عمر الشريف

تشييع المشروع الحضارى


المشروع الحضارى الإسلامى الذى نادت به حكومة الإنقاذ كان يرتكز فى نجاحه على تعاطف الشعب مع تعاليم الإسلام وتعطشهم لتطبيقها لانها هى التعاليم التى تربى عليها مجتمع الدعوة الأولى ومن بعدهم كانت عدل وصدق وإيمان وتقوى وحب للخير وليس فيها نفاق وكذب و لا قبلية ولا حزبية ولا تفرقة . إلتف الناس حول هذا المشروع المزعوم وصدقته النوايا وهتف الشعب بالتكبير والتهليل . هذا المشروع الذى كان يحمل فى طياته مخطط كبير لتكوين دولة الإسلام العظمى أسوه ( بالدولة الإسلامية التى إمتد حكمها من اليمن الى الشام فى تلك الفترة ) لكنه يختلف عنها بأنه يخبىء داخله أشياء كثيرة بعيدة عن تعاليم تلك الدولة حيث تكشف لنا بعضها مع مرور الأيام . هذا المشروع الذى تحول من فكرة الدولة الاسلامية العظمة الى دولة التمكين والتشريد وأصبح يدعم بعض المخربين ويحتوى المهجرين من بلدانهم حتى أُطلق علينا دولة الإرهاب وفرض علينا الحصار المشروع الذى أعلن فيه تطبيق الشريعة التى لم تطبق كما أمر الله بها وحارب الجنوب بإسم الجهاد وإتبع سياسة التمكين والتثبيت والصالح العام وغض الطرف عن الفساد .
فترة حكم مايو وما بعدها التى تخللتها تغيرات حكومية علمانية – إشتراكية – إسلامية وطنية حزبية تلك الفترة التى لم تمنع الحكومة فيها علمانيا من ممارسة معتقداته ولا بعثيا ولا شويعيا ولا يهوديا ولا إسلاميا (سنيا كان أم صوفيا ) لكن هناك تمازج بين تلك الفئات وإحترام وتقدير و أمان وصدق كانت العلاقات الخارجية مع الدول ممتازة مقارنة باليوم لأن أساس الدعوة للإسلام بالتى هى أحسن والتعامل بالخلق الكريم . بعد أن صالح الإسلاميين نميرى أغلق البارات وأماكن الدعارة وأعلن قوانين الشريعة التى سميت بقوانين سبتمبر نسبة لعدم تطابقها مع ما جاءت به الشريعة الإسلامية لهذا فشل تطبيق الشريعة وإنهارت حكومة مايو لتحل محلها حكومة الديمقراطية الثانية والتى جاءت بالوسطية الصوفية لكنها إنشغلت فى مهامها الشخصية والتعويضات الحزبية حتى كاد أن يدخل التمرد الى العاصمة إستغل الإسلاميين عدم وجود مقاعد برلمانية لهم ولا وزراء مؤثرين فى الحكومة الوطنية لينفذوا مخططهم وتعاونوا مع بعض القوات العسكرية ليدخلوا معهم فى إنقلاب عسكرى الذى سمى بحكومة الإنقاذ .
بيان حكومة الإنقاذ الأول الذى ينادى بوحدة تراب السودان ورفع إسم السودان عاليا ومحاربة الفساد ورفع المعاناة عن الشعب والقضاء على التمرد وتحرير كل شبر فى الوطن وتطبيق الشريعة وبسط الأمن والعدل سرعان ما تحول الى العكس فقد إنفصل الجنوب وإشتعلت الحرب فى دارفور والنيل الأزرق وهبط أسم السودانى للأدنى المستويات وإنتشر الفساد حتى أصبح مفخرة وإزدادت معاناة الشعب وكثرة الحركات المسلحة وأصبح تطبيق الشريعة محدود وإنعدم الأمن فى كثير من المناطق وضاع العدل . لقد رفعت الحكومة شعار محاربة أعداء الإسلام بصيغ متعددة ورجعت وتصالحت معاهم وتوددت لهم ورفعت شعار الإنتاج والصناعة لكى نأكل ونلبس لكنها دمرت الزراعة والصناعة ومازلنا نستورد وقاطعنا الأقرباء والأعداء فى ظل تبني المشروع الحضارى المذعوم لانه لم يكن على حق وصدق مع الله .
لماذا اليوم نبحث عن هذا العدو الذى قلنا لا نخضع ولا نزل له ولماذا نتحسر على أنه منع شعبنا من عبور أراضيه ناهيك عن الإقامة فيها لأننا بُعدنا عن الحق وكذبنا على الله بأسم الحق والشرع ( يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون الإ أنفسهم ) . علينا الآن أن نحدد مع أى طائفة أو ملة نحن ؟ هل مع الحق المبين ونعمل للآخرتنا ونتوكل على الله ولانأمن شر الأعداء ونتعاون معهم فى حدود من باب المصلحة والضرورة للفوز بنصر الله لنا والفوز بجنات عرضها السموات والأرض أم نتبع الدنيا وننقاد خلف أعداء الله ونعيش حياتنا كما يريدون هم لنا . ولنعلم أن الله حذرنا منهم بأنهم لم يرضوا عنا حتى نتبع ملتهم لنحشر معهم فى جهنم .
أتي الله الملك لهذا الرئيس (ترامب) ليكون لنا عظة ويجدد فينا الإيمان والتقوى ووحدة الصف والتمسك بحبل الله المتين وتطبيق شرعه المبين لان هذا الرئيس شيطان ظاهر و واضح يصرح علنا ماذا يريد منا وما علينا أن نفعله إتجاههم وليس كمثل سابقيه الذين يبطنون الشر ويظهرون التعاون معنا ، يقتلوننا ويشردوننا ويستغلوا خيرات بلداننا ويبيعون لنا أسلحتهم لنقتل بعضنا . فهل أتعظنا أم إستسلمنا .

عمر الشريف