تحقيقات وتقارير

فِطر البيُّوض .. ( إبادة جماعية ) لنخيل الشمالية ..!


عندما يهدد عمتنا النخلة أخطر مرض قادم من وراء البحار تحمله سفن الدمار الشامل لكل نخلة من نخلات شمال البلاد، حينها يجب على صاحبة الجلالة أن تدق ناقوس الخطر وتقرع الأجراس وتطلق التحذيرات، بعد أن أماطت اللثام عن قضية خطيرة ظلت محل تداول بين السادة المسؤولين، وتناقش في الغرف المغلقة، وترفع التقارير السرية عن خطر اكتشف في وقت متأخر، لكنه لازال في يد السلطات الولائية في الولاية الشمالية، حيث أحكمت قبضتها على 20 ألف نخلة استوردتها شركة خليجية المستثمرة في أراض شمال السودان، بعد أن كشفت تقارير صادرة من معامل وطنية تقول إن النخيل مصابة بفطريات تهدد نخيل الولاية كله..الأمر برمته الآن محل نزاع بين وزارة الزراعة والشركة.. وبين وزارة الرزاعة الاتحادية والولائية من جهة أخرى

أصل الحكاية
الحكاية التي شغلت مجتمع الولاية الشمالية، وظلت موضوع مجالس الناس هناك تهمس وتجهر وتحذر من خطر يهدد مستقبل حواشات النخيل بالولاية، سردها المدير العام لشركة أمطار خالد أبو مهاب، عندما تحدث بنبرة غاضبة بقوله: قررنا غرس مليوني شتلة داخل مشروعنا في الولاية الشمالية، وأبلغنا وزارة الزراعة بذلك، وقلنا لهم ماهي إجراءاتكم المتبعة، فردوا علينا أنهم سيكونون لجنة وتسافر إلى دولة الإمارات لمعاينة (فسائل النخل) وتقوم بفحصها، ثم نعطيكم الموافقة، وافقنا على ذلك، وفعلاً سافرت اللجنة إلى الإمارات بصحبة مندوب من الشركة، وملكناهم كل ما يحتاجونه لعملية المعاينة والفحص، وفتحنا لهم باب الشركة صاحبة المنتج بمدينة أبوظبي، ووفرنا لهم المختبر، وقلنا لهم كلنا آذان صاغية لسماع أوامركم وتنفيذها، ثم أنخرطت اللجنة في عمل معاينات (بعينيهم) ولم يطلبوا منا شيئاً بل قالوا لنا هذا ممتاز، ثم طالبناهم بقرار وإصدار خطاب موافقة لنقل البضاعة والسماح بدخولها إلى السودان، فكان ذلك، وبعد الموافقة أدخلنا 200 ألف نخلة عبر مطار الخرطوم..ولكن في المطار طلبت عينات بغرض فحصها، قبلنا الطلب ودفعنا لهم ببعض العينات للفحص، لكن نتيجة الفحص أثبتت أن العينات مصابة بـ(فطريات)، هذه الفطريات اسمها (فطر البيوض) قلت لهم ـ والحديث لأبي مهاب ـ أنتم ذهبتم إلى الإمارات، ماذا فعلتم هناك؟ لماذا لم تقوموا بالفحص وتأخذوا عينات معكم لفحصها في السودان، لماذا سمحتم لي باستيراد البضاعة وإدخالها إلى البلاد؟
ــ هذا الأمر لا يحتاج إلى ذكاء، ولا عبقرية.. الآن أنا ليس لي أي علاقة بالأمر، واللجنة تتحمل المسؤولية، والشركة دفعت أموالاً طائلة في هذه البضاعة، وتنتظر كلاماً نهائياً حول ما إذا كانت مريضة أم لا، حتى يتسنى لنا مخاطبة الشركة صاحبة البضاعة الأولى وإخطارهم بما حدث، ونسترد الأموال .

الحجر على النخيل
خلال جولة (آخر لحظة ) في الولاية ومن خلال جمعها معلومات حول الأمر تكشف لها أن البضاعة محجور عليها من قبل الحجر الزراعي داخل المشروع وتم الحجر عليها في نفس يوم صدور النتيجة .. بل إن معلومات نمت إلى علم الصحيفة بأن الشركة قامت بغرس كميات كبيرة من النخيل، الشيء الذي نفاه أبو مهاب بقوله: لم نزرع منها أي نخلة لأن اللجنة التي حجرت على البضاعة هي مازالت موجودة بالموقع وواضعة يدها تماماً على البضاعة، لأنها في مشتل واحد وفي مكان مغلق تماماً.. أنا ليس لدي معرفة عن إجراءات الحجر الزراعي والآن هم موجودون في الموقع ومحجور على عشرين ألف نخلة بإجراءات صحيحة وموافقة، والحمد لله أننا لم نزرع وليس شطارة منا، لكننا كنا في انتظار خبير يأتي من الإمارات ليعلم العمال كيفية حمل الشتلة وزراعتها في الأرض من فوق (الكونتر) لكن المحير أننا لم نمنع اللجنة من أخذ عينة..

نتيجة ثانية
أمطار حسبما يروي أبومهاب قامت بخطوة ثانية تحصلت بموجبها على إفادة من أبوظبي بخلو البضاعة من الفطريات حسب النتيجة بحوزة الشركة، ويبقى أن هناك رايان كل راي يختلف عن الآخر مايعني أننا في حاجة لطرف ثالث يكون قوله الفصل في هذه القضية، على أن يكون محايداً. وحسب معلومات الصحيفة فإن الطرفين بعثا بعينات جديدة من البضاعة عن طريق الـبريد السريع، وكونا لجنة مشتركة لمتابعة العينات وفحصها في دولتي فرنسا وألمانيا، ومن المتوقع أن تظهر النتيجة غداً…..
يبقى السؤال ماذا لو أكدت النتيجة الصادرة من ألمانيا وفرنسا بثبوت المرض؟ الإجابة كانت حاضرة عند أبو مهاب بتأكيده، إذا خرجت النتيجة بإثبات فطر البيوض تماماً، فنحن ملتزمون أما بإرجاع الشحنة او أن نقوم بحرقها وإبادتها، وإذا لم تثبت النتيجة ذلك حينها فلكل حدث حديث، فكل الخطوات التي تمت كانت بشراكة بيننا وبين وزارة الزراعة.

فحص ثالث
يشير أبو مهاب إلى أن الشركة رأت أن تستورد أداوت اختبار من الإمارات لإعادة الفحص مرة ثالثة، قبل أن يتفق الطرفان على اللجوء لخيار الفحص في دولة ثالثة، وأضاف أبو مهاب قائلاً :(قلنا لهم نعيد الفحص عن طريق الأداوات الجديدة في الخرطوم، ولما عدنا للفحص اختلف رأي اللجنة مع اللجنة الفاحصة، حيث أقرت اللجنة الفاحصة بوجود فطر، لكنه ليس فطر البيوض، لأن فطر البيوض يمتد من الأسفل إلى الأعلى، لكن الفطر الموجود الآن فيمتد من الأعلى إلى الأسفل، وأثبتت اللجنة وجود مؤشرات حيوية ثبت أنه ليس هناك فطر بيوض، الآن تم نوعين من الفحص فحص ميديا وهو السائل، والثاني محلول يعمل على الجينات، عموماً إن اللجنة الآن اختلفت في الراي .. لذلك اتفقنا على فحص العينات خارج السودان، وفي المحصلة النهائية، لو ثبت أن النتيجة سلبية وقررت الحكومة إبادتها حينها سنرى) .

منع الفحص
يروي مصدر مطلع بوزارة الزراعة بالولاية الشمالية وقف على القضية منذ بداياتها ويقول، إن وفد وقاية النباتات من وزراة الزراعة الاتحادية ذهب إلى الخليج لفحص الشتول محل النزاع، وعرضت عليهم الشركة الشتول، وظهر لهم خارجياً أنها لا توجد بها أي أمراض، ولكن لم يتم فحصها من قبل الوفد، لأن الشركة رفضت إدخالهم إلى المعامل، وعندما عاد الوفد إلى الخرطوم أرفق تقريراً عند الزيارة، ذكر فيه بأن أصحاب الشتول رفضوا لهم فحصها، بحجة أن ليس لديهم معامل، بعد ذلك أرسلت الشركة الدفعة الاولى وبها (20) ألف نخله حجزتها لجنة المواصفات في مطار الخرطوم وأخذت منها عينات لفحصها، وأبلغوهم بأن هذه النباتات تم حجزها على أن يتم وضعها في مشتل بشارع الـ(61) حتى يتم الفحص، بعد ذلك طلعت النتيجة وتبين لهم أن الشتول مصابة بأمراض، ولكن عندما ذهبوا إلى المطار تبين لهم أن الشركة نقلتها إلى مشروع بالولاية الشمالية محلية الدبة فوراً، وأرسلت الوزارة رسالة أفادتها فيها بأن بقية الدفعات لا ينبغي أن تأتي إلى السودان حتى يتم البت في الدفعة التي وصلت.

خطاب إبادة
وتابع المصدر في حديثه لـ(آخرلحظة) إن وفداً من الخرطوم الآن داخل المشروع، وهو يحمل خطاب إبادة للشتول، ولكن المدير العام للوقاية اتصل عليهم وأمرهم بعدم الإبادة لأن الوزير الاتحادي اتصل عليه، ووجه بإعطائهم مهله للمزيد من التأكيد، والمهلة هي (12) يوما، والتي قامت فيها الشركة بإرسال دكتور من الإمارات لفحص العينات. ودفع الوزير الاتحادي بلجنة لتأخذ عينات من جديد.
وأشار المصدر إلى أن الوزير الاتحادي كان يسند الرأي القائل بغرس الشتول رغم الفحوصات التي أثبتت مرضها، وأنه أرسل اللجنة للماطلة، في وقت دار نقاش ساخن مع اللجنة بحضور والي الشمالية في اجتماع مع مدير المطار.
وأفاد المصدر بأن أحد الحاضرين بالاجتماع قال للوالي بأن اللجنة بها أفراد يرغبون في غرس تلك الشتول رغم المرض

تخوفات مشروعة
وما بين الخلافات التي سردناها في ثنايا القضية بين لجنة وزارة الزراعة الاتحادية وبين السلطات في الولاية، برزت تخوفات كبيرة بين مواطني منطقة الدبة الذين التقتهم (آخرلحظة)، بسبب الشائعات التي انطلقت كالنار في الهشيم، بسبب شحنة النخيل المشار إليها، والتي حملت انباءً عن أضرار جسيمة يسببها فطر البيوض الذي يتسبب في عمليات موت جماعي لنخيل الولاية الذي يقدر تعداده بملايين الأشجار.

متابعة: علي الدالي: جاد الرب عبيد
صحيفة آخر لحظة


‫3 تعليقات

  1. موضوع إستيراد النخيل المريض هذا فيه الكثير من الخلط واللّت والعجن، من جميع الأطراف فإذا وصلت هذه الشتول المريضة وزُرعت في أراضي الشمالية ستكون قاصمة الظهر لزراعة النخيل بالسودان وتلك القاصمة كان أولها في الحرائق التي إندلعت في السنوات الماضية في بعض المناطق ولم يُعرف ما هي أسبابها؟ ولكن ستر الله على عدم إنتشار النيران بصورة واسعة ، ولكن إذا شُتِلت هذا الشتول المريضة فعلى زراعة النخيل السلام. وأذكر في ثمانينيات أو تسعينيات القرن الماضي أخبرني أخ عزيز من منطقة دنقلا بأن أحد حجاج بيت الله من أهل المنطقة أحضر معه شتلة من تمر المدينة المنورة ( مُخبأة) داخل شنطة ملابسه ،فزرعها وظهرت عليها آثار مرض غريب عن نخيل المنطقة، فبدأ المرض بالإنتشار في منطقة محدودة ، وذلك لعدم معرفة ذلك الفرد بمثل هذه الأمراض فهو معذور ، ولكن أن يتم إبتعاث لجنة من عدة أشخاص ( ويقولون أنهم مُنِعوا من فحص الشتول في معامل المنشأ) بينما تقوم الشركة بنقل الشتول للشمالية دون الحصول على إذن بنقلها أو لنقل دون أن يتم فحصها ، هنا يثبُت تضارب الآراء بين اللجنة المبعوثة و الشركة المستوردة للشتول ورأي وقاية النباتات و جهة الفحص بمطار الخرطوم وهيئة المواصفات والمقاييس. وهنا ستضيع الحقائق وسيرمي كل طرف الآخر بالإهمال والتراخي في الوصول للحقيقة ( المُرّة) وينتج عن ذلك إبادة النخيل بالسودان ، ونخشى أن يؤدي هذا الإهمال لضياع مورد هام لأهل الشمالية والسودان،كما ضاع وأُهمِل مشروع الجزيرة ( وأُصِر) على كلمة ضياع وإهمال لأنه لا يوجد أي تعبير غير ذلك. اللهم نسألك أن ترفع عن السودان غضبك وأن لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.

  2. الامر لايحتاج الى كثير لت وعجن على مواطنى الشمالية تحمل مسؤولياتهم كامله بمنع زراعة النخيل المستورد نهائيا كل بمنطقته وان لا يسمحوا بقرار الوزير المركزي بزراعة الشتول حيث انه من الموافقين على الزراعة ولآن الامر لا يهمه كثير فموت النخيل بالولاية الشمالية مسؤولية مواطني الولاية فقط ولاغير .