مقالات متنوعة

حمام الوادي


قال لي أستاذ جامعي صديق حين علمت أن أجر الفنان لإقامة حفل عرس يستمر لمدة ساعتين فقط يصل إلي الملايين، تمنيت لو أن أحد أبنائي صار فناناً، وأضاف أنا الآن أعمل استاذاً في إحدى الجامعات الكبرى، إلا أن الأجر الذي أتقاضاه في محاضرة تتجاوز الساعتين لا يتعدى الثلاثمائة جنيه، وواصل ضاحكاً أتمنى من وزارة التعليم العالي أن تعمل على زيادة أجور أساتذة الجامعات، حتى لا يفكر البعض منهم في الوقوف على مسارح الغناء منافسين لأحمد الصادق وشقيقه حسين

٭ وأنا أستمع لأكثر من خمس أغنيات قدمها فنان من الدرجة الثالثة بإحدى الصالات، شعرت بما يشبه اللطم على وجهي، حين مر بي بعد إنتهاء الحفل دون أن يتكرم عليَّ ولو بتحية الإسلام ، مما جعلني أحترق غيظاً، فلحقت به وهو يتجه إلى سيارته الفارهة، ويضع على فمه سيجارة على طريقة الممثل المصري الراحل رشدي أباظة، فبادرته قائلاً: هل تعلم من أنا؟ فأجابني بطريقة جعلتني أتمنى أن أقطع (حلقومه)، لا أعلم من أنت، فقلت له حرام عليك أن تغني لي أكثر من خمس أغنيات ولا تعلم من أنا، ومن يومها امتنعت نهائيا أن أذهب لحفل يقيمه فنان من الدرجة الثالثة

٭ حمام الوادي أغنية لها وقع خاص في نفسي.. تحتشد بالدموع وحلم الرجوع لأرض تحمل ذرات ترابها الذكريات ومراتع الصبا وارتعاشة الحب الأول.. وتسكن بين سطورها الكثير من التفاصيل الرقيقة.. وتنام على مسح أصابعها ضفائر التنهدات من الألم والترحال ومرارة الغربة.. ومن يعيشون بعيداً عن تراب الوطن وحدهم يعلمون مدى تأثير «حمام الوادي» ومدى قدرتها على بكاء بلا دموع

٭ قال لي أحد الأصدقاء لقد لاحظت أنك تتحدث دائماً عن الشاعر محمد عثمان كجراي دون غيره من الشعراء ، فقلت له لو أنك جلست إلى كجراي ساعة واحدة لعلمت أنك تجلس إلى بستان يتكلم بلغة الأمواج ، ما أروع كجراي وهو يدخل علينا ونحن لم نزل أطفالاً في مدرسة كسلا الريفية ليحدثنا عن بطولات لأجدادنا وكيف أنهم كادوا أن يحملوا التاكا على ظهورهم ليحاربوا بها الطغمة الظالمة من المستعمرين ، كان شاعراً ثائراً صنع من رقة الكلمة رصاصة تقاتل

هدية البستان
اقابلك وكلي حنية واخاف من نظرتك ليا
وأخاف شوق العمر كلو يفاجئك يوم في عينيا

لو.أن – اسحاق الحلنقي
صحيفة آخر لحظة