منوعات

رحلة البحث عن «أوضة» لفتاة داخل فندق 3 نجوم: «ممنوع يا فندم.. بس لو فيه ورقة عُرفي أوكي»


«ممنوع يا فندم، مفيش غرف للبنات بمفردهم»، جملةٌ رد بها موظف الاستقبال بأحد فنادق العين السخنة ذات الـ3 نجوم، لفتاة كانت ترغب فى حجز غرفة بالفندق بمُفردها، ثم أنهى المكالمة، لتبدأ رحلة بحث طويلة عن غرفة بأحد الفنادق متوسطة السعر، بعيداً عن جنة الحالمين بفنادق الدرجة الأولى، والتى يتعدى سعر الليلة الواحدة بداخلها الألف جنيه، لكن رحلة البحث انتهت كما بدأت بجملة أخرى مُحبطة: «هنا فندق عائلات بس يا فندم، مابنحجزش لبنات سنجل».

ودخل «المصري لايت» رحلة بحث عن «أوضة» داخل بعض فنادق الثلاث نجوم لفتاة بمُفردها، فى بعض محافظات مصر، وبشكل عشوائى، بدأت من قَلب القاهرة، ثُم المحافظات الساحليّة، وحتى محافظات الصعيد، المعروفة بحِزمة من العادات والتقاليد الصارمة، للوقوف على حقيقة منع الفتيات أو السيدات أو حتى المتزوجات من حجز غرف بمفردهن، فى عام أطلق عليه الرئيس عبد الفتاح السيسى «عام المرأة».

البداية من قَلب القاهرة، وتحديداً من أحد فنادق منطقة «عابدين» التاريخية، بالقرب من ميدان الأوبرا، حيث أجرت مُحررة «المصرى لايت» اتصالاً هاتفياً بالفندق، لطلب حجز غُرفة بمفردها، فردّ موظف الاستقبال بنبرة لا تخلو من الغضب، قائلًا: «ممنوع يا فندم، مفيش غرف للآنسات لوحدهم»، والمبرر كان «دى تعليمات أمنية».

كانت تلك الجملة صادمة بما يكفى ليُخيم الصمت بعدها لثوانٍ معدودة، ربما شعر الموظف بما ارتكبه فيما بعد، فاعتذر وتدارك قائلاً: «الفندق للعائلات، ولابُد من وجود مرافق (أب، أخ، زوج، كده يعنى)».

ولأنّ القوس ظلّ مفتوحًا، سألته المُحررة عن إمكانية السماح للفتيات بقضاء ليلة فى الفندق، فى حال وجود «عقد زواج عُرفى»، للتحايُل على الموقف بأى شكل، فكان ردّ الموظف: «ما فيش مانع طالما العقد موثّق فى الشهر العقارى».

وفى محاولة أخرى، فى فنادق وسط المدينة، قالت مسؤولة الحجز: «لا مانع من الحجز طالما معاكى بطاقة إثبات شخصية»، قبل أن تستكمل كلماتها بعرض قائمة الأسعار التى تُقدر حسب إمكانيات كل غرفة وما تطل عليه، حيثُ يصل سعر الغرفة الجانبية إلى 250 جنيهًا، أما المطلة مباشرةً على شارع التحرير فتصل إلى 400 جنيه فى الليلة الواحدة.

«يعنى عادى الحجز لبنات لوحدهُم؟»، سؤال اقتطع جُزءا من حماس مسؤولة الحجز، لتؤكد أن «هُناك بعض الفنادق ترفض حجز غرف لفتيات بمفردهنّ».

وسردت الموظفة لمحررة «المصري لايت» موقفًا تعرضت له أثناء سفرها لإحدى محافظات الوجه القبلي، ورفض بعض مسؤولي الفنادق هناك تسكينها كونها فتاة بمفردها، رغم عملها بنفس القطاع، مشيرة إلى أنها «وبعد رحلة بحث طويلة، لقيت غُرفة داخل شقة مفروشة، لقضاء ليلة واحدة»، هي مدة إقامتها لإنجاز مهامها الوظيفية.

«لا غُرف لفتيات في الإسكندرية»، كان ذلك الردّ على طلب حجز الفتيات لغرف داخل فنادق الإسكندرية، المحافظة الساحليّة التى تبعُد عن القاهرة بمسافة تُقدر تقريبًا بـ 211 كيلومترًا، وتُعد العاصمة الثانية لمصر بعد القاهرة، فلا تختلف عنها كثيرًا في أنماط الحياة المفتوحة نسبيًا عن محافظات الوجه القبلي، ورغم ذلك، عدد كبير من فنادق الإسكندرية يرفض مسؤولوها إقامة فتيات بمفردهنّ.

وبالاتصال بأحد الفنادق الواقعة بمنطقة محطة الرمل، وافق موظف الاستقبال في البدء على الحجز، وعند علمه بطبيعة الأمر، ترّدد قليلاً وقال: «مفيش غرف فاضية، هنحط اسمك على قوائم الانتظار»، مؤكدًا أن «الغرفة السنجل سعرها إلى 180 جنيهًا في الليلة الواحدة».

ومن الإسكندرية إلى مدينة ساحلية أخرى، الإسماعيلية، سعينا أيضاً لحجز غرفة داخل أحد فنادق الدرجة الثالثة التى تقع وسط المدينة، فجاء رد مسؤول الحجز قائلاً: «ممنوع، عندنا مؤتمر إسلامى فى الفندق»، معتبراً أن «تواجد سيدات وفتيات بمفردهنّ داخل الفندق أمر غير مقبول، فى ظلّ وجود فعاليات مهمة».

وبعد مرور 15 دقيقة، عاودَ الموظف الاتصال مرةً أخرى، مؤكدًا إمكانية الحجز بشرط وجود بطاقة إثبات شخصية، مضيفًا أن «سعر الغرفة يتراوح بين 500 و700 جنيه، حسب طبيعة ومواصفات الغرفة».

«رحلات الشباب»، رد آخر مُقتضب عند السؤال عن غرفة داخل أحد فنادق الإسكندرية، ففي حال وجود رحلات للشباب داخل الفندق، تُمنع الفتيات من الإقامة بالفندق بمفردهنّ، وفي غير ذلك يتم السماح بتواجدهن لكن يتم التعامل معهن بـ«منطق السُلطة الأبوية»، أي «غير مسموح لهن بالسهر خارج الأوتيل لوقت متأخر، أو الجلوس في اللوبي، خاصة في ظل وجود شباب»، حسب حديث مسؤول الحجز.

وبالاتصال بأحد فنادق بورسعيد، الواقعة بالقُرب من منطقة المنشية، جاء الردّ كالتالي: «ممنوع الحجز لبنات لوحدهم، دي تعليمات أمنية»، حيثُ أكد الموظف أن تلك التعليمات أقرّ بها مالك الفندق «عشان متحصلش مشاكل، أما في حال وجود عقد عُرفي موثق، يتم تأكيد الحجز بشرط تواجد الزوج»، حسب حديث مسؤول الحجز.

وبمحاولة محررتي «المصري لايت» البحث عن غُرفة لفتاة داخل فنادق محافظات الصعيد، لم يُقابل الطلب بالرفض، بدءًا من سوهاج وحتى المنيا، بشرط وجود أوراق إثبات الشخصية للفتاة، وفي بعض الحالات يُشترط ضرورة إقرار أسباب تواجد الفتاة أو السيدة بمفردها.

ووصفت دكتور مايا مرسى، رئيس المجلس القومى للمرأة، رفض الفنادق تسكين فتيات بمفردهن بـ«الأمر المرفوض»، مؤكدة أن «الشروط التى تُقرها بعض الفنادق لتواجد أقارب الفتاة من الدرجة الأولى ليتم الحجز، أمر غير قانونى، ويكفى الاطلاع على أوراقها الشخصية وتسكينها، دون إقرار تلك الإجراءات التعسُّفية».

فيما قالت رئيس اتحاد نساء مصر، دكتور هدى بدران، إن «رفض بعض الفنادق لتسكين فتيات بمفردهن تصرف عشوائي وضد القانون، خاصةً فى عام المرأة 2017».

وتابعت: «كان ذلك يحدث منذ 20 عامًا، وكان لابد من وجود وثيقة زواج رسمية للمرأة، لكن الآن الأمر مرفوض، لأننا نحتفل بوصول النساء لأعلى المناصب، فكيف تحرم الفتيات من حقهن الإنسانى فى التنقل والعمل والسكن بمفردهنّ؟».

وأكدت «بدران» دعمها لجميع الفتيات حال تقدمهنّ بشكوى جماعية للاتحاد، وأنها ستقاضي الفنادق التى ترفض استقبال فتيات بمفردهنّ، قائلة: «لا يوجد أى نص قانوني يمنع فتاة من حجز غرفة فى فندق لقضاء ليلة فى محافظة أخرى لإنجاز مهمة معينة، سواء عمل أو جامعة».

وفي السياق نفسِه، علّق نائب رئيس غرفة الفنادق السابق، ناجي عريان، على رفض الفنادق حجز غُرف للفتيات تحت شعار «تعليمات أمنية»، بأنه أمر غير قانوني، واصفًا ما يحدُث بـ «ده كلام فاضي».

وأضاف أن القوانين تُعطي الحق للفنادق برفض الحجز، في حال المُشتبه بهم جنائيًا فقط، ويتم ذلك بالتعاون مع شرطة السياحة، مُشددًا على ضرورة تقدّم الفتيات ببلاغات رسميّة وشكاوى للجهات المُختصة على الفور في حال رفض الفنادق.

نورهان مصطفى و غادة محمد الشريف
المصري لايت