زهير السراج

إنتهى الزعيم الخالد !!


* قبل أن يحل عام 2020 موعد انتهاء فترة الرئيس عمر البشير (الذي ظل يحكم منذ أكثر من 27 عاماً)، رفع البعض راية النفاق، وبدأوا حملة التصريحات بضرورة بقاء الرئيس في الحكم لضمان سلام وأمان ووحدة السودان، وكأن السودان لم يكن سالماً وآمناً وموحداً من قبل، وكأن خروج رئيس يعني نهاية الزمان .. ونسأل المنافقين، كم من رئيس حكم ثم ترك الحكم في هذا العالم منذ نشأته حتى اليوم، فهل فنى العالم، مهما كانت عظمة وعدل وحكمة الرئيس الذي ذهب؟!

* إن سنة الحياة التغيير، ولا بد أن يتطور الزمن ويتغير الناس، ويذهب ناس ويأتي آخرون، فلماذا تصرون على إيقاف الزمن، لماذا تؤلهون الإنسان، ولماذا تصرون على النفاق الذي جبلتم عليه سنوات طويلة، ألم يكفكم ما انتفعتم به أم أنكم تريدون أن تظل (الساقية لسة مدورة) .. الساقية التي منحتكم كل شيء، وحرمت الشعب من كل شيء، الساقية التي أغنتكم، وافقرت الشعب، الساقية التي أحيتكم وقتلت الشعب .. إستحوا يا سدنة النفاق، واتقوا الله ..!!

* لا بد أن تعلموا أنه لم يعد هنالك مكان للرئيس الملهم، والرئيس الظافر، والرئيس القائد.. الذي يظن (أو يظن البعض ( إن الله قد وضع فيه الحكمة وحده، وعلى الشعب أن يطيعه بلا نقاش أو تأخير ..!!

* بل أن الجمهوريات الرئاسية نفسها على المحك، فالجماهير لم تعد تحتمل رؤية شخص واحد وظيفته (رئيس الجمهورية)، يمسك كل السلطات بيديه ويفعل بها ما يشاء، وليس على الباقين إلا السمع والطاعة، ولكنها يجب أن تشارك بشكل حقيقي وكبير في صياغة حياتها وصناعة القرارات، وعلى من يديرون شؤون الدولة تنفيذ ما يصنعه ويقرره الشعب، وليس ما يقرره من يجلس في البرج العاجي الذي يسمى بالقصر الرئاسي، ويحيط نفسه بالحراس والمنافقين الذين يحرقون له البخور ويسمعونه أحلى كلام ويقولون له .. (تمام يا ريس) ..!!
* من كان يصدق أن الشعب المصري الذي لم يثر على حاكم طوال تاريخه الطويل، سينتفض ويصبر ثمانية عشر يوما بلياليها على القهر والقتل والبلطجة والجمال والخيول والتخويف، ويقدم ثلاثمائة شهيد وألاف الجرحى، ويرفض كل الضغوط والاغراءات ويخلع أعتى رئيس عربي من منصبه، ويحقق نصراً عظيماً سيدرس في المدارس والجامعات ومعاهد الاستراتيجية ويكتب بمداد من ذهب على صفحات التاريخ لتتناقله الأجيال جيلاً بعد جيل؟!

* ومن يصدق أن الشعب الليبي الذي ظل صابراً على القهر أربعين عاماً، سيحمل السلاح ويقاتل ويقتلع (القذافي) الفاسد المفسد ويلقي به الى مزبلة التاريخ، قبل أن يلقي بنفسه في مصرف للمجاري ويحدث له ما حدث عندما وقع في يد الشعب، ومن كان يصدق أن حرق مواطن تونسي فقير لنفسه سيسقط أعتى دكتاتور عرفته تونس في تاريخها السياسي؟!

* يكفي أن الشعوب التي صنعت هذه التغييرات الكبيرة، حتى ولو لم تصل الى ما تصبو اليه من حياة كريمة وعيش وحرية وديمقراطية، تخلصت من قيودها على الأقل، ومارست النضال، وعانت القمع والموت وسفك الدماء، ولن تتورع أن تثور مرة ومرات من أجل الكرامة والحرية والديمقراطية والتغيير والعيش الكريم، وحتى لو أرغمتها بعض الظروف أن ترضى أو تقنع بوصاية حاكم لسبب أو لآخر، فسيأتي اليوم الذي لن ترضى فيه بوصاية حاكم آخر عليها، ولن تسمح بوجود الرئيس الملهم أو الرئيس القائد أو الرئيس الظافر، بل الرئيس الخادم، الذي يلبي آوامر الشعب عبر دستور ومؤسسات حكم يصنعها الشعب لتحقق رغبته في السيادة والحياة الحرة الكريمة، ويخلعه عندما يعجزعن ذلك ويأتي بغيره!!

* وبما أننا شعب معلم إقتلع حاكمَين دكتاتوريين بالتظاهر السلمي، وقدم الكثير من التضحيات والشهداء في هذا العهد البغيض، فسيأتي اليوم الذي ننطلق فيه ونسعى للتغيير الحقيقي، أبى المنافقون أم رضوا، بقي البشير أم ذهب!!
* ستشرق في بلادنا بإذن الله، وبإرادة هذا الشعب، شمس الحرية وسيشهد الوطن العزيز مرحلة التغيير الحتمية، التي ستتوج بدولة حرة ديمقراطية، ينزوي فيها الفساد والمفسدون والمنتفعون والمنافقون، وتسودها العدالة الاجتماعية والمساواة ويكون رئيسها خادماً للشعب وليس سيداً عليه!!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة


تعليق واحد

  1. صدقت و الله يا أبو الزهور .
    اذا الشعب يوما” أراد الحياة …….