جرائم وحوادث

تفاصيل مقتل «جنوب سوداني» بعين شمس


في عقار سكنى مكون من ٤ طوابق في شارع جانبى متفرع من شارع أحمد عصمت، بمنطقة عين شمس بالقاهرة، اختار القائمون على شؤون اللاجئين السودانيين، أن يستخدموا ٣ شقق بداخله فوق بعضها، لإنشاء مركز تعليمى لأطفال اللاجئين بالمنطقة، إذ تم تأسيسه في عام ٢٠٠٧، وبدأ العمل به رسمياً في بداية عام ٢٠٠٨، ليصل المركز في العام الحالى إلى تقديم الخدمات التعليمية لـ٢٠٠ طفل من دولتى السودان وجنوب السودان.

يوم الخميس الماضى، وأثناء استعداد التلاميذ والمدرسين لدق جرس انتهاء اليوم الدراسى والعودة إلى منازلهم بالمنطقة، اقتحم شاب ثلاثينى المركز، وصعد مباشرة إلى غرفة مدير المدرسة «ماركو»، واعتدى عليه وعلى عدد من المدرسين، الذين تصادف وجودهم في الغرفة بالسب، واصفاً إياهم بألفاظ غير لائقة، وتلاحقت الأحداث سريعا، حتى تربص الشاب بالمدرسين أمام باب المركز، وانهال عليهم ضرباً بعصا حديدية، لينتهى الأمر بمقتل أحد المدرسين ويدعى «جبرائيل».

«المصرى اليوم» التقت بالقس ماركو، مدير المدرسة، وروى لها تفاصيل الأحداث التي شهدها المركز الخميس الماضى، وقال: «كنت جالساً في مكتبى أتابع شؤون العمل بالمركز، وكان المدرسون والتلاميذ يستعدون لإنهاء اليوم الدراسى، وفجأة، اقتحم مكتبى شخص يدعى عماد حمدى، أحد سكان الشارع، والذى يملك محلاً لأدوات البناء بالقرب من المدرسة، ووجه لى وللمدرسين سباباً، وهددنا بالقتل، قائلاً أنا هقتل حد منكم النهارده».

أضاف مدير المركز: «اخترنا الصمت أثناء توجيه السباب لنا، وطلبنا من جيراننا التدخل لإثنائه عن تهديداته وتهدئة الأمر، وبالفعل تدخل جار لنا عجوز، وطالبه بعدم الانفعال وهدأه، وظننا أن الأمر قد انتهى إلى هذا الحد، وعقب ذلك بدأ العمال والمدرسون في النزول تباعا من المدرسة، عائدين إلى منازلهم، وفوجئنا به وقد تربص أمام المدرسة بهم واحدًا تلو الآخر، حيث انهال على العامل حكيم، بعصا حديدية أحضرها من محله، إلا أن العامل استطاع أن يفر من أمامه».

وتابع ماركو: «ترجل المدرس المتطوع جبرائيل من المدرسة خلف حكيم عائدًا إلى منزله، لا يدرى أن عماد متربص له بالحديدة، وانهال عليه بها على رأسه، ضربة واحدة فاختل توازنه وارتعش، ثم ضربه مرة أخرى، فسقط غارقا في دمائه، ولفظ أنفاسه الأخيرة في الحال متأثرًا بجراحه».

أشار ماركو إلى جهاز كمبيوتر أمامه، يعرض ٣ شاشات لكاميرات مراقبة معلقة على المركز التعليمى، كان قد ركبها بعد تهديد أحد المقيمين بالمنطقة بحرق المدرسة، وقد سجلت الكاميرات تفاصيل الاقتحام، والتى اطلعت عليها أجهزة البحث الجنائى.

في الدقيقة ١٢:٥٣ دقيقة، توضح الصورة لحظة دخول عماد حمدى إلى المركز، مرتديا جاكيت، وقد وضع يديه الاثنتين داخل جيوبه، ودلف إلى مكتب المدير مباشرة، ووضح أن عددا من الأطفال وقفوا على باب مكتب المدير يتابعون مشادة كلامية، التى قال عنها المدير إنه كان يسبنا ويصفنا بالكلاب والحيوانات ويهددنا بالقتل.

عقب دقائق محدودة، حسبما أظهر الفيديو انسحب «عماد» إلى أسفل المركز التعليمى، وقد نزل وراءه اثنان من عمال المركز، وطالبا رجلا كبيرا في السن بالتدخل لتهدئة عماد، وبالفعل أظهرت الكاميرا أن الرجل العجوز تحدث إلى عماد، وعاد العمال إلى المدرسة، فيما أظهرت الكاميرا «جبرائيل» وكان واقفا في شرفة المركز، وظهر أنه تحدث مع عماد، وأظهرت الكاميرا إشارات لأيدى جبرائيل، قال عنها مدير المدرسة: كان يهدئه ويخبره بأن لا شىء يستدعى كل هذه المشادات، ثم انصرف عماد، وظن الجميع أن الأمر قد انتهى إلى هذا الحد.

أظهرت الكاميرات أيضا فزع عماد أثناء انصرافه، وقد خلع الجاكيت مرة واحدة، في إشارة إلى أنه ينوى ارتكاب عمل ما، وفى الدقيقة ١:٢٠ ظهرا، خرج العامل حكيم من المركز، فانهال عليه عماد بالضرب بالعصا، إلا أن حكيم نجح في الفرار من أمامه، لكن الكاميرا لم تظهر موقع وقوف المتهم، حيث يقول مدير المركز: كان يعلم أن هناك كاميرات مراقبة معلقة لذا اختار موقعا للاعتداء بعيدًا عن واجهة المدرسة.

في الدقيقة ١:٢١، نزل جبرائيل حاملا حقيبته، عائدا إلى منزله، إلا أنه في اللحظة التي غير فيه اتجاهه أمام المدرسة، وضح من فزع المارة، أنه تعرض لاعتداء.

٢٧ دقيقة من الفيديو، اطلعت عليها أجهزة الأمن، التي حضرت إلى موقع الحادث، وما إن نقل جبرائيل إلى المستشفى، وبدأت التحقيقات حتى سلم القاتل نفسه إلى أجهزة الأمن، مساء الخميس، واعترف بارتكاب الواقعة.

وذكر مدير المدرسة ماركو: عماد كان يكرهنا دون سبب، طالما اعتاد على سبنا ولعننا ولم يسلم منه حتى الأطفال في التحرشات اللفظية، وتعدى على ٤ مدرسين قبل ذلك بالضرب والسب.

كتب: عصام أبو سديرة
المصري اليوم