تحقيقات وتقارير

رفع الدعم.. الأسطوانة المشروخة


أوصدت الحكومة الباب أمام الأصوات التي تنادي بالتراجع عن قرار رفع الدعم عن السلع الإستراتيجية، سيما في أعقاب رفع الحظر الاقتصادي والتجاري على السودان. أعلنت الحكومة ممثلة في وزارة المالية، عن عزمها رفع الدعم بصورة نهائية عن هذه السلع بحلول العام 2019م، وقال وزير الدولة بالمالية مجدي حسن ياسين أمس الأول، إن الحكومة تخطط للخروج نهائياً عن دعم السلع بنهاية عام 2019. وراجت أنباء عن حزمة جديدة من القرارات والإجراءات الاقتصادية من المتوقع أن توافق عليها رئاسة الجمهورية في الأيام القادمة.

صورة وردية
وزارة المالية والبنك المركزي رسما صورة وردية للمرحلة المقبلة، أي مرحلة ما بعد قرار رفع الحظر، حيث توقعت المالية تدفق تحويلات بقيمة (4) مليارات دولار سنوياً، بعد الانفتاح على العالم الخارجي، بينما أعلن المركزي خلو العام المالي الحالي من العجز في الميزان التجاري.
وتوقع محافظ البنك حازم عبد القادر أن يحدث قرار رفع الحظر الأمريكي على السودان، انفراجاً في مسألة التحويلات المالية والتجارية، وقطعاً أن المرحلة القادمة ستشهد نشاطاً للحركة التجارية من وإلى السودان، مما يعزز التوقعات بزيادة حجم الصادرات وبالتالي مزيداً من النقد الأجنبي وفائضاً في الميزان التجاري وتجاوز مرحلة العجز فى الميزان التجاري.

انتفاء الأسباب
وزراء المالية السابقون لا يرون مبرراً للتلويح بشعارات رفع الدعم في ظل المتغيرات الجديدة التي تمر بها البلاد، حيث يرى وزير المالية الأسبق عبد الرحيم حمدي أن الفترة القادمة ستشهد تدفق موارد متعددة للبلاد، وقال في تصريحات صحفية سابقة :(حقو ناس الحكومة ما يشغلونا بحكاية رفع الدعم تاني).

يرى حمدي أن حل الأزمة الاقتصادية يكمن في إيجاد برنامج تدخل سريع يهدف إلى إنتاج سلع يحتاجها المواطن وإيجاد صادرات جديدة، وصوّب حمدي انتقادات للسياسيات الاقتصادية السابقة، واصفاً إياها بالانكماشية. ودعا حمدي إلى انتهاج سياسة توسعية تتناسب مع الظروف الإيجابية الحالية والمؤاتية لحدوث انتعاش اقتصادي أو ما أسماه تهيئة البيئة الداخلية.

تشكيك
يشكك مراقبون في حقيقة وجود دعم حكومي سيما لبعض السلع التي لا تتواءم أسعارها في الأسواق المحلية مع العالمية، كما هو الحال بالنسبة لأسعار الوقود، حيث أبدى الخبير الاقتصادي عبد العظيم المهل استغرابه من استمرار الدولة في حديث عن رفع الدعم للسلع وخاصة الوقود منذ أعوام، بالرغم من انخفاض أسعاره عالمياً من (150) دولاراً، إلى (33) دولاراً بحسب قوله، في إشارة إلى وجود فرق في السعر يقدر بـ(117) دولاراً.

وقال الخبير الاقتصادي الأستاذ المشارك بجامعة المغتربين محمد الناير إن حدوث الفائض الذي أشار إليه المركزي لا بد أنه سيكون في ميزان المدفوعات، وأما عن حدوث فائض في الميزان التجاري فهذا أمر آخر، سيما أن الأخير يعاني من فجوة تفوق الأربعة مليارات ونصفاً.

ضبابية
وبما أن تكرار رفع الدعم دون تمليك معلومات واضحة للرأي العام أتعب المواطن، طالب الناير في حديثه لـ(آخر لحظة) بضروة مناقشة قضايا رفع الدعم بشفافية ووضوح.
واعتبر أن مثل هذه الأمور تحتاج إلى دراسة عميقة توضح ما إذا كانت السلع مدعومة بالفعل أم لا؟ وحذر في الوقت ذاته من الحديث عن رفع الدعم بعموميات للناس، مما يرسل إشارات سالبة إلى أذهان المواطنين لا تتناسب مع الأجواء الإيجابية، كما أنه يشي بعدم استقرار اقتصادي بصورة عامة.

تقرير:اسماء سليمان
صحيفة آخر لحظة


تعليق واحد