جانب منظمات من المجتمع المدني اجتماعا في العاصمة الفرنسية باريس حيث جددت موقفها الثابت في كل الاجتماعات في مواجهة النظام في الخرطوم بوسائل المقاومة السلمية كما تجدد رفضها القاطع الدخول في حوار دون دفع استحقاقات الحوار الجاد . وبحسب البيان فأن اجتماع المجلس العشريني لقوى نداء السودان خصص لمناقشة قضايا البناء الداخلي لتحالف نداء السودان , وكذلك نقاش التطورات السياسية الأخيرة بالبلاد.
ضعف المعارضة
ويقول متابعون إن اجتماعات باريس المتتالية أثبتت ضعف المعارضة بشقيها المدني والعسكري, وجاء البيان الختامي ليؤكد هذا الضعف. فالحركات ما زالت عاجزة عن تطوير آلياتها للتعامل مع المتغيرات السياسية في الواقع السوداني ورغم ان الحركات المتمردة فشلت في تحقيق أهدافها خلال المواجهات العسكرية وظلت تتلقى هزائم متلاحقة خسرت بموجبها معاقلها ،إلا إنها تحاول أن ترسل إشارة للمجتمع الدولي الى أنها مازالت فاعلة وذات قدح معلى في خارطة العمل السياسي السوداني, ويأتي اجتماع باريس بعد رفض هذه القوى التوقيع على خارطة الطريق وانتهاء المهلة الزمنية التي منحها الاتحاد الإفريقي للحركات المسلحة للتوقيع عليها . ومثل توقيع الحكومة على الخارطة صفعة قوية في وجه المعارضة, فقد اعتبرت الآلية موقف الحكومة السودانية التزاما وتسريعا منها في إكمال المفاوضات والإسراع بعملية السلام والحوار الوطني , أما الحكومة فقد قللت من تجمع المعارضة بباريس وأوضحت انه لا يعينها في شيء وطالبت الاتحاد الأفريقي ومجلس السلم والأمن الأفريقي الضغط على الحركات المسلحة لتوقيع خارطة الطريق. ويرى المراقبون أن مخرجات اجتماع باريس لن تكون ذات جدوى ولن تتجاوز الحبر الذي كتب به وذلك لأن قيادات نداء السودان قد ناقشت أمر تطوير الآليات في اجتماع كان قد عقد في نوفمبر من العام الماضي ولم يحسم الجدل حوله بعد. ويمثل ما جاء في بيان باريس من أنها اتفقت على مجلس تنسيقي رئاسي من عشرة شخصيات مداراة على عدم حسم خلافات الهيكلة بتكوين جسم فضفاض منقسم على نفسه. فيما مثل رفع العقوبات عن السودان بحسب ما يراه متابعون، أنه لم يعجب المعارضة و فقدت على إثره عنصرا مهما وهو” الضغوط الاقتصادية” على الحكومة..
كواليس مبارك
أما الجانب الآخر الذي يرتبط بعودة الإمام من جهة أخرى, هو ان ابن عم الإمام السيد مبارك الفاضل المهدي قد بدأ يمثل ادواراً فسرها البعض بأنها أخذت الكثير من منصب الإمام الصادق المهدي ومكانته وسط قاعدته التي بدأ يتسلل البعض منها بتطاول غيابه عن الحزب, وقال بعضهم إن الموقف التنظيمي داخل الحزب بدأ يأخذ منحى من شأنه ان يفرق بين قواعد الحزب المختلفة وسط الدعوات القائلة بميل الإمام لأهل بيته في تولية رئاسة المكاتب بالحزب. وقاد مبارك الفاضل خطوة فسرت بأنها انشقاقاً داخل الحزب بعد ان حشد بعض القيادات بحزب الأمة في مؤتمر بالخرطوم الجمعة الماضية تحت لافتة (حزب الأمة، اجتماع الهيئة المركزية الانتقالية) وصدر عن اللقاء منشور تنظيمي للهيئة، حيث ضمت ممثلي الحزب بالولايات تحت إشارة إلى أنهم أصحاب حزب الأمة التاريخي الذي تم تكوينه عام 1945م دون الإشارة لحزب الأمة القومي برئاسة الإمام الصادق المهدي. فيما أكد عدد من الذين شاركوا في المؤتمر, أن الخطوة مفاصلة بينهم والإمام الصادق المهدي لجهة أنه انفرد بقيادة الحزب ولم يهتم لوحدته. وأكد مبارك سعيه إلى إعادة الحزب للأغلبية وقيام المؤتمر العام قبل فصل الخريف المقبل. وإذا صدق هذا الانشقاق فإنه سيكون الثاني لمبارك الفاضل عن ابن عمه الصادق المهدي عقب تكوينه لحزب الأمة الإصلاح والتجديد قبل ان يحل ويعود للحزب حسب شروط الإمام.

الانتباهة


تعليق واحد

  1. استقبال الخايبين لمن تحالف ووضع يده في يد قتلة الانصار في الجزيرة ابا وود نوباوي وابوكرشولا.
    هذا التعيس المخرف العجوز (85) وصل به الامر للتحالف مع الشيطان ليصل الي الحكم.
    وذهب يفتح خشم الجبهة الثورية ولكن وجدها مليئة بدماء الشعب السوداني ووسخ العملاء والويسكي والفوتكا ووساخة وعفن المومسات والعاهرات.
    هذه نهاية كل افاك يجري الي السلطة ولكن هيهات هذه هي نهايتك ايها التعيس.
    وعاجز الرأي مضياع لفرصته
    حتى اذا فات عاتب الدهر والقدر