مقالات متنوعة

أعداء المطحونين.. وطاحونة البشير..!


* حكومة السودان تبدو كأنها ترغب بأن يتضاعف عدد (الحرامية) مع سبق الإصرار؛ وذلك بتضييقها على الناس في معاشهم، تقهرهم حين يمارسون العمل الحلال.. فالسلطة التي لا تكاد تلمح بين أفرادها (ابن حَلال) درجت على مطاردة الباعة والبائعات رغم أنها مسؤولة عن ما وصلوا إليه فقراً ومسغبة..! علاج السلطة للظواهر المجتمعية مدفوع بشعور انتقامي ظاهر تمارسه المحليات وغيرها من بؤر الظلم.. وقد رأينا توحش المحليات عبر صورة صاحب (الدرداقة) التي نشرها الزميل مجدي عبداللطيف أمس بعنوان: (محلية الخرطوم تطارد شاباً وتصادر درداقته بعد أن بعثرت بضاعته على الأرض)..! إنها صورة تختصر ما يجري عموماً؛ وما يؤكد تغول الحكومة الساقطة على الضعفاء.

* تبعثر رزق الشاب فوق التراب بأيدي (مآمير) المحلية الغلاظ.. ولم يكتفوا بتشتيت بضاعته البسيطة المكونة من (الفول؛ النبق؛ الدوم.. الخ) بل صادروا وسيلته التي يتجول بها (الدرداقة) وذهبوا منتشين؛ كأنهم (حرروا حلايب)..!

* في تقديراتي أن دخل هذا الشاب في حدوده القصوى لا يزيد عن (وجبة يلتهمها موظف بالمحلية).. ومنعه من العمل لا يقل عن (جريمة)؛ بالنظر إلى حكومة تأخذ ولا تعطي..!

* الحكومة (تتعامى) عن مفسديها الذين أوصلوا كثير من شباب السودان لمزاولة أشغال هامشية لا تسد الرمق؛ وبعض هؤلاء الشباب لهم نصيب من العلم والشهادات.. لكن نهب المليارات وتكديس الثروات داخل خزائن القلة المجرمة المتحكمة في البلاد أفرز (الهوامش) وجيوش الفقراء والمساكين والمرضى؛ ممن يموتون تحت خط الضنك.. وصار بعض أصحاب الشهادات مكرهين على صِعاب الوطن المحطّم بعيداً عن تخصصاتهم.

* تنطلق عربات (الكشة) القبيحة في الخرطوم يومياً محاولة التهام المطحونين؛ ولم تنجح محاولاتها في تجفيف مواعين هؤلاء الباعة الذين يظهرون من جديد في الشوارع؛ لأن حاجتهم للحياة أكبر من أي خوف.. فمصادرة أشيائهم الصغيرة لا تعني اليأس؛ لو كانوا ييأسون لجلسوا في بيوتهم واختفت المطاردات التي يلاقونها من أعدائهم..!
* السلطة لم تترك خشاشاً.. ولا تمنح قمحاً أو أملاً.. مع ذلك تعادي الفقراء والمساكين ــ كأن قادتها لم يكونوا من زمرتهم ــ تنفث حقدها الأعمى تجاه مجتمع تباينت ضلوع مخمَصته وسط شحوم اللصوص الكبار أصحاب القصور العالية.

خروج:
بصقتُ حينما لمحتهم
وجوههم ندى
وشعرهم مموج الحرير
في العربات الفارهات
يرشحون “دلكة” وصندلا
أشهى من القصور العاليات الرائعة
راكوبة مخلّعة
أشهى من المبردات ماء “قِربةٍ”
بين الغصون ناقِعة
ورقدة على الرمال تحت خيمة القمر
ألذّ من مراوحٍ زيوتها دم البشر
وأدمع المشردين..
والمضيعين في مجاهل القدر
* صدق الشاعر الفخم محي الدين فارس.. ولكن زيوت البشر المطحونين نفدت تحت (طاحونة البشير)..!
أعوذ بالله

أصوات شاهقة – عثمان شبونة
صحيفة الجريدة