عمر الشريف

فقد الهوية بعد أن فُقدت الوطنية


الوطن هو مكان الأمان والإستقرار الدنيوى ، يعيش الانسان فى تلك البيئة ويتأقلم مع ترابها والأجواء التى تتعاقب عليها ويُكيف نفسه عليها حتى يعشق تلك البيئة ويخدمها بكل ما يستطيع تقديرا على ما منحته له بقدرة الله سبحانه وتعالى من إستقرار وأمان وممارسة حياته الدنيوية وتوفير جو العبادة والمعيشة له . قيمة الوطن يعرفها الشخص عندما يهاجر أو يشرد من وطنه وبيئته التى إعتاد عليها وعشيرته وأهله الذين يدافعون عنه ويقفون معه وقت الشدة والحوجة . الوطنية أن تحب بيئتك ومكان سكنك وإستقرارك وأن تعمر تلك البيئة بما يتناسب مع خدماتك وخدمات أهلك لينعم من حولك بالإستقرار والأمان والحياة السعيدة .
لقد فقد الوطن الوطنية ولم تجد حظها فى أكثر أبناءه الذين إحتضنهم وتربوا وتعلموا فوق ترابه وإستفادوا من خيراته لكنهم لم يقدروا ذلك . الذين تعلموا ذهبوا بعلمهم العملى والنظرى للأوطان أخرى ومنهم من تخلى عن وطنه وأرضه مقابل الإستقرار فى أوطان أخرى ليتذوق فيها مرارة الغربة ويتحسر على جمال الوطن الأصلى . لم نجد المهندس يخدم وطنه بإخلاص ولا الطبيب ولا المعلم ولا المسئول حتى من أصبح له منصب مرموق فى هذا الوطن بخل عليه وأخذ وثيقة وطن أخر وإستثمر ما جنى من هذا الوطن خارجه وهو يعلم فى قرارة نفسه بأنه لا أمان ولا سعادة له غير وطنه . لقد فقدنا الوطنية حتى حملنا السلاح على أهلنا ولعن بعضنا هذا الوطن وترابه وبعضنا يبحث له عن مخرج ووطن وهو لا يعلم بأن وطنه لا بديل له ولا سعادة وإستقرار غير وطنه الذى ولد فيه وتربى وتعلم فيه .
الذى ينظر الى وضع من هاجروا أو شردتهم الحروب عن أوطانهم كيف يعانون وتنزف قلوبهم دما وعيونهم دمعا لوطنهم ويتمنون العودة إليها بكل ما فيها لانهم أحبوا ذلك التراب وتعايشت نفوسهم مع تلك البيئة . ونحن لا نعرف قيمة الوطن إلا إذا هاجرنا أو شردنا منه هناك نجد الفرق ويعتصرنا الألم ويبكينا الحنين للعودة . الذين يحملون هويات أوطان أخرى ويعيشون معنا بأجسادهم وقلوبهم لكن أطماعهم وعيونهم لتلك الأوطان لهذا لا يقدمون ولايخدمون وطنهم الأصلى ونسمع عن أسثماراتهم خارج الوطن .
لقد فقد الوطن مكانته فى نفوسنا وقلوبنا وفقدنا وطنيتنا بما يفعله حكامنا بنا وبوطننا وأصبح الوطن لا يجد من يواسيه حتى أصبح يفقد هويته وخاصة بعد تزاحم اللأجئين الذين شردتهم الحروب والجفاف وحكامهم وعاشوا معنا بكل حقوق المواطن وأكثر وأصبحت الهوية الوطنية تباع وتشترى لانه لا توجد وطنية مخلصة تغار و تمنع ذلك وتسن القوانين التى تحفظ للوطن حقه و تحمى المواطن من الذين شردتهم الظروف ليحتموا بنا ويعيشوا الأمان فى وطننا . هناك أكثر من 400 الف جنوبى واكثر من 100 ألف أثيوبى ومثلهم من ارتيريا وتشاد وسوريا وقريب منهم من اليمن ومصر وبعض دول شرق أسيا وأفريقيا ومازال الطريق مفتوح والإجراءات ميسرة والمراقبة والضبط ليست بالمستوى المطلوب ولهذا نسمع عن من يبيع المخدرات ويزيف العملة ومن ينشر الفساد والزنا وبعضهم إذا تحدثت له يقول لك أحمل الهوية الوطنية وأذا تشاجرت معه يقول لك يكفى إننا رضينا بعفانة وطنكم وجئنا اليكم لنعلمكم وأصبحت الدول الأخرى تخشى من هويتنا التى يعلمون عنها علم اليقين بأنها أكثر أمانا وصدقا وأخلص عملا وكرما لكن ضيعها من حملها من غير أهلها .
علينا بالمحافظة على هويتنا التى عشنا عليها سابقا بكل أنواع ثقافاتنا وقبائلنا شمالا وجنوبا وشرقا وغربا فى سلام وأمان ومحبة وطيبة وطنية . اللذين يعرفون قيمة هذا الوطن وشعبه يعودون إليه حتى إذا أبعدتهم الظروف وتوفرت لهم سبل الراحة الجسدية والمادية لكنهم لا يجدون شعورا بالأمان والكرم والطيبة إلا فى وطنهم . علينا تربية أجيالنا على حب هذا الوطن ونعلمهم بالقول والفعل بأن الوطن هو إستقرار وأمان ولا بديل له وأن نحافظ على هويتنا التى جمعتنا قبل دخول اللأوطنيين وأصبحوا وطنيين أو من باع وطنيته ومازال على رأس منصب كبير ويدعى الوطنية .

عمر الشريف